تاريخ حركة الحرية الكردية

تاريخ حركة الحرية الكردية

جميل بايك

في عام ١٩٨٢ كانت هناك حالة حرب بين الأحزاب الكردية في جنوب كردستان أي فيما بين كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني. قدمنا كل من الرفاق محمد قره سنغور وإبراهيم بلكين شهيدين ضمن هذه الحرب، لتكليفهما بمداخلة لأجل وقف هذه الحرب الدائرة. قبل توجه هذين الرفيقين إلى تلك الساحة، تم الحديث مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في ساحة القيادة، وبناء على طلبهم أردنا التدخل لإنهاء هذا الصراع فيما بينهم. لهذا السبب أبلغ القائد الرفيق عباس للتدخل في هذا الموضوع، لأننا لم نرى تلك الحرب لصالح الكرد وكردستان، أردنا التدخل لأنها كانت تخلق تخريبا في كردستان. بالإضافة إلى هذا فقد تمت بناء على طلب قسم من الأطراف المتنازعة. ومعظم الأطراف كانت تريد منّا أن نتدخل. على هذا الأساس أرسلنا مجموعة مؤلفة من أربعة رفاق، »فؤاد أصلان، محمد أرتورك، إبراهيم بلكين ومحمد قره سنغور « لقنديل للتدخل في تلك الفترة. أجروا بعض اللقاءات مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الاصلاحي وكانوا في طريقهم للالتقاء بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إلا أنهم وقعوا في كمين نصب لهم في الطريق، حينها استشهد الرفيق محمد قره سنغور والرفيق ابراهيم بلكين، وتم أسر الرفيقين الآخرين من قبل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. في تلك الفترة لم يرشدونا إلى المكان الذي تم فيه دفن الرفيقين الشهدين بالرغم من معرفتهم بالمكان.

ففي عام ٢٠٠٠ أي في الفترة التي سيطرنا فيها على تلك المنطقة أعلمنا القرويون بمعرفتهم المكان الذي تم فيه دفن الرفيقين »محمد قره سنغور وابراهيم بلكين « وعلى أثر هذه المعلومة قام الرفاق بإخراج جثمان الرفيقين ونقلهما إلى مقبرة الشهداء، أما بالنسبة إلى الرفيقين الأسيرين قام الحزب الوطني الكردستاني فيما بعد بإطلاق سراحهما وصرحوا بأنه قد حصل خطأ. حيث أن هذان الرفيقان برفقة القرويين وبعض من عناصر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قاموا بدفن الرفيقين الشهيدين. سعى كلا الحزبين لجرنا للحرب الدائرة فيما بينهما. حيث كان كل طرف يتهم الطرف الآخر بهذه العملية كي ننضم لهذه الحرب ضد الطرف الآخر. إلا أن القائد آبو أراد أن يصبح استشهاد هذين الرفيقين أساسا لوحدة الحركات الكردية، أي أن القائد تقرب من هذا الموضوع على هذا الأساس، فطور تحليلات عدة بهذا الخصوص في تلك الفترة. فالقائد آبو أرد أن يحول هذه الشهادة إلى أرضية تخدم وتخلق الوحدة بين الحركات الكردية كما كان يقوم بتحويل الاستشهادات الأخرى إلى أرضية لتقوية الحركة. بالطبع أن مساعينا لم تكلل بالنتيجة في هذا الإطار بل أن عدائهم لبعضهم استمر بأشكال أخرى حتى أنها توسعت لتشملنا أيضا.

في هذه المرحلة أي حملة تحول الحزبي الأولى كان النهج الإيديولوجي صحيحا وكان النهج السياسي والعسكري والتنظيمي والعملي متوافقا مع النهج الإيديولوجي بعض الشيء، فلو تم فهم ذاك النهج بالشكل المناسب ولو تم تسيير النضال وفق ذاك النهج بشكل قوي آنذاك كان بمقدورنا خطو خطوات قوية أكثر. بالطبع كانت هناك بعض الأخطاء والنواقص في فهم هذا النهج وتلبية متطلبات هذا النهج في وقتها. هذا الوضع تم معايشته لدى الكوادر حيث لم يتم فهم النهج بالشكل المناسب ولهذا لم يتم تأدية متطلبات النهج بالشكل التام. هذا الوضع خلق عوائق للحركة وساهم في معايشة بعض المشاكل التنظيمية. فالمشاكل لم تكن من ناحية النهج إنما كانت من ناحية عدم فهم الكوادر لهذا النهج بالشكل الكامل، فبالرغم من جهود القائد لتوعية الكوادر على هذا النهج وإزالة مواقف الخاطئة وحثه للكوادر على خطو الخطوات إلا أنه لم يستطيع أن يخطي بالكوادر الخطوات التي يريدها. لهذا السبب حازت المسألة الشخصية على أهمية كبيرة .لذا توقف على المسألة الشخصية بشكل اساسي، كون قضية الشخصية الكردية تعتبر قضية هامة. فإن لم يدرك الفرد هذا النهج بالشكل المطلوب ولم يطور الحقيقة ضمن هذا النهج، لا يمكنه القيام بتأدية المهمات التي حددها لنفسه. ولا يستطيع أن يقوم بإنشاء الاجتماعية التي يهدف لها. فالقضية الأساسية أو المشكلة الأساسية كانت المسألة الشخصية، لهذا السبب كان القائد يركز على هذه القضية. ففي حملة تحول الحزبي الأولى للحركة اتخذ حزب العمال الكردستاني استراتيجية الحرب الوطنية أساسا له؛ لكي يتمكن من تحديد مصيره ومصير الشعب الكردي. فتحديد مصير الشعب الكردي كان يرى في تلك الفترة في إنشاء دولة، دولة بروليتارية.

ومن أجل إنشاء هذه الدولة كان من الواجب تسيير حرب في كردستان، ومن الواجب أن تكون هذه الحرب طويلة الأمد لأن مفهوم الحرب كان بهذا الشكل. إن كنت تريد كسب نتيجة في الوطن من الواجب تسير حرب طويلة الأمد فمن دون هذا لا يمكنك وصول إلى النتيجة. انطلاقا من هذه القناعة تم تسيير العديد من الأعمال وبذلت جهوداً كبيرة. وبالارتباط معها كان يتم تسيير حرب طبقية أيضا.

أي كان يتم تسير حرب وطنية وطبقية معا وهدف كلا الحربين هو إنشاء دولة »دولة البروليتاريا «. إن كل التكتيكات والاستراتيجيات التي طورتها الحركة كانت على هذا الأساس. وكل الفعاليات العملية التي كان يتم تطويرها هي الأخرى كانت على هذا الأساس. هذا الشكل من النضال كان يخلق مشاكل ضمن حزب العمال الكردستاني، وكان السبب في ظهور المرض السلطة المبكرة من الناحية العملية وهذا الشكل كان يساهم في تطور العبد، ومفهوم السيد، في النضالات التي يتم ممارستها. لماذا كانت تتطور؟ إن تطور هذه المفاهيم كان نتيجة عدم فهم الكوادر للنهج بالشكل السليم. هذا كان أحد الأسباب أما السبب الآخر كان اتخاذنا لاستراتيجية إنشاء دولة أساسا كان يساهم في تطور وولادة مثل هذه المفاهيم. كما أن حرمان الإنسان الكردي من كل شيء، واستيلاء الاستعمار التركي على كل ما يملكه الشعب، وحالة الفقر التي يعيشها إنساننا، كانت تدفعه لأن يقوم بإحياء ما لم يستطيعه ضمن المجتمع والعائلة عيشه ضمن الحركة في هذه الفترة التي تسمح بذلك.

في فترة عميلة تحول الحزبي الأولى كان هناك من قام بلعب دورهم كالرفيق حقي قرار و كمال بير ومظلوم دوغان وخيري دورمش. فهم أدوا دورهم و قاموا بمهامهم في تلك الفترة. كما يمكننا القول بأن الرفيق محمد قره سنغور قام بتنفيذ دوره بشكل نسبي أيضا. أي أن هؤلاء الرفاق هم الذين قاموا بتأدية مهمتهم في تلك المرحلة.

بالإضافة إلى هذا كان هناك من لم يقوم بتأدية مهامه أو قام بتأدية نصف المهمة -في هذه المرحلة- وأعاقوا عملية تحول الحزبي، ودفعوها للخطر والتلاعب بنضال التحزب. من هم هؤلاء؟ أمثال شاهين، باقي، سليمان، سمير ,داوود، يلدرم مأركيت هؤلاء تلاعبوا بعملية التحزب وسعوا إفشال التحزب. بالطبع إن دور كل من فاطمة وبيلوت كان مختلفا قليلا، حيث تمحورت ادوارهم ومنذ البداية بإعاقة كل عملية تقوم بها الحركة. فالآخرون ربما كانوا قد قاموا بتقديم خدمة للحركة إلا أنهم تقربوا بهذا الشكل من الحركة في فترة التحزب هذه فقط أي أنهم لم يتقربوا من الحركة بهذا الشكل منذ بداية انضمامهم لها.

وفي نتيجة كل هذا أعاقة تطور عملية التحزب الأولى كما أرادها القائد آبو. ولم تحقق أهدافها بالشكل التام. ربما تم خطو العديد من الخطوات ضمن هذا الإطار وتم قطع أشواط أيضا، لكن عملية التحزب والكادرية التي هدف لها القائد لم تتطور وفق الهدف المحدد. حيث تم إفشال هذه الخطوات من بعض النواحي، هكذا تم تطوير حملة تحول الحزبي الثانية بالاستناد إلى حملة تحول الحزبي الأولى، فعملية تحول الحزبي الثانية كانت تهدف إلى تجاوز نقاط الضعف والأخطاء والجوانب السلبية التي ظهرت في عملية تحول الحزبي الأولى، لتحقيق حملة تحول الحزبي وخلق كوادر تمكنها من امتلاك النتيجة.

حملة تحول الحزبي الثانية بدأت بحملة ١٥ آب واستمرت حتى فترة المؤامرة الدولية. أراد القائد تطوير حملة تحول الحزبي الثانية بقفزة ١٥ آب. حملة الخامس عشر من آب كانت في الأساس حملة تحول الحزبي وحملة تحول ألى الجييش، أي أن كل من حملة تحول الحزبي وحملة تحول إلى الجيش ستكملان بعضهما البعض. فبقدر عملية تحول الحزبي كان من الواجب أن يتم إحلال عملية تحول ألى الجييش والعكس أيضا. كانت حملة تاريخية لبناء الاجتماعي في كردستان. حملة ١٥ آب كانت حملة كبيرة و قد تأخرت بعض الشيء وهي الأخرى ايضاً لم تتحقق كما أرادها القائد. رغم أنها لم تتطور كما كان يراد لها وتأخرها ووجود جوانب الناقصة فيها، إلا أنها كانت حركة تاريخية ضمن تاريخ الحركة وتاريخ المجتمع الكردستاني. لو تم تطوير هذه الحملة على أساس الذي كان يريده القائد لكانت لها دوراً مهماً بتغير تاريخ الشعب الكردي ومصير الشعب الكردي. حيث أنها كانت تهدف إلى هذا. فحملة ١٥ آب تطورت على أساس وصول ألى النتيجة التي خلقتها المقاومة التي أبديت في سجن آمد وكذلك النجاح في المقاومة والنضال الذي سيره القائد في منطقة الشرق الأوسط. تطورت على أساس الذي وضعه الرفاق الشهداء من كمال وخير ومظلوم ومن معهم.

طور القائد هذه الحملة بالاستناد إلى ميراث هؤلاء الشهداء من كل النواحي. أراد من خلال هذه الحملة إحياء هؤلاء الرفاق لإبدائهم رفاقية عظيمة للقائد كي يتمكن من ممارسة النضال في منطقة الشرق الأوسط. كسب القائد قوة النضال في الشرق الأوسط ضد الالتجاء والتصفية بالاستناد إلى تلك المقاومة وكسب النتيجة منها. كان القائد يجوابهم من خلال الإخلاص لرفاقيتهم وتأدية مهمته ومسؤولياته تجاههم. كان القائد يقوم بهذا عن طريق حملة 15 آب. المقاومة التي أبديت في سجن آمد تم تطويره من قبل القائد آبو بنضاله وعمله وجعلها أساسا ومسنداً لكل نضاله وأعماله لتطوير تلك الحملة.

كان للرفيق عكيد دوراً ومهماً في تطوير هذه الحملة من بعد القائد آبو لأنه حقق هذه الحملة على احسن وجه لقيامه بهذه العملية في منطقة أروه. شارك في هذه الحملة من كل النواحي من التخطيط والإشراف والإدارة ومن ناحية المشاركة العملية أيضاً. حيث كان للرفيق عكيد دور أساسي في نجاح هذه العملية أو الحملة إلى جانبه لعب كل من الرفاق مصطفى يوندام، محمد سفغات، عبدالله اكينجي، مصطفى اومورجان دوراً مهماً وأصحاب جهد في هذه الحملة لأنهم كانوا يديرون المجموعات المشاركة في تلك العملية التاريخية وهم الذين كسبوا النتيجة في تلك العمليات. لهذا السبب علينا أن لا ننسى الجهود التي بذلوها أبدا. كيف إنه كان هناك من قام بالنضال في حملة الخامس عشر من آب، كان هناك أيضا من حاول إعاقة وإفشال هذه العملية أيضا، ومنهما سمير وسليمان فعندما كانت الحركة مشغولة وكل دقتها على منطقة بوطان، سمير كان يقول « إن هذه الخطوة تؤدي إلى الموت !من يذهب إلى بوطان وهكاري يذهب إلى الموت « كان يريد تحطيم وكسر إرادة الرفاق، كي لا يتم خطو تلك الخطوة، إلا أن القائد بنضاله أفشل كل دعاياتهم وخلق إرادة قوية لدى الكوادر ووجه الكوادر إلى منطقة بوطان لأجل تحضير لتلك الحملة. سمير كان يقول »ليس لنا علاقات بتلك المنطقة، كيف سنقوم بالذهاب إليها وكيف بإمكاننا التمركز هناك وتطوير الكريلا، إن مجموعة علي عسكر توجهوا إلى تلك المنطقة ولكن تم القضاء على المجموعة ونهايتنا ستكون كنهايتهم.

أي أننا لا نستطيع أن نقوم بأي شي ضد الدولة التركية بهذا الشكل بل على العكس سيتم القضاء علينا جميعا. ونهايتنا ستكون كنهاية علي عسكر ومجموعته «. بهذا الشكل كان يريد أن يزرع الخوف بين الكوادر ويحطم إرادة الكوادر كي يمنع الكوادر من خطو تلك الخطوة. لكن قيام الكوادر بخطو تلك الخطوة كانت نتيجة نضال القائد ضد كل محاولات سمير وغيره الهادفة لإفشال هذه الحملة ولم يسمح لإرادة الكوادر أن تنكسر.

بقرار وإصرار كبيرين دخل الكوادر هذه المنطقة. بالإضافة إلى هذا كان هناك المواقف التي كانت تفرضها فاطمة في تلك الفترة. كان الرفاق منهمكين في التحضير لهذه الحملة وفاطمة بالتحديد في تلك الفترة كانت تفكر في طريقة تمكنها من خلالها أن تشغل الرفاق بنفسها.

وتتلاعب بأعصاب الرفاق، وكيفية إفشال هذه الحملة. حيث كانت تركز على وجه الخصوص على الرفيق عباس. كانت تتلاعب بأعصاب الرفيق عباس. لأنها نجحت في فقدان تأثير الرفاق الآخرين بعض الشيء.

لم تستطيع الوصول إلى الرفيق عكيد لأنه كان في منطقة بوطان، وكان الرفيق عباس المسؤول الأول من الناحية العملية، لهذا السبب ركزت على الرفيق عباس كي تمنعه من النضال. حتى أن الرفيق عباس وصل به الحال إلى أن يرسل رسالة إلى القائد بخصوص فاطمة أي حول الأعمال التي تقوم بها فاطمة حيث ذكر فيها »إن استمرت فاطمة بهذه الأعمال فمن غير الممكن أن يتم تسيير أي نضال «. وعلى هذا الأساس قام القائد باستدعاء فاطمة إلى منطقة تواجده. وكذلك كان هناك مواقف التي تمت باسم القيادة التكتيكية أو باسم القيادة العملية أو القيادة التنظيمية. لم تطور خطوة الخامس عشر من آب كما أرادها القائد آبو، كانوا يبدون مواقف خاصة، وكانوا يؤخرونها عن طريق تلك المواقف. حتى أنهم فتحوا طريق امام المخاطر أيضا. كما أنهم كانوا يقومون بالأعمال التي قام بها القائد مجدداً وكأن القائد لم يقوم بأي عمل في منطقة الشرق الأوسط، من إعداد الكوادر وتدريبهم. بهذا الشكل كان يتم إعاقة هذه الحملة حتى أنها وصلت إلى مرحلة كانت على وشك الفشل لولا مداخلة القائد لها. كذلك لم يقم ترزي جمال بعملية جاتاغ بحجة تأخر وصول نبأ هذه العملية إليهم، قمنا بالتحضيرات وتحركنا على أساسها إلا أننا لم نستطع إكمالها في الموعد المحدد لهذا السبب لم نقم بالعملية. لكن الحقيقة لم تكن كما ذكروه، إنما لم يريدوا القيام بتلك العملية لذا لم تنفذ تلك العملية. لأن نبأ هذه العملية وصلت إلى كل المجموعات التي كانت ستقوم بالعملية في الوقت المناسب والمحدد له. وكان هناك مجال واسع من الوقت للقيام بالتحضيرات، حيث تم تحديد يوم الخامس عشر من آب على هذا الأساس. كنا نريد أن يتم إكمال التحضيرات بشكل جيد جدا كي لا يتم معايشة أية حالات ضعف أو نقص وبدون التسرع. كوننا تأخرنا في هذه العملية لهذا السبب كنا نقول لا يشكل تأخيرنا بعض الشيء أي تأثير على الحملة المهم أن تتم الحملة بنجاح.

أي لو كانوا يريدون القيام بالحملة كان هناك وقت واسع. بالطبع إن ما قالوها كان عارياً من الصحة. حتى في تلك الفترة قام الرفاق بفتح تحقيق بخصوص هذا الموضوع إلا أن الرفاق لم يضغطوا عليه أي لم يجروا التحقيق معه بالشكل المناسب، قام بتبرير موقفه بتأخر وصول نبأ القيام بالعملية.

كان من الواجب على الرفاق أن يقوموا بمحاسبته إلا أنهم لم يفعلوا هذا، حيث اقتنعوا وقبلوا ما أفاده، لماذا؟ لأنه بعد قفزة الخامس عشر من آب كانوا يتوقعون أن تقوم الدولة بتكثيف وتشديد هجماتها و كل التدابير من الواجب أن تنحصر في كيفية التصدي لهذه الهجمات أيإتخاذ تدابير الدفاع، لهذا السبب لم يقم الرفاق بالتركيز على عملية تحقيق مع ترزي جمال بالشكل المناسب و اكتفوا بإرسال تقرير فقط .

عندما حققت قفزة ١٥ آب لم يتوقع أحد من أن تقوم الحركة بحملة بهذا الشكل. حيث أن الدولة التركية أيضا لم تكن تحسب حساب هذا وكذلك شعبنا أيضا لم يتوقع أن تقوم الحركة بحملة مثلها، كما أن الأحزاب التي كانت موجودة في تلك الفترة لم تتوقع هذا أيضا، وكذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني أيضا، حتى أن بعض من رفاقنا أيضا لم يتوقعوا أن يتم القيام بحملة تاريخية بهذا الشكل في تلك الفترة. حيث أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يعتقد بأننا لن نقوم بأية عمل من دون علمهم. حيث كان مفهوم الحزب الديمقراطي الكردستاني بهذا الشكل وفق إتفاقنا معهم. إلا أن الاتفاق المبرم لم يكن ينص على مادة بهذا الشكل وكما لم يكون لدينا مفهوما أو موقفا بهذا الشكل. بالطبع كان هدف الحزب الديمقراطي الكردستاني مختلفا من هذا الاتفاق. لهذا السبب كان يتحرك بذاك المفهوم. عند قيامنا بقفزة ١٥ آب لم يفهم الكثيرون ما الذي يحصل، لأنهم لم يكونوا يتوقعون حصول شي من هذا القبيل.

فالدولة التركية قالت في البداية إنها مجرد تمرد، مثلها مثل بقية الانتفاضات التي حصلت في التاريخ. فالدولة التركية تقربت من المسألة بهذا الشكل واتخذت تدابيرها على هذا الأساس واستمرت بها لفترة، ولكن بعد مضي فترة اتضح لها بأن الموضوع ليس كما كانت تظنه، بل أن الوضع مختلف يعبر عن تطور حركة كريلا ضدها. لقد فهمت الدولة التركية هذا متأخرا كثيرا، لهذا السبب كانت تدابيرها على أساس انتفاضة تقليدية في البداية.

الحزب الديمقراطي الكردستاني كان غاضبا كثيرا من هذا الوضع. أي قيامنا بتطوير حركة بهذا الشكل في الشمال. في تلك الفترة كان لهم مركز في روجان قاموا باستدعائي إلى هناك، لبيت دعوتهم وذهبت، في البداية قالوا لماذا لم تعلمونا بهذا الأمر، كنا قد أبرمنا اتفاقا فيما بيننا أي أنه من الواجب ومن الطبيعي أن تقوموا بإعلامنا بهذا، بمعنى أنكم لو كنتم أعلمتمونا بالأمر منذ البداية لربما كنا قد ساعدناكم أو نصحناكم بشيء بهذا الخصوص، بالطبع ومن خلال حديثهم هذا كان يتضح غضبهم من هذا الموضوع، بالطبع حدثت نقاشات فيما بيننا في تلك الفترة حتى أنها في بعض الأحيان كانت حادة جدا. لأنهم كانوا يعتقدون بأنه كان من الواجب علينا أن نعلمهم بهذا الموضوع قبل القيام به، حتى أنهم لم يكونوا يعلمون بالذي ننوي فعله بعد تلك الحملة لهذا السبب كانوا يقومون بتنبيهنا بأسلوب لطيف ولين، كي لا نقوم بأعمال أخرى، أي أنهم لن يقبلوا بأي عمل آخر نقوم به من دون علمهم، وأنهم على أساسها سوف يفسخون الاتفاق المبرم فيما بيننا. كانوا يقومون بتهديدنا علناً. إن تقرباتهم كانت على هذا الأساس، ففي تلك الفترة حدث نقاش حاد فيما بيننا، بعد ذاك الاجتماع قام إدريس البارزاني بدعوة كل من يعرفه في الشمال إلى منطقة روجان وعقد لهم اجتماعا وبعد ذهابهم إلى الشمال تحولوا إلى مرتزقة وحملوا السلاح ضدنا. فالسبب الأساسي لتطور المرتزقة في الشمال هم البرزانييون. لأن الذين تحولوا إلى مرتزقة في شمال كردستان كانوا من اصحاب البرزانيون الذين كانوا على علاقة وثيقة مع الدولة التركية، بالإضافة إلى هذا الدولة التركية استفادت من الأخطاء التي ارتكبناها وطورت المرتزقة. ماذا كانت أخطائنا؟ كنا قد سيرنا نضالا ضمن الشعب حتى مرحلة قفزة الخامس عشر من آب وكنا قد طورنا تنظيما هناك وكنا قد زرعنا أملا لدى الشعب .أثناء حملة الخامس عشر من آب توجه الشعب إلى الجبال في بعض المناطق كانوا يريدون أن يحاربوا إلى جانبنا. أي أن الشعب تجاوب مع النتيجة التي حققناها إلا أنه لم نكن جاهزين لمثل هذا الوضع، وحتى لم نكن نتوقع تطور وضع كهذا. لهذا السبب تم إرسال الجميع إلى بيوتهم وقلنا لهم بأننا سوف نقوم بعقد علاقة معكم. إلا أن الدولة قامت بإلقاء القبض على هؤلاء الذين أرسلناهم بتهمة خدمة حزب العمال الكردستاني، حيث كانون يقولون لهم « حتى الآن لم نقل شيئا بهذا الخصوص من الواجب عليكم من الآن وصاعدا أن تخدموا الدولة فإن فعلتم هذا سوف نقوم بالعفو عنكم وأن لم تقوموا بما نطلب منكم لن نسمح لأي منكم بالحياة «. بالتهديد سعي إلى فرض المرتزقة، وبهذا الشكل تحولوا إلى مرتزقة للدولة. كانوا كلهم ممن لنا علاقة بهم. إن هذه تعتبر من أحد أخطائنا. والسبب الآخر هو قيام إدريس البارزاني بتحويل كل الأشخاصالذين لهم علاقة معهم إلى مرتزقة، بهذا الشكل تطورت المرتزقة في كردستان. لو لم يقم إدريس بهذا العمل لربما لم يكن ليقبل الآخرون ما تفرضه الدولة التركية عليهم. و الذين كانوا سيقبلون ما تفرضه الدولة التركيةزعندما تخلى عنا المؤيدين لحزب الديمقراطي الكردستاني وحملوا السلاح -أي تحولوا إلى مرتزقة- حينها وصلت الدولة التركية إلى مآربها. لهذا السبب في مسألة التنظيم إما أن تقوم بالوقوف على مسألة التنظيم بالشكل التام أو ألا تقترب منه، هذه قاعدة أساسية في التنظيم. أي عندما تقوم بعمل تنظيمي فمن الواجب التطرق إليه بشكل جيد وإتمامه وإلا سيشكل خطرا كبيرا.

فإذا تطرقت إلى عمل تنظيمي ما ولم تكمله فبالتأكيد الدولة سوف تستفيد من هذا الوضع وتستغله ضدك. فالشرط الأساسي هو إما أن تتطرق له و لا تتخلى عنه أو ألا تقترب منه. حيث أننا عشنا هذا الوضع بشكل واضح بعد قفزة الخامس عشر من آب. بالطبع أن كل الحركات – حركات اليسار التركي أو الحركات الكردية- لم تصدق آذانيها قيام حزب العمال الكردستاني بحملة بهذا الشكل في هذه الظروف! فهم أيضا كانوا يقومون بإسناد هذه الحملة إلى بعضالعصابات أو قطاع الطرق، والبعض الآخر كان يقول بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الذي قام بهذه العملية أي أنهم لم يعطوا احتمالا بأن يقوم حزب العمال الكردستاني بهذه الحملة، حتى شعبنا أيضا لم يتصور أن نقوم بتطوير حملة كهذه في تلك الأوساط أو المرحلة. ربما كان رفاقنا في الجبال يشعرون بأننا سنقوم بشي ولكن الآخرين أي الذين كانوا في السجون والمناطق الأخرى لم يكونوا يعلمون بأننا سنطور حملة بهذا الشكل.

إن الكثير منهم بعد مضي فترة علموا بأن نحن الذين قاموا بهذه الحملة وإنها ليست مجرد بضع عمليات إنما هي بداية حملة جديدة. هذه هي خاصية القيادة و الحركة.

ما هي تلك الخاصية؟ هي قيام حزب العمال الكردستاني بأعمال في أوساط لا يتصور أحد حدوثها. حيث إن الأهم من كل هذا هو أنه في تلك الفترة الجميع كانوا يعتقدون بأنه تم القضاء على حزب العمال الكردستاني.  إلا أنه حصل العكس، حيث ظهر حزب العمال الكردستاني بشكل أقوى إلى الساحة.

هذه هي تلك الخاصية التي تحدثنا عنها. لهذا السبب إن حزب العمال الكردستاني خطت خطوات في مراحل يصعب خطوها. هذه هي خاصية هذه القيادة وهذه الحركة. حيث أن قفزة ١٥ آب كانت خطوة وانطلاقة بهذا الشكل. لم يكن أحد يتصور حدوث شي فقامت الحركة بتطوير حملة. عند حصول تلك الحملة تمت العمليات في كل من اروه وشمدينلي بنجاح ما عدا العملية التي كانت من المقرر أن تتم في جتاغ. وعملية أروه هي العملية التي تمت بنجاح كبير. حيث قام الرفيق عكيد ومجموعته بالسيطرة على منطقة أروه خلال فترة قصيرة، من كل النواحي كانت عملية ناجحة كثيرا وعملية منتصرة أيضا كما أن هذه العمليات تمت جميعها من دون تقديم خسائر. هذه العملية أكسبت الكوادر معنويات كبيرة والشعب أيضا. كما قلت إن الشعب في الكثير من المناطق انتفضوا وتوجهوا نحو الجبال للمحاربة والتقوا مع الرفاق إلا أن الرفاق ردوا عليهم ب »عليكم الآن التوجه إلى قراكم «، لو كنا خططنا لنهاية تلك العملية بالشكل الصحيح لو قمنا بإعطاء احتمال عدم إدراك الدولة لما يحصل وعدم دخولها ضمن حركة مباشرة وسينتفضالشعب بهذا الشكل أي لو كنا قمنا بإعداد مخطط على هذا الأساس، فبالتأكيد إن عدد قوات الكريلا بعد تلك العملية كانت ستتضاعف خلال فترة قصيرة جدا وكانت ستساهم في توسع دائرة الحرب أكثر، وكان بإمكاننا إحراز نتائج عظمية لان الدولة التركية لم تكن لها أية استعدادات في تلك الفترة، كما كان من الاحتمال ألا يتم معايشة المشاكل التي تم معايشتها فيما بعد. كما كانت ستساهم في تطور مسيرتنا للحرية وتاريخ الحرية بشكل مختلف. من هنا فإن عدم استفادتنا من هذا الوضع لخدمة الحركة واستفادة الدولة من ذاك الوضع كان أكبر الأخطاء بالنسبة لنا، كانت خطأ الإدارة العملية أي أنها كانت خطأنا. حيث لم يكن بالمستطاع تهيئة إمكانيات كتلك الإمكانيات من خلال النضال لأعوام. تلك الإمكانيات خلقت بعمليتي اروه وشمدينلي. لو كنا قمنا بتنظيمها كانت ستساهم في توسع حرب الكريلا أكثر. حتى أنه كان من المحتمل أن تعجز الدولة التركية على أحذ تدابيرها في تلك المرحلة. لأنها لم تكن مستعدة من هذه الناحية. أي كنا سنقوم بقطع أشواط كبيرة خلال الفترة التي لزمت الدولة التركية كيف تتفهم الأمر. وبهذا الشكل كان سيتطور التاريخ بشكل مختلف. بالطبع لا يمكن للفرد أن يقوم بعملية وتنظيم وما شابه من خلال الاستناد إلى الفرص فقط في عملية النضال، ولكن بالإمكان خلق الفرص كما خلقناه في حملة الخامس عشر من آب، أي أن إرادة الحركة تستطيع خلق الفرص وبالإضافة إلى ذلك بإمكان تلك الفرص أن تتحقق نتيجة حركات وتصرفات الدولة أيضا. كيف أن من خصائص الثوري عدم انتظار الفرص أي أن الثورية لا تكون بإنتظار الفرص، فهناك شي آخر في الثورية ألا وهي الاستفادة بالشكل الكامل من الفرص التي تخلقها أو التي تخلق من اجل تطوير الحركة. هذا الشيء أيضا يتطلب ثورية. حيث أنه في حال ولادة تلك الفرص وعدم قدرتك على الاستفادة منها بالشكل الكامل وأن لم تقم بتطوير الحركة من خلال الاستناد إلى تلك الفرص حينها ستتحول تلك الفرص إلى عوائق ومشاكل أمام نضال الحركة. خلقنا فرصة كبيرة بأيدينا ولكننا لم نستفيد من تلك الفرصة على العكس تماما قدمناها للعدو على طبق من ذهب كي تقوم بالاستفادة منها. في أي ظروف تطورت حملة ١٥ آب؟ تطورت حملة 15 آب في فترة الاستعمار الفاشي، في فترة نظام ١٢ أيلول. هذا النظام كان قد تلقى ضربة مميتة في سجن آمد، هناك في غياهب السجون قام رفاقنا بإلحاق هزيمة بالدولة الاستعمارية التركية بمقاومتهم الباسلة. كما قلت أن بداية نهاية النظام تمت في السجن بمقاومة الرفاق. ولكن في الأساس تعتبر بدأ بتلك البداية ووصولها إلى النهاية وفضح وتشهير وإنهاء هذا النظام والقضاء عليه تمت بقفزة ١٥ آب. إن حملة ١٥ آب هو الذي قام بهذا. لولا حملة ١٥ آب لم يكن بمقدور مقاومة آمد أن تقوم بالقضاء على ذاك النظام.

حملة ١٥ آب كان السبب في أن يقوم هذا النظام بتغير موقفه بسرعة. فبحملة ١٥ آب كنا بدأنا بحرب من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية. قفزة ١٥ آب فتحت طريق الديمقراطية والحرية والعدالة في كل من تركيا وكردستان. وكما حدت من التعذيب الذي كان يتم ممارسته، وحدَّت من عمليات الإعدام أيضا، وفتحت أبواب السجون. وإن إطلاق سراح كل من ديميرل وأجاويد في تلك الفترة ووصولهم إلى رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء تمت على أساس حملة ١٥ آب. كلهم مدينون للقائد آبو. لو لم يتم تلك الحملة لم يكن بمقدور أحد منهم الخروج من السجن وكان مصيرهم الموت في السجون.

اضطروا إلى إعادة فتح كل الأحزاب التي تم حظرها في تركيا مع حملة ١٥ آب، لماذا؟ كي لا تؤثر حملة 15 آب على المجتمع التركي أيضا، وكي لا يتوحد الشعب والديمقراطيين والمثقفين الترك مع الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني، لأن اتحادهم يعني نهاية النظام، لذا كان من الواجب عليهم ضمان الجانب التركي لصالحهم كي يصونوا صيرورتهم، ويتمكن من التصدي والوقوف ضد الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني. لهذا قامت بفتح كل المراكز والأحزاب والنقابات التي تم إغلاقها. وتم إطلاق سراح المعتقلين، كي يتمكنوا من إنشاء وحدة تركيا والمجتمع التركي ضد حزب العمال الكردستاني وضد حركة الحرية الكردستانية. لأنه لو لم يقوموا بهذا فان حملة ١٥ آب كانت ستتحول إلى حركة الشعب التركي أيضا. ليس الشعب الكردي فقط، كانت ستكون للشعب التركي أيضا.

حينها لم يمكن للنظام الاستعماري صون صيرورته، لأنه عندما تطورت حملة ١٥ آب كان الظلم والتعذيب منتشرا من دون حدود في تركيا أيضا. وتم اعتقال الشخصيات الديمقراطية والاشتراكية أيضا، وكانت التصفية تتطور، ولم يبق أمل لدى أحد، فالجميع كانوا يقولون لقد ذهب كل شيء لم يبقى أي شيء، وان النظام الفاشي كان على وشك تحقيق هدفه تدريجيا، لم يكون من المتوقع أن يظهر أحد ما ويقول لهذا النظام »كفى «، وأن يقوم بالقضاء على هذا النظام فلا احد كان يتوقع حصول مثل هذا الشيء. كانت الكآبة وافتقاد الأمل منتشرة بكثرة، فالكل كانوا يفتقدون إلى الأمل، لهذا السبب إن التصفية كانت تتطور بشكل قوي جدا. قفزة ١٥ آب حدَّت من تطور التصفية أيضا، وتحولت إلى أمل وفرحة وثقة وقوة المعرفة للجميع. إنها لم تعق عمليات الإعدام والتعذيب وأفراج عن المعتقلين في السجون فحسب بل تحولت إلى أمل الديمقراطية والحرية للجميع. حملة ١٥ آب ليست حركة عسكرية، قد يكون لها جانبا عسكريا ولكن الجانب العسكري منه يأتي في نهاية الجوانب الأخرى، من الواجب فهم قفزة ١٥ آب بالشكل الصحيح، فله الجانب الإيديولوجي ولها الجانب السياسي ولها الجانب التنظيمي ولها الجانب الثقافي ولها الجانب الأخلاقي ولها الجانب العسكري أيضا. أن تم فهم قفزة 15 آب بهذا الشكل حينها يكون تم فهمها بالشكل الصحيح. فقفزة ١٥ آب يعني خلق شعب من جديد من كل النواحي، إعادة إنشاؤها من كل الجوانب، فهي حملة شعب لاسترداد ما فقده. لهذا السبب هي حملة إنشاء مجتمع ووطن وإنشاء الإنسانية في كردستان، وإحلال الديمقراطية والحرية والعدالة في كردستان، حملة 15 آب هي عملية محاسبة كبيرة من النظام والاستعمار والمتواطئين. حملة ١٥ آب هي إعطاء المسار الصحيح للتاريخ، تصحيح التاريخ السائر بالشكل المعاكس.

ويعني قطع العلاقة مع الاستعمار بشكل واضح، وتحطيم الجسور الموجودة من كل النواحي، وهي إعلان إما الحياة الحرة أو لا للحياة التي تفرض بالقوة. قفزة الخامس عشر من آب تعني تطوير ثقافة وأخلاق وحياة ومجتمع وشخصية وقيادة جديدة في كردستان وعلى أساسه إنشاء مجتمع جديد. وهو يعني الإعلان عن الذات ولأول مرة في تاريخ الشعب الكردي بتحضيرات وبهدف وتطوير تنظيم عسكري.

إن تم الملاحظة لأول مرة أن الشعب الكردي عبّر عن ذاته بإرادته وتنظيمه لنفسه وتحديد أهدافه وتحقيق هذه الأهداف عن طريق العمليات. إن هذه كانت خطوة جديدة في تاريخ الشعب الكردي لهذا السبب كانت مهمة جدا. لذا قام البعض بتسمية هذا »قتل الذات بالرصاص « »الطلقة الأولى، الانتفاضة، التصدي للعبودية، وضع كل شي في خدمة الحرية…وغيرها من تسميات « كلها صحيحة. حملة ١٥ آب كانت إعلان الكريلا، وكانت تملك إمكانيات كبيرة لتحقيق النصر، لو كان لها التخطيط من بعد العملية بالشكل السليم كانت بإمكانها تطوير الكريلا، فقط رغم خطونا خطوة إعلان الكريلا من خلال قفزة ١٥ آب وبطلب وإصرار من القائد آبو إلا أن القيادة العملية لم تقم بخطو تلك الخطوة بإيمان وثقة، لهذا السبب رغم انها كانت خطوة الكريلا إلا أن القيادة العملية لم تراها على أنها خطوة كريلا ولم تطور الكريلا. لهذا لم تلعب دورها بالشكل المناسب لهذا ساهم في إعاقة خطوة الكريلا هذه، وحولتها كنوع من الدعاية المسلحة. حيث أنه من خلال قفزة ١٥ آب تم قيام بخطوة الكريلا وكان من الواجب تطوير الكريلا من حيث العدد والعدة. لهذا السبب كان قد تم خطو خطوة معاكسة بهذا الخصوص بعد قفزة ١٥ آب، هذه كانت السبب في عدم تطوير الكريلا، وأن القيادة العملية هي التي لم تقيم الفرصة التي خلقها والاستفادة منها لخدمة الحركة، بموقفهم هذا لم يقوموا باستخدام والاستفادة من تلك الفرصة، كانت فرصة تاريخية، من أجل تطوير الكريلا والحرب من كل النواحي، وحتى كان هناك إمكانية تحرير منطقة بوطان من بين تلك الفرص، لماذا؟ لأنه عند حصول تلك العمليات كان الاعتقاد هو أن الدولة التركية والجيش التركي سوف يقوم بحرق كل مكان ومن الواجب علينا في البداية أن نقوم بحماية أنفسنا ضد هجوم الدولة التركية وإفشال تلك الهجمات، وعند إفشال تلك الهجمات حينها تكون الحملة منتصرة ومن ثم يمكننا تطوير الكريلا فيما بعد، فالغفلة التي تم معايشتها تمت في هذه النقطة.

بالرغم من قولنا نظرياً بأننا سنتصدى لهذه الدولة ولفت الصفات المختلفة بالجيش إلا أنه وفي الأساس لم نكن نؤمن بتلك الأقاويل، لأن كل من الدولة التركية والجيش التركي قد عشش في ذهنيتنا مكانا عميقا. كان قد قام القائد بإجراء تحليلات حول هذه الدولة وهذا الجيش، ونحن كنا نتخذ من هذه التحليلات أساسا لنا ولكن اتضح بأنه أننا لا نتقبل تلك التحليلات كثيرا، بل نتقبل تلك الأشياء التي زرعتها الدولة التركية في أذهاننا منذ المئات السنين، أي كنا نعتقد بقوة الدولة والجيش التركي، وأنه لا يمكننا التصدي له، هذه النقطة كانت السبب في عدم قيامنا بالتخطيط والتنظيم لما بعد الحملة، لو كنا متخذين النهج أساسا لنا بحق ومؤمنين به ولو تحركنا وفق هذا النهج كنا قمنا بالتخطيط لما بعد 15 آب، لما نكن نتخذ من الدفاع أساسا بل كان علينا إتخاذ الهجوم أساسا لنا. لأنه نحن من كان في وضعية الهجوم، ونحن كنا أصحاب المبادرة، ونحن الذي من قام بإلحاق الضربة كان من الواجب علينا أن نستمر بها بهذا الشكل، أي كان من الواجب علينا أن نمنع العدو من لمِّ شمله، حيث أمسكناه من دون تحضيرات وكانت تعتبر فرصة كبيرة فلو كنا مستمرين بها كنا نستطيع أن نلحق بها ضربات أقوى، لم نقم بحساب هذا واتخذنا من المدافعة أساسا لنا، لهذا إن الهجوم الذي قمنا به والضربة التي أنزلنا بها وحالة الارتباك التي فرضناها عليهم بقيت من دون متابعة لم تدخل في خدمة الحركة، لكونها لم تدخل في خدمة الحركة. قام العدو بلمِّ شمله فيما بعد وقام باستهداف الحركة، أي قمنا بخلق تلك الفرصة للعدو.

كان لنا أسلوب خاص بالنضال إلا أنه لم نقم بتطبيق هذا الطراز أو الأسلوب من النضال بالشكل التام في حملة 15 آب.

كان من الواجب علينا أن نقوم بنفس الشيء بعد الحملة أيضا ولكننا لم نفعل هذا، لهذا السبب تلقينا ضربة كبيرة. إن ظهور العمالة فيما بعد وقيام الدولة بالهجوم على الحركة واخذ المبادرة تدريجيا وافتقادنا المبادرة و خسائرنا كبيرة ووصول الكريلا في عام ١٩٨٥ إلى مرحلة التصفية تقريبا، كانت مرتبطة بتلك النقطة. حيث أن الحملة التي بدأناها كانت من الواجب أن توصلنا إلى النصر وليس إلى التصفية كما حصل في عام ١٩٨٥ وكان بمقدورنا تحرير منطقة بوطان.

لاتخاذنا الدفاع أساسا لنا جعلت لأن نعيش وضع بهذا الشكل، من ناحية تطورت العمالة ومن ناحية أخرى قام العدو بلمِّ شمله والهجوم علينا من جديد، ولم يبقى شيئا إلا وتتعرض للتصفية. عند إعلاننا عن حملة ١٥ آب في نفس الوقت قمنا بالإعلان عن HRK أيضا. حيث أن هذا كان يعني إعلان كفاحاً مسلحاً ضد الدولة المستعمرة الفاشية، حتى تلك الفترة لم نعلن عن حرب مسلحة بعد بشكل رسمي، ربما قمنا ببعض العمليات إلا أننا لم نكن قد أعلنّا حربا مسلحا ضد الدولة والنظام بشكل رسمي. فبقفزة ١٥ آب وإعلان HRK أعلنّا الحرب المسلحة ضد الدولة بشكل رسمي. كان من المقرر أن يتم الإعلان عن ERNK إلا أن فاطمة لم تقم بإعداد بلاغ الإعلان، لأنها هي التي تسلمت تلك المهمة، لهذا السبب لم نقم بالإعلان عن ERNK هذا كان خطأً أيضا في الأساس، كان بالإمكان الإعلان عنه، أي صحيح أن البلاغ لم يكن جاهزا، كان من الواجب أن يتم تحضيره ولكن عدم إعلان ERNK بسبب عدم تحضير البلاغ كان خطأً، لهذا السبب تم تأجيل إعلان ERNK إلى نوروز عام ١٩٨٥ . كما هو معلوم تم الإعلان عنه في نوروز عام ١٩٨٥ من خلال بعض العمليات، كما تم في الإعلان HRK . أردنا أن نقوم بالإعلان عن ERNK عن طريق بعض العمليات النوعية حيث تم التحضير من أجلها كما تم تحضير التعليمات والبلاغ إلا أن الرفيق صبري أوك عندما كان يقوم بأخذ تلك التعليمات اعتقل في منطقة برواري، وبحوزته كل المعلومات، كانوا في منزل ضمن القرية تم الإبلاغ عنهم وعلى أثر الإبلاغ تم محاصرتهم واعتقالهم ، الدولة كانت على علم بأننا سوف نقوم بالإعلان عن ERNK في نوروز فقامت باتخاذ كافة التدابير، لهذا السبب تم الإعلان عنه بشكل ضعيف جدا، بعد قفزة ١٥ آب كما قلت كنا في وضعية المدافعة فالعدو لم يفهم الوضع في البداية ولكنه بعد مضي فترة فهم الوضع وفهم وضعنا وقام باستهداف الحركة والهجوم عليها مع التصفويين، وفي الأساس قام بالتحضير لعام ١٩٨٥ لأنه حتى فهم الوضع كان الشتاء قد حل لهذا كان العدو يحضِّر لأن يقوم بالهجوم على الحركة في عام ١٩٨٥ لإلحاق ضربة بالحركة، العدو كان في تحضيرات بهذا الشكل، أما بالنسبة إلى الوضع الذي كانت الحركة تحيها كانت تحوز على الأهمية، إن قدرة العدو على إلحاق ضربات بالكريلا وتقديمنا الكثير من الخسائر ولم يبق الكثير لأن يتم القضاء علينا كليا كانت مرتبطة بوضع الحركة ولم يكن لقوة العدو، لم يكن للحركة أي تحضيرات بهذا الشكل، إن الحركة من الناحية العملية لم تكن تقوم بتحضيرات ضد هجمات العدو، كانت منهمكة بالوضع الداخلي، كانت منهمك بوضع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لهذا السبب لم يتم الوقوف على هجمات العدو بالشكل المناسب، لم تتوقف بالشكل المناسب على كيفية تطوير التكتيك المناسب وكيفية تطوير العمليات المناسبة، فالعدو من جبهته كان يقوم بتحضيرات كبيرة، ففي المرحلة التي يقوم فيها العدو بتطوير التحضيرات ولا تقوم الحركة بالتحضيرات اللازمة بالشكل الجيد بالتأكيد عند هجوم العدو ستتلقى الحركة ضربات كبيرة، لهذا السبب تلقينا لضربات في عام ١٩٨٥ لم يكن نابعا من قوة العدو إنما كان السبب هو الوضع الذي كانت الحركة تحياها، والمشكلة التي كانت تعايشها في تلك المرحلة.

كان هناك وضع صلاح الدين جليك ضمن الإدارة العملية، قام الحزب الشيوعي بالهجوم على الحركة في تلك المناطق بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وصلاح هو الذي قام بتحريض الحزب الشيوعي ضد الحركة، كان يسعى إلى تجريدنا في حال دخول الحرب ضد الحزب الشيوعي حيث كان حزب من الأحزاب القسم الجنوبي لكردستان ولأنه توكل دورا ضمن الأحزاب الاشتراكية في منطقة الشرق الأوسط، ففي حال دخولنا حالة حرب مع هذا الحزب تستطيع أن تقوم بتجريدنا في تلك المنطقة. في تلك الفترة كان الحزب الشيوعي إلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني وكانت على علاقة وطيدة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكانت ضمن الجبهة الذي شكله الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي، كان الحزب الشيوعي بحاجة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني من العديد من النواحي، كما ذكرت بأن الحزب الديمقراطي كان غاضبا من قيامنا بحملة ١٥ آب حيث قام بتطوير المرتزقة في الشمال أما في الجنوب قام بتحريض الحزب الشيوعي كي تقوم بسوقها علينا لتجعلها وسيلة لمهاجمتنا، فتقوم من ناحية بتجريدنا ضمن الساحة الاشتراكية وكي تقول أنكم تقومون في منطقتي بمحاربة الحزب الشيوعي واعتبارها كحجة، لأنهما في جبهة واحدة للهجوم علينا وإلحاق ضربة بالحركة، فصلاح الدين جليلك انجر إلى تحريضاتهم، وانجر إلى ألاعيبهم حيث دخلنا في بعض المناطق حالة حرب ضد الحزب الشيوعي، وبعد اندلاع الحرب أي بعد أن قام صلاح الدين جليك بدفع الرفاق للمحاربة توجه هو الآخر إلى منطقة بوطان، أي ترك الرفاق في وضعية حرب، قام الرفيق عباس بمداخلة الوضع في آفاشين إلا أن الاشتباكات كانت قد بدأت حتى قيامه بالمداخلة، بعدها قام الرفاق بالتدخل بالموضوع وأوقفوا الاشتباكات.

فحزب الديمقراطي الكردستاني قام باستغلال تلك الاشتباكات واصدر قراراً ضد الحركة في الجنوب، أي عدم السماح للحركة بالدخول إلى منطقة الجنوب وامر باعتقال أي عضو من أعضاء حزب العمال الكردستاني في أي منطقة كانت من الجنوب، وقتلهم. هذا كان القرار الذي أصدره الحزب الديمقراطي الكردستاني. عقد صلاح الدين جليك علاقة مع رؤساء المرتزقة في برواري عند ذهابه إلى منطقة بوطان بخصوصتسليم نفسه للدولة التركية. إلا أنه تم إلقاء القبض عليه بمجموعة تم إرسالها من قبل الرفيق عباس.

كان الحزب الديمقراطي يخطو خطوات ضد حركتنا، منعت علينا منطقة الجنوب حتى أنها وصلت لمرحلة باتوا يخططون مع الحزب الشيوعي للهجوم على مجموعة من مجموعات حركتنا التي كانت متواجدة في منطقة حفتانين، فبعد وصول هذه المعلومات إلى يد الرفاق قاموا بإرسال هذه المجموعة إلى الشمال، لم يكن يعتقدون بأنهم سيقومون بالهجوم عليهم في تلك الفترة حيث أنهم كانوا يعتقدون أن العلاقات تدهورت قليلا وبإمكانهم البقاء في الجنوب رغم هذا والاستمرار بنضالهم. بعد التطورات التي تم معايشتها أي بعد الاشتباكات مع كل من الحزب الشيوعي واستخدام الحزب الديمقراطي هذا الوضع لبدء الهجوم على الحركة بدأت المخاطر تزداد، ففي تلك الفترة لم نقم بالتحضيرات اللازمة، كان من الواجب علينا نقل القوات الكبيرة إلى الشمال، لهذا السبب حلل القائد هذا الوضع وسماه بمغامرة ساري قاميش، أي أنه في تلك الفترة كان هناك احتمال أن يتم القضاء على قواتنا تلك كلها،ولم يتم التحضير لها في الشمال أيضا، لهذا السبب فالقوات التي انتقلت إلى الشمال لاقت مصاعب كبيرة، وعايشت مخاطر كبيرة، تم تقديم الخسائر في تلك الفترة، والخسائر كانت مع الربيع في عام ١٩٨٥ لأن القوات كانت مفتقدة إلى المعنويات. حيث أن وضع الحزب الديمقراطي الكردستاني والوضع الذي مرعليهم ووضع صلاح الدين جليك وغيرهم ودخول الشتاء من دون تحضيرات.

لذا دخلت القوات العام ١٩٨٥ من دون تحضيرات.لهذا تلقينا تلك الضربات. لاحظ القائد الوضع سيء وتوجه بانتقادات شديدة إلى الإدارة .إلا أنه رأى بأن الانتقادات لا تجدي نفعا أراد أن يوصل التعليمات والتحليلات إلى الكوادر والمقاتلين كي يتخلصوا من ذاك الوضع عن طريق الكوادر والمقاتلين.لكن رأى بأن تلك التعليمات والتحليلات لا تصل إلى الكوادر والمقاتلين، وأن وضع الإدارة تشكل العائق الأكبر وأن السبب الاساسي لتطور التصفية هي وضع الإدارة وتصرفاتها. ففي هذه الفترة قام القائد بتطوير بعض التدابير وقبل أن يقوم باتخاذه تلك التدابير عقد اجتماعا للرفاق في منطقة زاب.حيث ذهب الرفيق عكيد إلى ساحة القيادة لنقل نتائج تلك الاجتماع، حيث أن القائد توصل إلى بعض القرارات من نتائج الاجتماعات وآراء الرفيق عكيد. فقد قام بإرسال الرفيق عكيد مرة أخرى ومعه تعليمات في بداية ربيع ١٩٨٥ .

عند مجيء الرفيق عكيد حيث أنه أتى عن طريق طهران وصلت أخبار إلى الحزب الديمقراطي بهذا الخصوص، أي إن الرفيق عكيد آت بتعليمات جديدة من ساحة القيادة، وكي لا تصل تلك التعليمات إلى الحركة قام الحزب الشيوعي بنصب كمين أمام الرفيق عكيد، في منطقة بهدينان، في ذاك الكمين استشهد عدد من الرفاق كالرفيق صفقان والرفيق رياض وتمكن الرفيق عكيد الخلاص من الكمين بصعوبة. كانوا يريدون في الأساس قتل الرفيق عكيد كي يمنعوا وصول التعليمات التي أرسلها القائد إلى الحركة ووضع اليد على التعليمات، لأنهم كانوا يعرفون إن وصلت تلك التعليمات إلى الحركة فإن الحركة سوف تقوم باتخاذ بعض التدابير. حيث أن بداية اشتباكنا مع الحزب الشيوعي بدأت بهذا الشكل، لأنهم نصبوا كمين أمام الرفاق وقاموا باستشهاد الرفاق أيضا، فبنجاة الرفيق عكيد من ذاك الكمين ووصوله إلى الرفاق وإيصاله للتعليمات التي أرسلها القائد تم قيام ببعض الخطوات على هذا الأساس فيما بعد، ولكن هذه الخطوات لم تكن كافية من أجل وقف التصفوية المتطورة. وعندما رأى القائد بأنه لا يتم تطبيق التعليمات، أي أن الإدارة لا تقوم بتطبيقها ولا تسمح بوصول تلك التعليمات إلى القاعدة أيضا، قام باتخاذ قرار بهذا الخصوص، ألا وهو تجميد صلاحية الإدارة من الناحية العملية واستدعاهم إلى ساحة القيادة إلى الأكاديمية. حيث كان القائد يقوم بتحضيرات للمؤتمر الثالث. أي لخلاص من تلك الأوضاع عن طريق المؤتمر الثالث، وخلق إمكانية تطوير انطلاقة جديدة.

كان الرفيق عكيد في المركز أي في منطقة بوطان وكابار وأنا كنت في منطقة اورميا أما الرفاق الآخرين فقد قام القائد باستدعائهم جميعا، المركزيين والإداريين أيضا، بعد أن قام باتخاذ تلك التدابير قام القائد بإرسال بعض التعليمات ووصلت تلك التعليمات إلى الكوادر والمقاتلين وبدأ الوضع تدريجيا يسير نحو الأفضل، وخاصة في منطقة بوطان كان الرفيق عكيد يقوم ببعض العمليات هناك، وكان يتم إحياء لم شمل من جديد، ولم نكن نقدم خسائر كبيرة أيضا، كان من المقرر أن يتجه الرفيق عكيد إلى ساحة القيادة من أجل المؤتمر، إلا أنه وكما هو معلوم استشهد. ففي فترة استشهاده قمنا بفتح تحقيق بهذا الخصوص أيضا، حتى أني شخصيا ذهبت إلى منطقة الحادثة أيضا، لمعرفة كيفية حصول الحادثة حيث اتضح أنه لم يستشهد برصاص العدو بل كان برصاص أحد من المجموعة التي كانت معه، كان الأمر الذي يحوز على الأهمية هو هل تم ذلك بمعرفة أم عن غير معرفة ؟ لإثبات هذا، صحيح أنهم دخلوا ضمن الكمين الذي نصبه العدو ولكن المكان الذي كان يتواجد فيه الرفيق عكيد لم يكن مكانا معرضا لطلقات العدو أبدا. فمكان الحادثة كانت عبارة عن تلة، ذهب الرفاق في البداية ولكن بعد أن اتضح لهم وجود كمين تراجعوا فهؤلاء الرفاق لم يستشهدوا فالرفيق عكيد لم يكن قد صعد التلة، لهذا السبب من غير الممكن أن ينال طلقات العدو من الرفيق عكيد والشيء الآخر أن الطلقة التي أصابت الرفيق عكيد كانت قد أصابته من الخلف، هذا كان دليلا واضحا  على أنه استشهد نتيجة إصابته بطلقة من طلقاتنا، فالشيء المهم بالنسبة لنا كان هل تم هذا عن معرفة أم لا. صحيح أن التحرك كان في البداية على شكل رتل أي كان معلوما من كان في المقدمة ومن في المؤخرة ولكن بسبب التراجع تخبط الرتل ولم يعد معلوما من كان في البداية ومن في النهاية ولكن كانت تدور شبهات حول بعض الأشخاص بالتأكيد، ولكننا لم نستطيع أن نقوم بالكشف عنها، رغم كل محاولاتنا، كان هناك شاب كانت شبهاتنا تدور حوله وتم إرساله إلى ساحة القيادة بحجة التدريب أي كنا نعتقد بان القائد يستطيع أن يكشف عن هذا الموضوع بطريقة ما، إلا أنه قام بالانتحار هناك، لا نعلم هل قام بهذا من الخوف أم نتيجة عذاب الضمير الذي كان يعانيه نتيجة فعلته، لم يتضح هذا أيضا، حتى عند بداية وصوله تحدث القائد معه للتعرف عليه لهذا السبب يمكن أن يكون ندم على فعلته أي اكتشف أنه أخطأ لهذا قام بالانتحار أو أنه قام بهذا من الخوف. (لماذا أرسلوني إلى هنا إذا كان لهم شبهات حولي؟ وماشابه). ذاك الفتى كان من تلك المناطق وكان الأكثر قربا من الرفيق عكيد في رتل التحرك.كذلك شمدين ساكك هو الآخر كان قريب منه بالإضافة إلى فتى آخر، أي أن شبهاتنا كانت تتمحور حول ثلاثة أشخاص، لهذا السبب قلنا لنرسل هذا الفتى لان شبهاتنا كانت تدور بالأكثر حوله فان ظهرت أي معلومات من هذا الفتى عن الآخرين فيمكن معرفتها بسرعة، ولكن لقيام الفتى بالانتحار لم نستطيع أن نجزم بهذا الأمر، لهذا السبب لم يعطي ذاك التحقيق أية نتيجة.

بالطبع إن خسارة الرفيق عكيد كانت خسارة كبيرة بالنسبة لنا، عند استشهاد الرفيق عكيد قالت فاطمة للقائد »كنت تؤمن بعكيد، وها قد تم القضاء عليه، إذا ما أنت بفاعل الآن « قالت هذه الجمل للقائد، استشهاد الرفيق عكيد أثّر على القائد بشكل كبير، كالرفيق حقي والرفيق كمال  ومظلوم وخيري، كان يفكر مليا كيف بوسعه أن يؤدي ثمن رفاقيته له، كيف بوسعه أن يقوم بإحياء هذا الرفيق أيضا، وأبحاث القائد في تلك الفترة تطورت على هذه الأسس، في وضع كهذا قامت فاطمة بقول تلك الجمل للقائد، هي كانت تريد تحريضالقائد أو إن أمكنها التلاعب بإرادة القائد، لهذا السبب قالت تلك الجمل. كان للرفيق عكيد تحليلات عديدة في أرشيف الحزب حتى تم نشر بعض منها في الجرائد أيضا، تحليلاته شملت القادة والمقاتلين وطليعية الحزب، والأعمال التي يتم تسييرها. يقول الرفيق عكيد في إحدى تحليلاته » إن لم يتم تقوية هذه القاعدة من الناحية الفكرية والإيديولوجية حينها ستتطور العمالة لان أرضيتها قوية،  إن لم تقم الحركة باتخاذ التدابير سوف تتطور العمالة في طليعية الكريلا، وستشكل خطرا أيضا «. بالطبع إن الرفيق عكيد كأن يسيِّر حربا من ناحية ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن ناحية أخرى ضد الإدارة ومن ناحية أخرى ضد الأخطاء والنواقص التي تظهر في القاعدة.

الرفيق عكيد لم يكن يقبل الأخطاء والنواقصولم يكن يريد عيش معها أبدا، كان يتخذ من التحول الحزبي الإيديولوجية والتنظيمية أساسا له، كان يتخذ من تكتيك الحركة أساسا له. لم يكن يقدم تنازلات. لهذا السبب إن الاحتمال كبير أن من قاموا بهذه العملية وقتلوا هذا الرفيق،هدفهم كي يتمكنوا من تمرير العمالة براحة من دون عوائق. لان الرفيق عكيد كان يشكل العائق الأكبر أمامهم. كان يناضل ضد تلك المفاهيم وكان يطور تنظيم وعمليات الكريلا أيضا، وكان يطور التكتيك تدريجيا في منطقة كبار وبوطان، وكانت يتطور الكريلا. إنهم بعمليتهم هذه أرادوا أن يحدّو من هذا التطور، لذا مهمة جداً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى