تاريخ حركة الحرية الكردية

تاريخ حركة الحرية الكردية

جميل بايك

كان المؤتمر الرابع مؤتمر تقوية الكريلا، وكان هدفه تطوير الكريلا لهذا السبب سمينا هذا المؤتمر بمؤتمر الكريلا، لأنه أن تمكنا من تقوية الكريلا حينها بالإمكان تطوير السرهلدانات بشكل أقوى، فهذا كان الدور الأساسي لهذا المؤتمر، وعلى هذا الأساس تم اتخاذ القرارات والسعي لتطبيقها في الممارسة العملية، ففي عام 1991 ولأول مرة اتخذنا قرارا بخطو خطوة هامة من الناحية العسكرية ألا وهي إنشاء معسكر رئيسي، فحتى تلك الفترة لم يتم اتخاذ قرار كهذا، تم خطو هذه الخطوة وفقاً لقرارات المؤتمر وكان من الواجب إنشاء هذا المعسكر في منطقة بوطان بالإضافة إلى خلق جميع آلياته، فلتطبيق هذا القرار في الممارسة العملية توجهت إلى منطقة بوطان في ذاك العام، إلا أن هذا لم يتحقق بالشكل التام في منطقة بوطان، لهذا السبب سعينا إلى إنشاءه في منطقة حفتانين، فالهدف والقرار كان أنشاء المقر الرئيسي في منطقة بوطان وإنشاء مقر آخر تابع لهذا المعسكر في منطقة حفتانين، ولكن لدى عدوتي إلى حفتانين لم يقم الرفاق بالتوقف على مسالة إنشاء المعسكر الرئيسي في منطقة بوطان بالشكل التام لهذا سعينا إلى إنشاء المعسكر الرئيسي في منقطة حفتانين وتحويل المعسكر في منطقة بوطان إلى معسكر مرتبط بهذا المعسكر، ففي تلك الفترة استطعنا الحصول لأول مرة على جهاز لاسلكي «للمسافات الطويلة »، حيث اقتنى رفيق من كوباني جهازين وضع إحداها في ساحة الأكاديمية والأخرى أتى بها إلى منطقة حفتانين، حتى تلك الفترة لم نكن ندرك ونعلم ماهي طبيعة هذا الجهاز ولأي غرض يستخدم، لم نكن نقتنع بما يقوله عن هذا الجهاز بحكم المسافة الشاسعة بين المنطقتين أي بين منطقة حفتانين وساحة الأكاديمية في لبنان، حيث أن هذا الشخص هو الآخر لم يكن واثقاً من نجاح هذه العملية أي عقد الاتصال عن طريق هذا الجهاز، أتى بها للتجربة أي أن نجح الأمر حينها نقوم باقتناء أعداد أخرى من أجل المناطق الأخرى، قام بالاتصال بساحة الأكاديمية وبالفعل رد القائد عبر الجهاز، اندهشنا لهذا الأمر، فنوعية المكالمة كانت جيدة جداً، حينها عقد القائد اجتماعاً لكل الرفاق المتواجدين في منطقة حفتانين عبر هذا الجهاز، وعَلى إثر هذه التجربة طلب بأن يتم اقتناء أعداد أخرى من أجل المناطق الأخرى كزاغروس وبوطان وآمد وغيرها من المناطق، لأننا كنا نجد صعوبة بالغة في عملية الاتصال بهم، كانت تأخذ فترة زمنية طويلة تمتد إلى عدة أشهر، فبهذا الشكل انتشر استخدام هذه الأجهزة في كل المناطق، بالطبع تم الاستفادة من حرب الخليج بنسبة معينة، فلو كنا عملنا على تقوية وإكمال تلك التحضيرات بالشكل التام لكانت التطورات والمكاسب أكبر أيضا، ولكن رغم هذا الشيء استفدنا منها بعض الشيء أي حققنا بعض النتائج، حيث استطعنا تامين قسم من الحاجات العسكرية من أسلحة وذخيرة، كان هذا الشيء هاما بالنسبة لنا في تلك الفترة، إلا أن هذا أثر بشكل سلبي على بعض الأشخاص حيث بدأ يتولد لديهم نشوة النصر ويعتبرون أنفسهم أسياد على المناطق المسؤولين عنها، لهذا السبب كانوا يسعون إلى امتلاك أشياء لها مزايا وخصائص خاصة، بالطبع تم انتقاد مثل هذه التصرفات، أي أنه في تلك الفترة مع بدء توفر الامكانيات بدأ مرض السلطة المبكرة بالظهور بشكل سريع، لتوفر هذه الامكانيات طور صاري باران مفهوما ضمن قاعدة هذه الحركة، ألا وهو عدم الإحساس بالصعوبة التي تم معايشتها في سبيل تأمين هذه الامكانيات، أي الافتقاد إلى روح المسؤولية تجاه القيم المادية والمعنوية، لاقينا صعوبة بالغة للحد من تطور هذا المفهوم، فالشخص الكردي يفقد نفسه عندما يملك شيئاً نظراً للحرمان الذي يعيشه على الدوام يصبح جشعا، فتطور أمور جشعة كهذه في تلك الفترة لم يكن سببه سوء هؤلاء الأشخاص إنما لأنهم كانوا محرومين أي لم يروا أنهم يملكون اشياء من قبل، لهذا السبب لم يكونوا يعرفون كيفية التصرف بالإمكانيات التي يحصلون عليها، لهذا السبب كانوا يتصرفون بشكل خاطئ ولكن في الأساس لم يكونوا سيئين، عندما توجهت إلى أوروبا أيضا رأيت نفس الشيء هناك، بقيت في أوروبا فترة عام ونصف تقريبا فالأشخاص الذين كانون يعيشون ويحيون الجشع لم يكونون أشخاص من أوروبا إنما هؤلاء الأشخاص الذين أتو اليها من الخارج، أي هؤلاء الذين أتو من أفريقيا ومنطقة الشرق الاوسط، لأنهم كانوا محرومين من كل شيء وبدخولهم أوروبا يرون توفر الامكانيات لهذا يسعون إلى امتلاك كل تلك الامكانيات بالطبع لا يستطيعون امتلاكها جميعا، فلعدم استنادهم إلى أسس صحيحة وثقافة سليمة ومقايس ومعايير يحيون وضعاً كهذا ويصبحون جشعين، حيث أن الرفاق الذي انضموا إلى عمليات الإضراب عن الطعام في السجون يعرفون هذه الحقيقة بشكل جيد، أي بعد انتهاء العملية أن لم يقوم الشخص بالتحكم بكمية الوجبة سوف تؤثر عليهم بشكل سلبي وحتى تصل في بعض الأحيان إلى فقدان الشخص لحياته، فهذا الشيء بدأ يتطور لدينا نحن أيضا في تلك المرحلة، أي فقدوا السيطرة على أنفسهم عند امتلاكهم هذا القدر من الأسلحة بعدما كانوا يلاقون صعوبة في تامين قطعة سلاح واحدة، فهذا المفهوم طوره صاري بارن ضمن الحركة، هذا المفهوم مازال يبرز وجوده في بعض المناطق، حتى أنه في الآونة الأخيرة وفي بعض معسكراتنا الرئيسية يتم اقتناء بعض الأسلحة الخاصة من أجل بعض الاداريين، بالطبع أن العدو لاحظ تطور هذه الظاهرة ضمن الحركة لهذا السبب هو الآخر استفاد منها، أي كان يقوم باقتناص الأشخاص الذين يحملون الأسلحة الخاصة أثناء الاشتباكات، ولكن بعد مضي فترة على هذه لاحظ الرفاق أن هذا التصرف خاطئ وينجم عنه نتائج سلبية تم التخلي عن هذا المفهوم، فهذا المفهوم هو المفهوم الذي طور التصفوية داخل الحركة وبالطبع كان مفهوما خطرا للغاية، توقفا جليا على هذا الوضع والمفهوم المتطور، كأن يتم خلق روح المسؤولية لدى جميع الرفاق مقابل القيم المادية والمعنوية التي يتم خلقها، بالطبع حققنا بعض النتائج في حرب الخليج كما ذكرت آنفاً، وتم الاستفادة من الظروف والشروط المتطورة في تلك الفترة لتطوير الحركة وتقدمها، حيث أن ادعاء الدولة التركية التي تقول بأن هذه الحركة تطورت وتقدمت خلال حرب الخليج صحيح بعض الشيء، قمنا بتقوية الحركة من كل النواحي من ناحية الكريلا ومن ناحية السرهلدانات أيضا، حتى أن السرهلدانات التي تطورت في راأنيا في فترة الحرب تطورت من الجرأة التي اكتسبوها من حركتنا، لأن قوة الكريلا والسرهلدانات في شمال كردستان كانت تؤثر على الأجزاء الأخرى من كردستان أيضاً، حيث إنه لو لم يكن بهذا الشكل لما كان ستتطور سرهلدانات قوية بهذا الشكل حتى عند قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمداخلة الخليج في جنوب كردستان، فهذه السرهلدانات التي تطورت في الجنوب كانت نتيجة تأثير السرهلدانات التي تطورت في شمال كردستان والحرب التي خاضتها الكريلا، حيث أنها ساهمت في أن تكتسب المرتزقة الجرأة على القيام بالسرهلدانات ومن ثم انضم له الاتحاد الوطني الكردستاني فيما بعد، لهذا السبب لهذه الحركة دور كبير في التطورات التي حصلت في الجنوب ولا يمكن لأي أحد انكار هذا، ومن يقوم بإنكار هذا دليل على افتقاده للضمير، فالسرهلدانات التي تطورت في الجنوب كانت مرتبطة بالكامل مع السرهلدانات التي كانت تتطور والحرب الذي كانت تخوضها الكريلا في الشمال، لو لم يحدث هذا ما كان بمقدور الجنوب القيام بهذا العمل، حيث أن كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني كانا قد تركا أراضي الجنوب في عام 1988 ، و في عام 1991 عندما قام صدام بالهجوم لم يكن هناك أي شخص من الحزبين المذكورين، تطور حركة المرتزقة في الجنوب لم يستند فقط إلى الثقة بالولايات المتحدة الأمريكية فهذه الثقة اكتسبوها من حركتنا، حيث قبل أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمداخلتها أرسلنا صادق عمر وهو بدوره كان على علاقة مع هؤلاء المرتزقة في تلك الفترة، كنا نناقش مع رؤساء المرتزقة لم يكونوا سيئين، لهذا السبب فإن قيام المرتزقة بالسرهلدان في منطقة رانيا وقيام كل من صادق عمر وخالد باتمامها في منطقة زاخوا كانت نتيجة عمل ونضال حركتنا بالطبع، ربما يكون الاتحاد الوطني الكردستاني عقد علاقات معهم هناك فيما بعد وانضموا لهم، ولكن أن الثقة التي اكتسبتها المرتزقة كانت من هذه الحركة أي أن هذه الحركة اكسبتهم هذه الثقة، لأننا كنا نقوم بشرح المرحلة لهم على الدوام، كان صادق عمر لوجوده في منطقة كشان على علاقة مع المرتزقة كونه كان يتم تأمين الغذاء للعراق في هذه المنطقة بحكم الحصار المفروض عليه، فمرتزقة تلك المناطق كانوا يأتون إلى هناك والتقينا بهم جميعا وعقدنا معهم علاقات، فالجسارة التي اكتسبوها كانت مستندة إلى علاقتنا معهم ومناقشتنا معهم، أي لو لم نناقش معهم ما كان بمقدورهم خطو خطوة كهذه أبداً، ينبغي فهم كل هذه الحقائق بالتأكيد، عند قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتلك المداخلة لم تتصور أن تقوم حركتنا من الاستفادة من هذه المداخلة، ولكن بعد قيامها بالمداخلة اتضح لها بأن حركتنا استفادت من هذه المداخلة، وحتى أنها لاحظت بأننا نقوم بتقوية وتطوير الحركة في كلا الجزئين الشمالي والجنوبي من خلال الاستفادة من هذه المداخلة فرأت أنه إن لم يتم وضع حد لتطور حركتنا في الجنوب سوف تفرض حركتنا سيطرتها على الجنوب بالكامل حيث كانت ترى هذا بكل وضوح، لأن قراءة التطورات التي كانت تجري في تلك المرحلة كانت تشير أو تتجه إلى هذه النقطة، وهذا كان يشكل خطراً وتهديدا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية لأنها لم تقوم بالمداخلة من أجل أن يقوى حزب العمال الكردستاني، إنما كانت تسعى إلى تعظيم وابراز كل من الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، إلا أن حزب العمال الكردستاني كان يتطور وبتقدم اكثر نتيجة الظروف والشروط التي خلقتها هذه المداخلة، وعلى وجه الخصوص في أعوام حرب الخليج أي 1991 – 1992 كان حزب العمال الكردستاني يتطور بشكل ملحوظ وبات على وشك فرض سيطرته وتأثيره على كامل كردستان في كل الأجزاء وكذلك خارج الوطن أيضاً، وكانت الكريلا تقوى أكثر فأكثر وكذلك السرهلدانات أيضاً حيث كانت السرهلدانات تطور وتقدم الكريلا وكذلك الكريلا كانت تقوي وتطور السرهلدانات، وساهمت في خلق وحدة وطنية كردية، وكان نهج هذه الحركة يفرض تأثيره على كل الأجزاء الكردستانية ويفرض حاكميته فيها، حيث كان حاكماً بالشكل التام في الشمال وكذلك في غرب كردستان أيضاً، ربما لم يكن يتطور بالشكل الكافي في شرق كردستان ولكن كان تأثيره يتطور بشكل تدريجي وكانت تخطو الخطوات في جنوب كردستان باسم PAK حتى أن تنظيمه توسع لتطال إلى دهوك والمناطق المجاورة له، بالطبع هذا التطور كان يشكل تهديداً أي انه لو لم يتم الحد من هذا التطور لربما كانت ستساهم في أن يفقد الحزبين مكانتها في المنطقة التي نشا فيها كما في المناطق الأخرى، ربما كانت هذه المرحلة أو الفترة هي أول مرة يخلق فيها وحدة وطنية كردية، فهذا التطور كان يشكل خطراً وتهديداً بالنسبة للحزبين المذكورين وكذلك بالنسبة للمستعمرين والولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، لأن هذا التطور كان يحطم التوازن المتكون على اساس تجزئة وتقسيم كردستان، وكان يهدد النظام المتشكل، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتخذ من كردستان أساسا لها إلا أن هذه التطورات كانت تشكل تهديداً بالنسبة لها أيضاً، أي تحولت كردستان إلى أرضية مختلفة، لهذا السبب كانت تراها الولايات المتحدة الأمريكية تطورا خطرا جدا،ً ومن الواجب الحد منها، حيث أن الحد من هذه التطور كان عن طريق الحرب التي اندلعت في عام 1992 أي القيام بالمداخلة وتعتبر هذه مداخلة دولية بالنسبة لهذه الحركة، كما هو معلوم تطورت مرحلة السرهلدانات والتي بدأتها نصيبين في عام 1989 ، أي أن نصيبين هي من قادت هذه المرحلة، استشهد مجموعة من الرفاق في منطقة باكوك «بوزور حسين، سليمان أصلأن ورفاق آخرين » فنصيبين تبنت هؤلاء الرفاق إلا أنه هذا التبني تحول إلى سرهلدان بعد مهاجمة العدو لهم لتحطيم هذا التبني، وتوسعت لتشمل منطقة الجزيرة بكاملها، أي انه بهذا الشكل تطورت مرحلة السرهلدانات إلى جانب الكريلا، كانت مرحلة قوية بكل معنى الكلمة، فهذه السرهلدانات ساهمت بتقوية الكريلا من كل النواحي وفي نفس الوقت اكتسبت القوة من الكريلا وقوت نفسها، فهذه ساهمت في ولادة يقظة كبيرة وخلقت شكل نضال لدى الشعب الكردي، وتحطم جدار الخوف لدى الشعب الكردي، ساهمت في خلق نهضة وخلقت تأثيراً كبيرا في كردستان وفي الاجزاء الأخرى، اكسبت الشعب الكردي معنويات وثقة ومعرفة كبيرة، لم ينحصر تأثيرها ضمن نطاق شمال كردستان فحسب إنما توسعت لتشمل جميع الاجزاء الكردستانية أيضاً، لهذا السبب بقيت هذه الحركة وحيدة في ساحة كردستان، وبهذا الشكل تحولت إلى هدف يتم استهدافه من قبل الجميع، كان هذا تطورا جديدا في تاريخ كردستان، وكانت يقظة ونهضة جديدة، كانت نهضة تستند إلى الحيوية والتجديد، بالطبع أن تلك السرهلدانات لم تتطور من تلقاء ذاتها، فإن كانت قد تطورت في نصيبين وقامت نصيبين بقيادة هذه السرهلدانات فهي كانت نتيجة نضال القائد آبو والرفيقة «بنفش اغال » التي كانت تناضل في منطقة الجزيرة، كانت الرفيقة بنفش فتاة من الكرد الايزيديين، ولدت في ألمانيا أتت إلى ساحة القيادة تلقت فيها التدريب واتجهت إلى منطقة بوطان ومن هناك توجهت إلى جزيرة وهناك دخلت الفعاليات بين الشعب، متنت علاقتها مع الشعب في تلك المنطقة، كانت قد انضمت إلى فعاليات الشعب في غرب كردستان قبل أن تأتي إلى منطقة بوطان للتعرف على الشعب الكردي كونها ترعرعت في أوروبا، كانت رفيقة نقية جدا، فمن خلال شخصيتها ونضالها وأسلوب حياتها وأخلاقها أثرت بشكل كبير على الشعب، طورت في تلك المنطقة تنظيم الشعب، شكلت لجان، كانت تلك اللجان تقوم بإدارة النضال في تلك المنطقة وتطورها، هذه الرفيقة لم تحصر نضالها فقط في منطقة جزيرة إنما كانت توسع حلقة النضال لتشمل المناطق المجاورة لتلك المنطقة أيضاً، عقدت علاقات مع المناطق الأخرى كمنطقة نصيبين وامد وشرناخ، ربما كانت هذه العلاقات ضعيفة بعض الشيء إلا أن الدور الأساسي لعبته في منطقة جزيرة، ومن خلال العلاقات التي عقدتها مع القرى والنواحي المجاورة بدأت بخلق تنظيم هناك أيضاً، لهذا السبب أن النضال والكدح الذي قدمته هذه الرفيقة تعتبر مهمة في تطور تلك السرهلدانات، أي أن تطور تلك السرهلدانات بذاك الشكل في تلك المناطق كانت نتيجة نضال تلك الرفيقة، حيث أنه وكما هو معلوم أنها استشهدت في منطقة جزيرة، تبنى أهالي تلك المنطقة بالكامل استشهاد هذه الرفيقة وأبدوا الولاء لها، كما أن عملية استشهادها زادت من وحدة وتماسك الشعب في تلك المنطقة، وأثرت على المناطق المجاورة لها أيضاً، ففي تلك الفترة قام القائد آبو بإجراء الكثير من التحليلات والتعليمات بهذا الخصوص وكان قد أرسالها إلى الكثير من المناطق أيضاً، كان يخاطب الشعب فيها، « أنتم اصحاب هذه الحركة ولكم كل المسؤولية والمبادرة لا تنظروا الكوادر » لأن القائد كان يسعى إلى تطوير مفهوم جديد لدى الشعب، لأنه كان يقوم بالنضال بشكل مع الشعب في غرب كردستان، ويطور الشعب من كل النواحي، كان يسعى إلى أن يتوسع وينتشر هذا المفهوم ليصل إلى الشمال أيضاً، كي يحث الشعب على التحرك على هذا الأساس، ليتمكنوا من خلق تنظيم وعمليات الشعب والسرهلدانات، طور القائد آبو تحليلاته بخصوص السرهلدانات في تلك الفترة، حيث قام بتحليل السرهلدانات التي تطورت في تاريخ الشعب الكردي واسبابه وماهية النتائج التي اسفرت عنها تلك السرهلدانات وأسباب فشل او عدم نجاح تلك السرهلدانات وماهية الاسس التي ينبغي الاستناد إليها بالنسبة إلى السرهلدانات التي ستطور، وكان يعمل على ايصال تلك التحليلات إلى الشعب والكوادر، فتطور تلك السرهلدانات كانت نتيجة ذلك ولم تتطور من تلقاء ذاتها، بالإضافة إلى هذا قام القائد بإرسال بعض الكوادر إلى بعض المناطق لتطوير النضال فيها وهي الأخرى ساهمت في تطور تلك السرهلدانات أيضاً. من المعلوم تطورت السرهلدانات وتوسعت لتشمل شمال كردستان كلها، أي أنها تطورت في كل المناطق، لهذا السبب قام العدو بالهجوم وارتكاب الكثير من المجازر وتم إبداء الكثير من المقاومات العظيمة أيضاً، وقامت زكية آلكان باضطرام النار بجسدها في نوروز، وكذلك قامت الرفيقة رهشان باضرام النار بجسدها في ازمير فكل هذه العمليات كانت تكسب الشعب الكردي روحاً وكانت تعظم الشعب الكردي وتجعله حيوياً وتغيره من الناحية الذهنية وأسلوب حياته، ينبغي فهم هذا بالشكل الجيد، فهذا يعتبر تاريخاً هذا هو التاريخ بحد ذاته، لهذا السبب بدأت السرهلدانات في أواخر 1989 وصلت إلى ذروتها وتوسعها وشمولها في أعوام 1991 – 1992 ، ففي تلك الفترة ارتكبت مجازر وحشية أيضاً، كي يتم الحد من تطور هذه السرهلدانات، ويقطع علاقة وترابط السرهلدانات مع الكريلا، ويتم تحطيم التنظيم المتطور بين الشعب وشل تأثيره وتصفيته، فالدولة التركية أولت أهمية كبيرة لذلك، وخطت الكثير من الخطوات ضمن هذا الإطار.

يمثل عام 1991 – 1992 مرحلة هامة في تاريخ كردستان، حيث يمثل عام 1992 مرحلة الذروة للسرهلدانات والكريلا، وتعبر عن مرحلة احياء تطورات هامة في كردستان، وخلقت بالنسبة للشعب الكردي حيوية وحياة جديدة وفي نفس الوقت تعبر عن معايشة خطر كبير ينبغي الحد منه، لأن القائد بالاستناد إلى تلك التطورات سعى إلى تشكيل حكومة الحرب أيضاً، أجرى تحليلات بهذا الخصوص وطرح التوجيهات بهذا الخصوص أيضاً في تلك المرحلة، حيث أشار إلى ضرورة تشكيل برلمان وحكومة للحرب لأن التطورات التي كانت تعاش في تلك المرحلة كانت قد وصلت إلى تلك السوية، لهذا السبب قام القائد آبو في تلك المرحلة بمناقشة تشكيل حكومة للحرب، اي ماهية الأسس التي ينبغي أن تستند لها هذه الحكومة، لم يكتفي القائد بالنقاش حولها إنما طور وطرح التحليلات والتوجيهات المتعلقة بها أيضاً، والعدو لاحظ هذا أيضاً،، لأن نهج هذه الحركة ستفرض نفسها على كردستان بكاملها، وستتحول كردستان إلى أرضية لثورة شعوب المنطقة، وهذا بدوره يشكل تهديدا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وبالنسبة لللاستعماريين والخونة المتواطئين الكرد أيضاً، لهذا السبب من أجل الحد من هذه التطورات تم استهداف فعالياتنا في الجنوب بشكل قوي، أي اعتدءات كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني التي كانت تساندها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والدولة التركية.

تشكل في تلك الفترة برلمانا في جنوب كردستان، اتخذ هذا البرلمان قرارا وحيدا لا غير ألا وهو الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، وكان لجلال الطالباني دورا رئيسياً في اتخاذ البرلمان لهذا القرار، كانت للأطراف الأخرى أيضاً جهود تنصب في هذا المحور إلا أن الذي سعى وعمل على أن يقوم هذا البرلمان باتخاذ هذا القرار كان جلال الطالباني، هناك وثائق تدل وتكشف عن هذا العمل، فمن أجل أن تقبل الدولة التركية هذا البرلمان المتشكل التقى جلال الطالباني مع حكمت جتين عندما كان الأخير وزيراً للخارجية التركية في استراليا، عقدواً اجتماعا هناك وعلى اثر هذا الاجتماع صرح جلال الطالباني بأن حزب العمال الكردستاني حزب إرهابي، فجلال الطالباني كان أول من اتهم حزب العمال الكردستاني بالإرهاب، لأنهم كان قد اتفقوا بان تقبل الدولة التركية البرلمان المتشكل في هولير وأن يقف هو الآخر ضد حزب العمال الكردستاني، لهذا السبب اتخذ هذا البرلمان هذا القرار، فهذا البرلمان لم يتخذ أي قرار سوا هذا القرار وطبقه على أرض الواقع ومن ثم تشتت هذا البرلمان أي انه كان القرار الوحيد الذي اتخذه هذا البرلمان، قبل أن تندلع الحرب بقرابة شهر عقدنا مع حكومة الإقليم وبرلمانه اجتماعا وتوصلنا إلى قرار ألا وهو أن لا نقوم بمداخلة أعمال الجنوب وبالمقابل أن لا يتدخلوا هم أيضاً بأعمالنا، وان لا نسمح للمستعمرين بخلق الفتن بين الحركات الكردية، وأن نقوم بحماية بعضنا البعض، وان نقدم المساعدة والدعم لبعضنا البعض، عقد الاتفاق على هذا الأساس، وكنا نعتقد بأنهم سوف يتحركون ضمن إطار هذا الاتفاق، ولم يخطر ببالنا أن يشنوا الحرب علينا، لهذا السبب لم نقم بأي تحضيرات من أجل الحرب، وفي الخامس من شهر اكتوبر شن كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والدولة التركية حملة في كل من منطقة خاكوركى وزاب وخفتانين، اتضح لنا بانهم عقدوا هذا الاتفاق لخداعنا، ليشنوا الحرب علينا ونحن في غفلة في أمرنا وفي الحقيقة حصل هذا، عند رؤيتنا قيامهم بالتمركز في الكثير من المواقع وقاموا بمحاصرتنا من كل النواحي حينها أدركنا هذا، كنا محاصرين من الجنوب من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والى جانبه الدولة التركية وفي الشمال أيضاً كانت الدولة التركية تقوم بسد الحدود أمامنا، كان وضعا خطراً، لم نتوقع هذا ولم نتخذ أية تدابير بهذا الخصوص، حيث لم نجهز قواتنا من أجل هكذا وضع من الناحية العسكرية وحتى من الناحية اللوجستية.

كنت في هذه الفترة في منطقة متينا، أي عندما أتى الرفيق جمال إلى منطقة حفتانين انتقلت إلى متينا بتوجيه من القائد، كي نقوم بأعمال انشاء المعسكر الأساسي في منطقة متينا وليس حفتانين وبالإضافة إلى هذا التحضير لأنشاء حكومة الحرب، لهذا السبب توجهت إلى منطقة متينا، عندما بدأت الحرب كنت في متينا، ففي تلك المنطقة كنا قد بدأنا ببعض الأعمال من جديد، كنا نسعى إلى تحضير مكان الحكومة أيضاً حيث كنا بدأنا بتجهيز كهف من أجل هذا الغرض، فالقوات التي كانت هناك كانت قرابة 120 شخص فكانوا جميعا مقاتلين جدد سوى مجموعة صغيرة مؤلفة من خمسين شخص كانت لها القدرة على المحاربة، كنت قد اصطحبتهم معي من حفتانين لمتابعة الفعاليات التدريبية هناك، تجمعت فوة كبيرة قرابة 1200 رفيقاً في منطقة حفتانين كان معظمهم مقاتلين جدد، قسم منهم كانوا قد انهوا تدريباتهم، وقسم منهم كانوا يتلقون التدريب وقسم منهم لم يتلقوا التدريب، كانت عمليات الانضمام كثيرة في تلك الفترة وكانت على شكل مجموعات، لهذا السبب اصطحبت معي قرابة خمسين رفيقاً كي نقوم معا بتلك التحضيرات ومن ناحية أخرى كي يقوموا بالفعاليات التدريبية، فقوتنا النوعية الأساسية كانت في جوقورجا والأخرى في خاكوركى، فكانت القوات القديمة كلها في الجنوب ولم يكونوا في الشمال، لهذا السبب كانت هناك قوات قديمة ذات خبرة ومقاتلين جدد أيضاً، خاكوركى كانت تقوم باستقبال القوات من منطقة سرحد حيث كانت تبقي قسم منها في خاكوركى وتقوم بإرسال الأخرى إلى جقورجا ونحن أيضاً كنا نقوم بإرسال بعض المقاتلين الجدد إلى منطقة جقورجا ليتلقوا التدريب هناك أيضاً، في تلك الفترة كنا قد نظمنا أنفسنا على شكل معسكرين او مقرين رئيسين، في البداية كان هناك معسكر رئيسي واحد ولكن بعد عمليات الانضمام وتلك التطورات، وسعنا شكل التنظيم على شكل معسكرين رئيسين، إحداهما في خاكوركى والأخر في حفتانين، ففي الأساس كان المعسكر الموجود في حفتانين هو الرئيسي والموجود في خاكوركى كان مسؤولا عن مناطق زاغروس وسرحد بالكامل، ربما كان معسكراً تابعاً للمعسكر الرئيسي ولكنها كانت بمثابة المعسكر الرئيسي أيضاً، لهذا السبب كان هناك وجود للقوات القديمة لعدم تمركزها في الشمال اما بالنسبة إلى حفتانين فالقوات النوعية كلها كانت في الشمال، عندما بدأت حرب 1992 كان وضعنا بهذا الشكل، كانت هناك قوة كبيرة في خاكوركى وأخرى في جقورجا وأخرى في حفتانين، وفي تلك المرحلة كانت ثلث قواتنا في الجنوب تقريباً، فالقوات الأخرى كانت في الشمال موزعة على الايالات، عند قيامهم بالحملة ضدنا لم يقوموا بعد بمهاجمة متينا بالشكل الكامل ولكن كانوا قد قاموا بمحاصرة والدخول في كل من منطقة حفتانين وخاكوركى، وبعض المناطق في جقورجا، عقدنا اتصالاً مع تلك المناطق لأنه كان هناك تحركات في متينا أيضاً حيث كانوا قد جمعوا القوات في منطقة كانيا ماسي تحضيراً للهجوم على متينا، لأنهم كانوا على علم بأننا نسعى إلى إنشاء معسكر رئيسي هناك أيضاً، لهذا السبب أن الهجوم على تلك المنطقة كان شديدا،ً لم تكن كالمناطق الأخرى، إلا أن قوتنا في تلك المنطقة لم تكن كبيرة كانت بحدود 120 رفيقا فقط، قمنا بإخراج الرفاق القادرين على القتال من بين الرفاق ووكلت فرهاد بان يشرف على هذه المجموعة، وأشرت أن بإمكانهم التوجه إلى جقورجا في تعرضوا لصعوبات، ففي قلعة كومرية كانت لنا وحدة هناك أيضاً، اصطحبت الرفاق الباقيين معي إلى تلك المنطقة لإعلامهم على أن يستعدوا ويتخذوا التدابير اللازمة، ومن هناك توجهت إلى حفتانين، لأن الرفيق جمال هو الآخر كان قد أتى إلى تلك المنطقة منذ فترة وجيزة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، لأنه عند عقدي الاتصال مع الرفيق جمال هو الأخر أشار إلى حضوري إلى تلك المنطقة أن لم يكن هناك اية مشكلة في تلك المنطقة، لهذا السبب اتخذت هذا التدبير، توجهت إلى حفتانين، لم تنضم جقورجا إلى هذه الحرب أبداً، اما بالنسبة إلى منطقة خاكوركى دخلت الحرب لفترة ومن ثم توقفت عنها من دون علمنا، حيث قام فرهاد باللقاء مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني باسم حزب العمال الكردستاني، وأبرم اتفاقا معهم، هذا الاتفاق كان اتفاق الاستسلام، لم يكن لنا علم بهذا أيضاً، أي انهم بعد قيامهم بهذا قاموا بإعلام القائد والقائد هو الذي أخبرنا بهذا، حينها علمنا بان الحرب توقفت في منطقة خاكوركى وتم توقيع اتفاق، على أن نقوم بإفراغ الحدود كلها والتوجه إلى منطقة زلى.

منطقة حفاتنين هي المنطقة التي خاضت حرب 1992 حتى النهاية، وبالفعل خاضت حرباً عظيمة، بالرغم من أن قواتها كانت تتألف من المقاتلين الجدد يفتقدون إلى الخبرة والتجربة إلا أنهم تأقلموا بشكل جيد مع طبيعة الحرب، وبالفعل كان الرفاق يحاربون بشجاع ، كانت الدولة التركية تستخدم كل الأسلحة من طائرات هليكوبتر مدافع ودبابات وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني كانا يستخدمان كل طاقاتهم، إلا أنهم لم يستطيعوا دخول منطقة حفتانين، فجغرافية الجبال كلها كانت تحت سيطرتنا، أردنا أن ننظم أنفسنا ضمن هذه الحرب، من حيث توزيع المواد الغذائية وتنظيم الرفاق المتواجدين هناك على هذا الأساس، بالطبع تم معايشة مصاعب جمة في البداية ولكن بعد مضي فترة تم فرض الحاكمية بعض الشيء، لم يستطيعوا الدخول، تم ابداء مقاومة عظيمة، كنا نسعى لإيجاد طريقة لنقل الحرب إلى منطقة جيا سبي وزاخوا لتوسيع دائر الحرب، وكنا على ثقة تامة بقدرتنا على فعل هذا، حتى أننا كنا نقوم بتحضير بعض المجموعات الصغيرة للتسلل من خلفهم لتطبيق حرب الكريلا، لنلحق بهم بعض الضربات من الخلف أيضاً لكسر وفك هذا الحصار، لإخراج بعض القوات إلى منطقة زاخو وجياي سبي، وان أمكن الوصول إلى كارى، لتوسيع دائرة الحرب، ففي تلك الفترة بالتحديد عقد القائد اتصالاً معنا وشرح لنا الوضع أي أنه من الواجب ايقاف الحرب والتحرك وفق ذاك الاتفاق الذي أبرمه فرهاد، حتى تلك الفترة لم نكن نعلم بهذا الخبر، سعينا لإيجاد طريقة لأقناع القاعدة يهذا القرار، حيث كانت تشكل هذه المشكلة الأساسية بالنسبة لنا، لأننا كنا قد اشرنا إلى الرفاق إلى انه سوف نحارب وسوف نستمر بالحرب حتى النهاية وسوف نوسع دائرة الحرب اكثر، ففي الفترة التي كنت تدعوا فيها إلى هذا كيف بإمكانك فجأة بان تطلب منهم ايقاف الحرب، بالإضافة إلى هذا قدمنا بعض الشهداء أيضاً والجرحى، وهذه زادت من حقد ونقمة الرفاق تجاه الحزب الديمقراطي، فمن الصعب أن تقوم بإقناعهم على القبول بهذا الوضع، حتى تلك الفترة لم نعاني من اية مشكلة جدية، ربما عانينا بعض الصعوبات من ناحية معالجة الجرحى لنفاذ الادوية، لم نكن نستطيع تأمينها في ذلك الوسط، هذا كان يساهم في زيادة حقد ونفور الرفاق أكثر أيضاً، فهذا كان السبب الهام في خوضهم الحرب بجسارة كبيرة وقوة، لم يكونوا يهابون أي شيء، عند اتخاذنا هذا القرار عقدنا اجتماعاً لبحث طريقة اقناع الرفاق بهذا القرار، كي لا يؤثر عليهم بشكل سلبي، والنقطة الثانية كانت في أخذ التدابير كي لا تتعرض لضربات اخرى اقوى، صحيح تم ابرام اتفاق ولكن أن كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية لا تعيران أي اهتمام بهذا الاتفاق، على العكس كانت تزيد من حدة هجماتها أكثر، أي أنهم بالقوة التي اكتسبوها من هذا الوضع أي بقاء منطقة جقورجا خارج دائرة الحرب وقيام خاكوركى بإبرام اتفاق الاستسلام، زادوا من حدة هجماتهم على منطقة حفتانين، فبالرغم لتعرضهم لضربات كبيرة إلا أنهم كانوا يعاندون في الدخول ضمن مناطقنا، لم يكونوا يأبهون بالخسائر التي تلحق بهم، لأنهم اكتسبوا الجرأة من اتفاق الاستسلام الذي ابرمه فرهاد معهم، عقدنا الاجتماع كي ننقل هذا القرار إلى الرفاق بطريقة ما، كنا نعلم وبكل تأكيد انه سوف يؤثر بشكل سلبي على معنويات الرفاق، وسوف نتعرض لضربات أيضاً، لهذا السبب كنا نبحث عن سبل نتفادى فيها التعرض لضربات او تقليص هذه الضربات، والنقطة الثانية كانت البحث عن طريقة لإخراج الرفاق الجرحى من تلك المنطقة لعلاجهم، فبعض الجرحى كان لهم القدرة على المشي والبعض الآخر لا، كان يجب نقلهم عن طريق الأسدية، درسنا الوضع وسعينا إلى تطوير مخطط حينها قلت في ذاك الاجتماع حتى وان تم ابرام اتفاق لا يمكن الوثوق بهؤلاء، حيث أن الوضع واضح فهم لا يتراجعون عن أي هجمة على العكس تماما زادوا من حدتها أكثر، وان هؤلاء لا يعترفون ويقبلون بأي اتفاق، انهم يريدون الاستفادة من هذا لإلحاق ضربات بنا، لهذا السبب علينا أن لا نسلم أي رفيق اليهم حتى وان كان جريحاً، قلت هذا كي يستخدم الرفاق كل امكانياتهم من أجل اخراج الرفاق الجرحى من تلك النقطة بسلام.

بالطبع وضعنا مخططاً على أن يقوم الرفيق جمعة برليكي بأخذ مجموعة معه متوجهاً إلى جودي حيث كانت المجموعة تضم أكثر من 250 رفيقاً، ويصطحب الرفيق جمال مجموعة معه بالإضافة إلى الرفاق الجرحى نحو جياي سبي لإخراج هؤلاء الرفاق الجرحى إلى سوريا، وأنا اتوجه إلى الشمال برفقة مجموعة إلى منطقة تنين، وعلى مجموعة أن تتمركز على جميع تلال كاشيشى حتى خروج تلك المجموعات من تلك المنطقة لحماية الرفاق اثناء خروجهم من المنطقة، فبعد أن يتاكدوا من خروج كل المجموعات بإمكانهم الخروج من بعض التلال والتمركز ضمن المنطقة، طورنا المخطط على هذا الاساس، بالإضافة إلى هذا أن المخطط الثاني الذي اتخذناه أساسا لنا هو أن لا نترك او نخلي هذه المنطقة بالكامل، مهما يكن شكل الاتفاق لن نقوم بإخلاء هذه المنطقة بالشكل الكامل، لهذا السبب وفي تلك الظروف قررنا تشكيل بعض الوحدات وحدات نوعية التي لها القدرة على المحاربة والتحرك في كل الظروف والشروط والبقاء في تلك المنطقة مهما كانت الشروط والظروف، اي أن تتكون هذه الوحدات من رفاق نوعيين، لأنه سوف يتم معايشة وملاقاة مصاعب جمة، لأن اخلاء المنطقة والتوجه إلى زلى تشكل خطراً كبيراً بالنسبة لنا، لهذا السبب لم نقبل هذا الاتفاق، كان الرفيق جمعة برلكي مع مجموعته توجه إلى منطقة جودي، ونحن توجهنا إلى كشان لنعبر من خلالها إلى منطقة تنين حيث كانت المجموعة التي سأوصلها إلى تلك المنطقة الأكبر، كنت قد قمت بإيصال تلك المجموعة إلى تلك المنطقة وتمركزنا هناك، إلا أن الرفيق جمال حاول العبور بين منطقتين باطوفا وكيري إلا أنه لم يستطيع العبور، حيث كانت مجموعتهم ثقيلة الحركة لوجود الرفاق الجرحى معهم، دخلوا الاشتباك إلا أنهم لم يستطيعوا كسر الحصار والعبور، لهذا السبب عادوا ولأنهم لم يستطيعوا العودة إلى مكانهم السابق هم أيضاً توجهوا إلى منطقة كشانى، عانوا مصاعب جمة في الطريق لهذا السبب تركوا بعض الرفاق الجرحى ذوي الجراح البالغة في مكان آمن على الطريق، فيما بعد قمنا بإرسال بعض المجموعات من أجل إحضار هؤلاء الرفاق، قمنا بإعادة توزيع الرفاق في تلك المنطقة، ولا سيما كنا قد اعلمنا تلك المجموعة التي كانت تتمركز في منطقة ديرا شيشى بان يتركوا تمركزهم بعد خروج المجموعة من المنطقة في حال تعرضهم لضربات قوية كي لا نتعرض للخسائر، هم أيضاً قاموا بترك بعض الخنادق والمناطق، بالإضافة إلى تحطم معنويات الرفاق أن هذا التوتر ساهمت في تعقيد المسالة أكثر، ففي تلك الفترة عايشنا مخاطر كبيرة والخسائر الأساسية تم تقديمها في تلك المرحلة حيث أنه في تلك الفترة تعرضنا لأشد الهجمات بالطائرات والمدافع والدبابات بالإضافة إلى البيشمركة أيضاً.

عقدنا اتصالاً مع القائد مرة أخرى وأشرنا إلى عدم التزامهم بالاتفاق وانهم يقومون بالمناورة، واننا سوف نستمر، على اثرها كان قد قام القائد بالمداخلة عن طريق فرهاد لأنه هو الذي أبرم الاتفاق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني كي يلتزموا بالاتفاق، بعد هذه المداخلة قام الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بفتح ممر في كشانى كان ممراً ضيقا كي تمر قواتنا من هناك إلى زلى حيث أن الاتحاد الوطني الكردستاني اشار إلى انهم يتكفلون المسؤولية ولن يسمحوا للحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية بعمل أي شيء، أي انهم اشاروا إلى انهم قاموا باتخاذ كل التدابير الواجبة من أجل استلام الرفاق ونقلهم إلى زلى بشكل سليم، حينها اتخذنا قرارا بان يتم ارسال الرفاق المرضى والجرحى والمقاتلين الجدد إلى منطقة زلى، ففي تلك الفترة قمنا بإرسال قسم من الرفاق، قمنا بترك خمس وحدات في مكان تمركزها والقوة الأخرى خرجنا إلى الشمال، حيث خرج الرفيق جمعة برلكي عن طريق جبل جودي وأنا من منطقة تنين، بالطبع عند خروجنا إلى تنين تعرضنا لعاصفة مطرية كان في اواخر الخريف في الشهر الحادي عشر، ومن ثم تعرضنا لعاصفة ثلجية أيضاً، فهذه الأخرى أثرت على معنويات الرفاق بشكل كبير، لاقينا صعوبات جمة حتى وصولنا إلى كلا ممى، بالطبع أن كل من الجوع والبرد والافتقاد إلى المعنويات أثرت على الرفاق بشكل كبير، فالافتقاد إلى المعنويات كانت المشكلة الاساسية لأنه يمكن للمرء تحمل التعب والجوع والبرد، إلا أنهم لم يكن بمقدورهم قبول هذا الوضع، حتى كانوا يسألون لما لم تستمروا بالحرب، ولا سيما كانت المبادرة بأيدينا وكنا نبدي مقاومة عظيمة ولم ندعهم يدخلوا مناطقنا أبداً، كان من المفروض أن نوسع دائرة الحرب لتشمل المناطق التي تقع خارج حفتانين أيضاً.

بالطبع قبل أن نتوجه إلى تلك المنطقة كنت عقدت اتصالاً مع بوطان وأعلمته بحضورنا إليهم برفقة مجموعة كبيرة كي يتخذوا التدابير الواجبة اتخاذها من أجل سلامة الطريق، وأن يقوموا بتأمين المواد الغذائية أيضاً، فالرفاق كانوا قد قاموا بتحضير بعض الأمور، بتلك التحضيرات وصلنا إلى منطقة بستا، ولم نقدم اية خسائر في الطريق في تلك الفترة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرفيق جمعة برليكي أيضاً، أي خرجت كل المجموعات التي كان من المقرر خروجها من تلك المنطقة وبقيت الوحدات التي تم الاتفاق على أن تبقى في المنطقة أي لم يتم ترك المنطقة، كما أخبرنا كل من منطقتي جقورجا وخاكوركى بأن لا يتركوا المنطقة، ففي تلك المناطق أيضا قام الرفاق بإرسال بعض المجموعات إلى زلى وتمركز قسم منها في المنطقة، أي اننا لم نقم بإفراع الحدود أبدا،ً لأننا لو قمنا بذلك كان سوف يشكل لنا تهديدا وخطراً كبيراً.

كان الهدف من تلك الحرب كسر وتحطيم إرادة الحركة كي يتمكنوا من فرض الاستسلام عليها، لم يستطيعوا كسر إرادتنا ولكن خلقوا عوائق كثيرة أمام الحركة بتلك المداخلة، وبهذا الشكل ألحقوا ضربة قوية بالحركة من هذه الناحية، أي لو لم يقوموا بتلك المداخلة لما كنا سنعايش المشاكل التي نحييها الأن، أن كنا نعايش هذه المشاكل في يومنا الراهن فللمداخلة التي تمت في عام 1992 لها النصيب الأكبر في ذلك، لهذا السبب أن كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني مذنبين في هذا الموضوع، من الواجب أن لا يتم نسيان هذا ابدا،ً أي لو يقم كل من الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بتلك الخيانة في تلك الفترة لما كان بمقدورهم إعاقة والحد من تلك التطورات في تلك المرحلة، وكان سيساهم في أن يتغير مصير الشعب الكردي في يومنا الراهن، كان سيتم إحياء وضع مختلف في كردستان، هذه حقيقة، أن كنا نعاني من هذه المشاكل والآلام في يومنا الراهن هي مرتبطة بالحرب التي اندلعت في عام 1992 وبخيانة كل من الديمقراطي الكردستاني الاتحاد الوطني الكردستاني، من الواجب على كوادر هذه الحركة وعلى الشعب الكردي أن لا ينسى هذه الحقيقة أبداً، ربما كان الحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية هما اللذان يقوما بالمحاربة، ولكن القوى التي كانت تساندها وتقدم المساعدة لهم كانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، فتلك المداخلة كانت مداخلة حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، كانت مداخلة دولية وكانت تهدف إلى الحد وإعاقة هذه التطورات، وإلحاق ضربات بهذه الحركة، وكسر إرادتها، وفرض الاستسلام عليها، حققت هذه المداخلة قسماً من أهدافها ولم تحقق قسماً منها، نعم حدت من تطور التطورات الحاصلة، ولكنها لم تنجح في تحطيم وكسر إرادتنا، لم يستطيعوا فرض الاستسلام علينا، ولكن استطاعوا أن يفرضوا الاستسلام على فرهاد، حيث كان قد فقد ثقته بالاشتراكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لهذا السبب فقد ثقته بالقائد، في حرب عام 1992 فقد ثقته بالكريلا والشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني تماماً، لهذا السبب قام من دون علم الحركة والقائد بعقد اتفاق معهم، أي أن فرهاد بدأ يثق بالولايات المتحدة الأمريكية وجلال الطالباني ومسعود البرزاني، وكان يرى في نهجهم وقيادتهم الحل، وليس في نهج القائد آبو وحزب العمال الكردستاني والكريلا، حيث كان قد كتب بعد الخيانة التي ارتكبها أن مشكلته مع القائد بدأت بعد عام 1991 هذا صحيح؛ إلا أنه هناك بعض النقاط الناقصة، أن مشكلته بدأت في عام 1986 في المؤتمر الثالث، أي في تلك الفترة تولد رد فعله مقابل القائد آبو، ردة الفعل هذه تطورت في عام 1991 حيث فقد ثقته بالاشتراكية والقائد آبو، وفي عام 1992 وصلت إلى ذروتها لهذا السبب قام بهذه الخطوة في حرب عام 1992 ، لهذا السبب عند ذهابه إلى زلى تصدى للقائد آبو، كان يقول أنه على صواب وان القائد آبو هو المخطئ في هذا الموضوع، وقال من الواجب أن اصبح قائد هذه الحركة والحزب، حتى أن كل من جلال ومسعود والاعلام التركي بداوا بمساندة هذا الطرح أي أن الحل لا يكمن في النهج الذي يتبعوه القائد آبو وحزب العمال الكردستاني والكريلا، وبهذه الطريقة دفعوا به لأن يقوم بمواجهة القائد بشكل واضح، لم يكن له تلك القوة حيث كان يسعى إلى هذا عن طريق القوة التي كان يكتسبها من كل جلال الطالباني ومسعود البرزاني، فهم كانوا يمثلون قوة فرهاد حيث أنهم من حثوا فرهاد على أن يقوم بخطو تلك الخطوة، ظناً منه أن هذه الحركة بعد هذ الحرب ليس لها القدرة على لم شملها ومتابعة المسيرة والنضال من جديد، كان يظن أنه استند إلى قوة كل من جلال ومسعود له القدرة وبكل سهولة السيطرة أو إخضاع الحزب لسيطرته، هذه كانت حسابات فرهاد، لهذا السبب تصدى للقائد في تلك الفترة، وكان حساب جلال ومسعود أن يحققوا الأهداف التي لم يحققوها في حرب 1992 عن طريق فرهاد، ألا وهي تحريض فرهاد ضد القائد وإخضاع القوة التي تم حشدها في منطقة زلى لسيطرة لفرهاد وتقديم المساعدة لفرهاد من كل النواحي لتمكين دور فرهاد ضمن هذه الحركة وافقاد تأثير القائد آبو على الحركة، ليتمكنوا عن طريق فرهاد نيل الانتقام من القائد آبو، كي يتمكنون من فرض نهجهم وقيادتهم في كردستان، هذا كان هدفهم الأساسي. بالطبع هم كانوا يعتقدون أن تم سحب كل قواتنا في الجنوب إلى زلى وتعتبر قوة كبيرة ويمكن استخدامها كورقة ضغط على القائد آبو، لأنهم كانوا يعلمون وبشكل جيد أن القائد لن يتخلى عن هذه القوة، فبهذا الشكل ستسفر تهديداتهم عن نتيجة، فهذه كانت حساباتهم، لهذا السبب أن عدم قبولنا بإرسال كل قواتنا إلى هناك وافراع الحدود بالشكل التام وقيامنا بترك بعض الوحدات في تلك المنطقة ونقل الأخرى إلى الشمال، كان لها الفضل في عدم وقوعنا في هذه اللعبة القذرة وإفشالها، بالطبع في تلك الفترة خاض القائد آبو نضال عظيماً لإفشال هذه اللعبة، حيث بذلك جهوداً في البحث عن كيفية إفشال لعبتهم هذه وإفشال تهديداتهم، وطريقة لإخراج الحركة من هذا الخطر والمأزق. إن هذا الوضع ساهم في فتح الطريق أمام ظهور وولادة الكثير من المفاهيم وظهور حالة من الفوضى أيضاً، لهذا السبب لكي يستطيع القائد الحد من هذا الوضع طور آلية النقد والنقد الذاتي في كل المناطق والساحات، أي عقد اجتماعات بالاستناد إلى آلية النقد والنقد الذاتي للحد من تطور هذا الوضع، ولخلق الوحدة ضمن الكوادر والحزب، والحد من حالة التشرذم والتشتت، ولكي لا تصل تهديدات جلال ومسعود إلى أية نتيجة، فالمرحلة كانت خطرة من ناحية الحالة التي كان يعيشها الكوادر ومن الناحية الأخرى التهديدات التي كان يوجهها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ومن ناحية أخرى الخطوات التي كان يخطوها جلال عن طريق فرهاد، فالقائد آبو لم يسمح لمعايشة تلك المخاطر أي أنه حد من هذا عن طريق تلك الاجتماعات المستندة إلى آلية النقد والنقد الذاتي، وتم إحياء لم شمل الحركة من جديد، عقدت تلك الاجتماعات على مستوى الكونفرانسات، في كل من حفتانين، جفورجا، وخاكوركى وبوطان، فمن خلال تلك الاجتماعات تم الحد من تطور هذا الوضع أكثر والافتقاد إلى المعنويات واليأس والافتقاد للثقة، ومن ثم توقف القائد على وضع فرهاد، وتصدى لتلك التهديدات التي كانوا يوجهونها للحركة، فعندما توقف القائد على وضع فرهاد وضغط عليه فإن فرهاد لم يكن يمتلك القوة لمواجهته لذا فر إلى إيران، وطلب منها اللجوء السياسي بشكل رسمي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى