الكرد ودورهم الطليعي في بناء سوريا الديمقراطية

 الكرد ودورهم الطليعي في بناء سوريا الديمقراطية

مراد قره يلان

الحملة التي بدأتها وحدات حماية الشعب في روج آفايى كردستان وتحديداً في مقاطعة الجزيرة حققت الكثير والعديد من الانتصارات بتحريرها للعديد من المناطق والقرى من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وتوجت هذه الحملة بالنصر الكبير بتحريرها لمنطقة كري سبي «تل أبيض »، لأن منطقة كري سبي تعتبر نقطة الوصل بين مقاطعة الجزيرة ومقاطعة كوباني، فكيف تؤثر هذه المكاسب والانتصارات التي تحققت على أرض الواقع على التوازنات بشكل عام والتوازنات الموجودة في سوريا بشكل خاص؟

في البداية أشكركم وأحيي كل قراء مجلة صوت كردستان، بلا شك تؤثر الانتصارات الأخيرة التي حققتها وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات بركان الفرات بشكل مباشر على التوازنات الداخلية في سوريا. حيث أن المرحلة التي بدأت بمقاومة كوباني التاريخية أظهرت حقيقة روح وإرادة الشعب الكردي، والحملات التي تلتها في كل من تل حميس وتل براك، والاشتباكات التي ظهرت في المنطقة الواقعة بين الحسكة وتل تمر، وحملة تحرير جبل كزوان والمناطق المجاورة له، وآخرها حملة تل أبيض التي بدأت من جبهة مقاطعة الجزيرة وجبهة مقاطعة كوباني والتي أسفرت عن تحرير منطقة تل أبيض وتوحيد المقاطعتين تعبر عن نصر عظيم كما تعبر عن بداية وضع ومرحلة جديدة. أي أنها تعني تشكل توازنات جديدة ضمن سوريا.

تلقى مرتزقة داعش ضربات قوية في تلك المناطق؛ صحيح أنهم تعرضوا لضربات قوية في كل من كوباني وتل حميس وتل براك وجبل كزوان وكذلك الأمر في العراق وباشورى كردستان، ولكن الضربة الأخيرة والهزيمة التي لحقت بهم في تل أبيض تعتبر من أكبر وأقوى الضربات والهزائم التي تعرض لها مرتزقة داعش الإرهابيون. بهذه الحملة الأخيرة تم قطع خط الإمداد عن المرتزقة، فالكل يعلم بأن مرتزقة داعش كانوا يقومون بتأمين إمداداتهم عن طريق معبر اغجاكلا الواقع في تل أبيض والذي يعتبر المعبر الأساسي لدخول مقاتلي داعش إلى الأراضي السورية، أي أنه كان يمثل الشريان الأساسي الذي يربطه بالخارج. لهذا السبب تعتبر هذه الضربة أكبر وأقوى الضربات التي لحقت بتنظيم داعش الإرهابي كما أنها ستساهم في إضعافه بشكل عام في جميع المناطق الأخرى.

ومن ناحية أخرى ساهمت هذه الحملة في تقوية مكانة قوى ثورة روج آفايى كردستان وجعلتها تتصدر وتتحول إلى العامل الأساسي في التوازنات الموجودة في سوريا. لهذا السبب لم يرق هذا الانتصار العظيم للعديد من الأطراف والقوى. ولا ينحصر هذا بمواقف الدولة التركية فقط، فالنظام البعثي أيضاً لم يرق له قيام قوى ثورة روج آفايى كردستان بتحقيق هذا الانتصار الكبير، حيث عبر عن موقفه من خلال اختلاق العديد من حالات التوتر في كل من الحسكة والقامشلي بهدف إعاقة قوى ثورة روج آفايى كردستان والحد من تحقيق هذه المكاسب والانتصارات. حيث أنه لا يروق لأي مستعمر لكردستان بأي شكل من الأشكال بأن يكون للكرد مكانة ودور وإرادة حرة خاصة بهم. فكل الدول المستعمرة لكردستان لا يروق لها قيام الكرد بتحقيق هذا الانتصار. ولكن وعلى الرغم من كل هذا نجحت هذه الحملة ولهذا السبب يعتبر هذا الانتصار انتصاراً عظيماً بكل ما للكلمة من معنى. وبهذه المناسبة أهنئ الشعب الكردي وبشكل خاص شعبنا في روج آفايى كردستان بهذا الانتصار، ولكن من الواجب أن يتم صون وحماية هذه المكاسب والانتصارات التي تحققت في هذه الحملات بالشكل المناسب. فهذه هي المهمة الأساسية في هذه المرحلة. لا ينبغي تحليل هذا الانتصار على أنه انتصار حقق الاتصال بين المقاطعتين بعد انقطاع دام لفترة طويلة أي رؤية هذا الانتصار من الناحية الجغرافية فقط، فلهذه الحملة مكاسب سياسية مهمة أيضاً. كان لهذه الحملة والانتصارات التي حققتها صدى ضمن الأوساط العالمية، فهذه الحملة تحوز على الأهمية وتحوي معان كبيرة بعد المقاومة العظيمة التي أبديت في كوباني، ووجهت رسالة قوية إلى الأوساط العالمية والإقليمية. لهذا السبب ينبغي التركيز على كيفية تحويل هذه المكاسب إلى أرضية لتطوير وتقوية ثورة روج آفا والثورة السورية أكثر. أي ينبغي أن تتحول إلى نقطة بداية مرحلة جديدة لتطوير ثورة روج آفايى كردستان والثورة السورية. وينبغي على قوى ثورة روج آفايى كردستان مناقشة هذه النقاط.

كيف تؤثر هذه الانتصارات والإنجازات التي تحققت في روج آفايى كردستان والهزائم التي لحقت بمرتزقة داعش على روج آفايى كردستان وكردستان ككل؟ وما تأثيرها على موضوع دمقرطة سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ككل؟

في الفترة الراهنة تتم المناقشة حول هذا الموضوع بشكل كبير، ونحن أيضاً كنا قد أوضحنا بعض الأمور بصد هذا الموضوع. بلا شك تعتبر هذه الإنجازات والانتصارات خطوة كبيرة بالنسبة لروج آفايى كردستان، ففي الماضي لم تكن روج آفايى كردستان ترى من قبل الآخرين أي كان يتم تهميشها، حتى وإن تمت رؤيتها لم يكونوا يرونها على أنها إرادة ووجود. فالنظام السوري والأطراف الشوفينية المجاورة لسوريا كانوا يدعون بأن هؤلاء الكرد أتوا من باكوري كردستان «الشمال »، لهذا السبب لم يتم إعطاء الهوية السورية للكثيرين منهم ولم يتم الاعتراف بهم كمواطنين سوريين. أي لم يتم قبول الكرد في روج آفايى كردستان كإرادة ووجود من قبل النظام البعثي السوري، والأفظع من هذا أنه تم قبول هذا الوضع من قبل الساسة الكرد في روج آفا الذين كانوا يتوسلون ويترجون من أجل القبول بهم. هذا الأمر لا يقتصر على النظام البعثي الذي كان يملك زمام السلطة، فالمعارضة التي اجتمعت في إسطنبول وقطر لم تقبل طلب بعض الأحزاب الكردية المتوحدة تحت سقف ENKS بوضع جملة صغيرة تضمن حقوق أو تعترف بالشعب الكردي كوجود. لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يعيرون أي اهتمام لروج آفايى كردستان. ولكن في يومنا الراهن بات الجميع يدرك بأنه من غير الممكن خلق سوريا المستقبل من دون الكرد. فهذه الحرب التي بدأت بكوباني والحملات التي بدأت فيما بعدها وصولاً إلى حملة تل أبيض، أي المقاومة العظيمة والمقدسة التي تمت في روج آفايى كردستان خلال الأشهر التسعة الماضية ساهمت في إثبات وجود شعبنا الكردي، وضمنت حقوق شعبنا، ولا يمكن لأي أحد أن يجبر شعبنا في مرحلة إنشاء سوريا الجديدة على التخلي عن المكاسب التي حققها، وأعطت هذه المقاومة الشرعية لحقوقه ووجوده. بلا شك قدّم شعبنا الكثير من فلذات أكباده وقدم الكثير من البدائل ولكنه حقق في المقابل مكاسب عظيمة جداً، فهذه المكاسب الوطنية التي تحققت تحوز على أهمية وقداسة عظيمة. هنا ولدت قوة وإرادة الكرد واتضح أن بإمكان الكرد لعب دور في عملية بناء سوريا الجديدة، وهذا الدور سيكون الرئيسي والأساسي والطليعي في عملية بناء سوريا المستقبل. فالكرد أصبح بإمكانهم لعب هذا الدور ولا سيما بعد أن تمت تقوية أرضية القيام بهذا الدور بشكل خاص بعد تحرير منطقة كرى سبي. أي يمكن للمرء أن يقول بأن هذه الإنجازات والانتصارات التي تحققت في روج آفايى كردستان سوف تساهم في ولادة مراحل جديدة، حيث لا يمكن لأي كان أن يقوم باستصغارها أو أن يتطرق إليها حسب نظرته للكرد قبل تسعة أشهر. فبمقاومة كوباني العظيمة تغير الوضع كلياً، إلا أنه في ظل كل هذه التطورات والأحداث والانتصارات ما زلنا نرى بأن العديد من الساسة الكرد وبعض الساسة في روج آفايى كردستان يقولون الآن ما كانوا يقولونه قبل أربع سنوات. لم يعد ينفع الآن ما كان يقال في الماضي لتغيير الوضع بسبب ظهور الكرد على أرض الواقع كإرادة، وبعد أن أثبت الشعب الكردي وجوده من خلال النضال والحرب والصراع والمقاومة التي أبداها. فهل يستطيع أحد أن يغض النظر عن هذه الحقيقة؟!!

بالطبع لا. لأنه من خلال المقاومة الباسلة والعظيمة التي قدمها شعبنا في روج آفايى كردستان حقق هذه المكاسب والانتصارات، ولا يمكن لأي أحد أن يجبرهم على التخلي أو التراجع عن صون وتطوير المكاسب التي حققها، كما أن النظام الجديد الذي سيتشكل في سوريا المستقبل لن يستطيع أن يغض النظر عنها.

وفي المقابل تم خلق أرضية قوية من أجل تطور وتقدم ثورة سوريا الديمقراطية، وأثبتت هذه القوة الديمقراطية المعاصرة قدرتها على هزيمة داعش، أي أنها أثبتت قدرتها على دحر قوة داعش وبناء وطن جديد. فهذه المقاومة حطمت هجمات داعش وألحقت الهزيمة به ، فداعش ليس قوة أو تنظيماً بسيطاً كما العديد من التنظيمات الأخرى، الدول والحكومات بجبروتها لم تصمد أمام هجماته، كما أن جميع قوى المعارضة في سوريا توحدت مع بعضها ولكنها على الرغم من هذا لم تستطع دحر داعش، وهي الأخرى تطلب المساعدة من وحدات حماية الشعب للتصدي لهجماته، بالطبع وحدات حماية الشعب ستساعدها لأنها اكتسبت خبرة في قتال ومحاربة داعش، وتمثل إرادة وقوة حقيقية. فهذه تعتبر حقيقة وتخلق معها أرضية ثورة سوريا الديمقراطية.

كان يتضح في أعوام 2011 \ 2012 بأنه لا يمكن للمعارضة أن تنجح من خلال الاجتماعات والنقاشات ووضع بعض الأطروحات وإلقاء بعض المواعظ من الخارج. لأن الذي يملك القوة على أرض الواقع هو صاحب الكلمة والقرار وله القدرة على طرح الحل أيضاً، والآن بات الغموض الذي كان يلف حل الأزمة السورية ينكشف تدريجياً. ينبغي على ثورة روج آفايى كردستان رؤية هذه الحقيقة واتباع سياسات تتوافق مع متطلبات المرحلة، وتقوية وحدتها وعلاقاتها مع القوى الساعية إلى إحلال الديمقراطية الحقيقية في سوريا والقوى المعارضة الحقيقية سواء أكانت سياسية أم عسكرية. فالوحدة المتشكلة تحت سقف بركان الفرات في منطقة كوباني هي خطوة لها أهمية بالغة، كما تم تشكيل غرفة عمليات موحدة في كل من حلب وعفرين فيما بين أكثر من سبع فصائل باسم الجيش الثوري، هذه الخطوات تعتبر مؤشرات بداية. ينبغي التقرب أكثر من القوى الساعية إلى إحلال الديمقراطية الحقيقية ضمن المعارضة وسياسة المعارضة، وبهذا الشكل خطو الخطوات نحو بناء سوريا ديمقراطية تعددية بالاستناد إلى أسس الأمة الديمقراطية. لأن الأسس التي تستند إليها ثورة روج آفا واقتصادها الذي تم تفعيله بشكل نسبي في مقاطعة الجزيرة يمكنها أن تتحول إلى نموذج أو مثال لعموم سوريا.

هذه حقيقة ولا نبالغ فيها. المجتمع السوري غني بالثقافات والعقائد الدينية المختلفة، ويمكن لجميع هذه الثقافات والعقائد الدينية والأقليات والأثنيات أن تتوحد مع بعضها على أساس التعددية والفدرالية الديمقراطية وليس على أساس الدولة القومية أو الدولة الواحدة والثقافة الواحدة. كما يمكنها اتخاذ نظام أو نموذج المقاطعات أساساً لها. ويمكنها إجراء بعض التعديلات أو التغييرات عليه. ولكن المهم هو وجود واقع ملموس ومشروع يترجم على أرض الواقع، لهذا السبب إن كانت سياسة روج آفايى كردستان فعالة بالقدر الكافي من الناحية السياسية إلى جانب المكاسب العسكرية حينها يمكنها لعب دور طليعي وفعال في سوريا، وسيكون لها دور أساسي في عملية بناء سوريا المستقبل سوريا التعددية، كما ينبغي عليها أن تتبنى مثل هذا الدور الهام. فسوريا الجديدة سوف تكون سوريا تعددية. فخلق أرضية بهذا الشكل لسوريا المستقبل يحوز على أهمية فائقة، ينبغي على الكرد والعرب والآشوريين والسريان والمسيحيين والتركمان والدروز أن يتوحدوا أو يخلقوا وحدة فيما بينهم على أساس أخوة الشعوب، فبهذا الشكل يمكن بناء سوريا المستقبل على أساس التعددية والتنوع، وهذا ما يحتاج إليه الشعب السوري. على الكرد أن لا يؤيدوا فكرة الانفصال، كما يدعي البعض، فالكرد على العكس تماماً يسعون إلى توحيد جغرافية سوريا لا الانفصال. وينبغي على الجميع التطرق لهذا الموضوع على أساس وحدة الجغرافية السورية.

كما أن ادعاءات العديد من الأطراف حول قيام وحدات الحماية بحملة أو عملية تطهير عرقي تستهدف الشعب العربي والتركماني والنقاشات التي تجري حولها كلها تصب في عدم إدراكهم وعلمهم حتى الآن بالسياسة التي تستند إليها ثورة روج آفايى كردستان. فالسياسة التي يتم الاستناد إليها في روج آفايى كردستان هي من أكثر السياسات غنى وتهدف إلى حماية وصون حقوق جميع المكونات التي تعيش في روج آفا. أي إن تم خلق أرضية بهذا الشكل في سوريا حينها سوف تتمكن ثورة سوريا الديمقراطية من لملمة شملها والسير قدماً نحو النصر.

أما بالنسبة للكرد ككل؛ حقق الكرد انتصاراً سياسياً في باكورى كردستان خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران، ولأول مرة في التاريخ يحقق المجتمع الكردي في باكورى كردستان وحدته بهذه السوية. هذه الوحدة التي تحققت بين الشعب الكردي في باكورى كردستان لم تتحقق في أي وقت مضى من التاريخ، ففي سرهلدان ديرسم لم يكن الشعب في ديرسم متوحدين بالكامل بالإضافة إلى أن الشعب الكردي في المناطق الأخرى لم يساند ديرسم، كما أنه في سرهلدان آكري لم تكن جميع العشائر الموجودة في آكري يدا واحدة، وعندما قام سرهلدان آكري لم يقم الشعب الكردي بالكامل معه، ولكن في يومنا الراهن نرى بأن الشعب الكردي قد حقق وحدته الوطنية في كل المناطق في آكري وديرسم وفي اغدر والمناطق الأخرى. حيث أنه وعلى الرغم من كل المساعي والضغوطات التي فرضت على كل من منطقتي جولاميرك وبوطان عن طريق العشائر إلا أن شعنبا في جولاميرك حقق المرتبة الأولى وكذلك في كل من بوطان وشرناخ حقق نسبة 85 % من مجموع الأصوات، أي أنهم وحدوا موقفهم، وهذا يعتبر شيئاً جديداً ضمن المجتمع الكردي، ويعبر عن ولادة إرادة واحدة وتطور تاريخي مهم. ومن ناحية أخرى تعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها التوحد مع القوى الديمقراطية والاشتراكية في تركيا، والتوحد مع الأثنيات الدينية الأخرى، أي أن جميع المذاهب والعقائد توحدت مع بعضها البعض، وهذا يعبر عن الأسس التي تستند إليها الأمة الديمقراطية. فهذا الانتصار الذي تحقق في باكورى كردستان بإرادة قوية، والانتصار الذي تحقق فيما بعد في الخامس عشر من حزيران والذي تمثل بتحرير كري سبي من سيطرة مرتزقة داعش أكسب نضال الشعب الكردي قوة أكبر، لأنه كما هو معلوم تؤثر جميع أجزاء كردستان على بعضها البعض، وأنا على ثقة تامة بأن الانتصارات التي تحققت في باكورى كردستان وروج آفايى كردستان ساهمت في تقوية نضال الحرية في الأجزاء الأخرى من كردستان، وأظهرت بأن الكرد عامل أساسي ضمن مرحلة بناء الشرق الأوسط الجديد، وأن الكرد يمثلون إرادة حقيقية في المنطقة، وقد أثبت الكرد هذه الحقيقة في كل من الساحة السياسة والساحة العسكرية بهزيمتهم لداعش.

كما ذكرتم حقق الكرد انتصارات تاريخية تمثلت من الناحية السياسية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران ومن الناحية العسكرية في تحريرمنطقة تل أبيض من سيطرة مرتزقة داعش، مقابل هذه الانتصارات نرى ردود فعل الدولة التركية وحكومة العدالة والتنمية العدائية، والتي تمثلت بالبدء بحملة تشويه تهدف إلى معاداة الشعب الكردي. كيف تحللون ردود فعل أو مواقف كل من الدولة التركية وحكومة العدالة والتنيمة من هذه الانتصارات والمكاسب؟

السياسة التي تتبعها الدولة التركية والتي يسيرها حزب العدالة والتنمية هي سياسة معادية للكرد، ولكن من خلال قيامها بتغيير شكل هذه السياسة ذات الهدف الواحد والمعادي للكرد يتضح بأن كل من الدولة التركية وحزب العدالة والتنمية لا يريدان أو لا يروق لهما أن يقوم الشعب الكردي في روج آفايى كردستان بامتلاك هوية خاصة به وامتلاك مكانة ضمن التوازنات الإقليمية لأنها ترى بأنه إن استطاع الكرد الموجودون في روج آفا نيل حقوقهم حينها ستضطر هي أيضاً إلى الاعتراف بحقوق الشعب الكردي في باكورى كردستان والذي يزيد عدده على العشرين مليون كردي. فعدم الاعتراف بحقوق الكرد وعدم القبول بأن يكون للكرد في باكوى كردستان إدارة ذاتية خاصة بهم نابع من عدم اعترافها بالكرد كهوية كما أنها تسعى إلى صهر الكرد والقضاء على هويتهم، وقد تظهر في الأيام المقبلة قرارات استراتيجية بهذا الخصوص. فنحن الآن وبعد الانتخابات البرلمانية بانتظار رؤية أي نوع من الحكومات سوف يتشكل، أي ستكون حكومة حرب أم حكومة سلام لحل القضية الكردية بالسبل السلمية. هذا هو الموضوع الأساسي خلال المرحلة الراهنة والمقبلة. هناك احتمال بأن يتم تشكيل حكومة حرب، وهو الاحتمال الأرجح. لماذا؟ لأنهم لا يريدون أن يصل أو ينال الشعب الكردي حقوقه، ولا يريدون أن تتحول روج آفايى كردستان إلى إرادة، لهذا السبب اعتبرت حكومة العدالة والتنمية ومنذ بداية الثورة في 2011 وإلى يومنا الراهن هذا الأمر خطاً أحمر بالنسبة لها. وبالاستناد إلى هذه السياسة قامت بما تستطيع القيام به في معاداتها لثورة روج آفايى كردستان. فهجمات داعش وقبلها هجمات النصرة وهجمات العديد من المجاميع المسلحة وحتى هجمات بعض المجموعات الكردية إلى جانب تلك المجاميع المسلحة على روج آفايى كردستان كلها تدار من قبل الدولة التركية، لماذا؟ لأنها تعادي الكرد. الكرد في روج آفايى كردستان لم يعتدوا على أحد إنما يقومون بالمطالبة بحقوقهم المشروعة فقط ويناضلون من أجل الوصول إليها، قام الكرد كما المعارضة السورية بتحرير مناطقهم من النظام في ظل ضعف النظام البعثي، وهذا الأمر لا يدعو للغضب فلماذا تتضايق الدولة التركية من هذا؟ لأن السياسة التي تتبعها الدولة التركية تستند إلى إعاقة الكرد ومنعهم من امتلاك إرادتهم الخاصة ونيل حقوقهم المشروعة، لهذا السبب فهي تقدم المساعدة والمساندة لداعش وتحثه على مهاجمة ثورة روج آفا. ماذا استفادت الدولة التركية من تقديم المساعدة لداعش؟ لم تستفد أي شيء بل على العكس تماماً فباستراتيجيتها المستندة إلى معادة الكرد قامت بفضح نفسها، وانهارت سياساتها المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.

ففي يومنا الراهن نرى بأن الحقيقة الكردية في تقدم وتطور ملحوظ وهذا الذي دفع بالسياسة التركية إلى الفشل في المنطقة. وهي وحيدة الآن في منطقة الشرق الأوسط بسبب اتباعها لتلك السياسة.

أرادت تركيا أن يكون لها دور فعال ضمن السياسة المتعلقة بسوريا لتفادي الوقوع في الخطأ الذي ارتكبته في مداخلة العراق والذي أسفر عن تشكل كيان كردي في باشورى كردستان، وتحركت بتلك الذهنية، إلا أن الوضع في سوريا لم يكن كما كانت تعتقد، أي لم تتم الإطاحة بالنظام البعثي في سوريا خلال فترة قصيرة كما حصل في ليبيا، وهذا ساهم في انهيار سياستها تلك. لهذا السبب نراها غاضبة كثيراً من الانتصار الذي تحقق مؤخراً في كرى سبي.

وفي مقابل هذه الانتصارات نرى بأن جميع فروع وسائل إعلامها بدأت بحملة تشويه للانتصارات التي تحققها وحدات حماية الشعب والمرأة في روج آفايى كردستان بتلفيق تهم كقيام وحدات حماية الشعب والمرأة بعمليات تطهير عرقي في المناطق التي تم تحريرها من مرتزقة داعش من خلال إجبار العرب والتركمان على الخروج من تلك المناطق. السياسة التي تتبعها وحدات حماية الشعب وثورة روج آفا ليست سياسة خاصة بالكرد بل هي سياسة تضمن حقوق جميع المكونات في المنطقة، لهذا السبب ليس هناك أي شيء من تلك الاتهامات التي توجهها الدولة التركية ووسائل إعلامها. لماذا تقوم الدولة التركية بحملة التشويه هذه؟ لأن الدولة التركية ترى أن بقاء أو مجاورة داعش لحدودها مؤقت ولكن مجاورة الكرد لحدودها سوف تكون دائمية وهذا يشكل خطراً عليها. الشعب الكردي في يومنا الراهن بات قادراً على ممارسة السياسة وحماية نفسه من كل أنواع الهجمات المحدقة به، وما يقوم به الشعب الكردي في روج آفا حق من حقوقه المشروعة ولا يضر بأحد. فالشيء الصائب هو أن تقوم الدولة التركية وحكومة العدالة والتنمية بالتخلي عن الإصرار على أخطائها هذه، وأن لا ترتكب نفس الأخطاء التي ارتكبتها بخصوص باشورى كردستان.

ولحملة كرى سبي أهمية أخرى ألا وهي وصل المقاطعتين مع بعضهما وبهذا يمكنهما تقديم المساعدة لبعضهما، ويمكن لثورة روج آفايى كردستان تسيير سياسة مستقلة ذات إرادة أقوى. ويمكن أن يكون لها علاقات مع الدول المجاورة لها وهذا أمر طبيعي ولا يمكن لأي أحد أن يرفض هذا أو يناهضه. هذه الحملة ساهمت في أن تظهر إدارة مقاطعات روج آفا كإرادة قوية على أرض الواقع. من الواضح بأن الحرب في منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص الحرب الدائرة في سوريا لن تنتهي خلال فترة قصيرة، فهذه الحرب عمقت الجروح القديمة أكثر، وتحولت إلى حرب مذهبية طائفية، وجلبت معها الكثير من التخريبات. لهذا السبب يتضح بأن هذه الحرب سوف تستمر لفترة أخرى. وهنا يقع على عاتق ثورة روج آفا التي ظهرت كإرادة مهمة دور إنهاء الحرب الدائرة في سوريا وحل جميع القضايا الموجودة وينبغي عليها لعب هذا الدور الموكل لها.

فعلى أرض الواقع ليس هناك أية مشاريع ملموسة قادرة على إيجاد حل للأزمة السورية إلا أن قوى الثورة الطليعية لثورة روج آفا كحركة المجتمع الديمقراطي تمتلك مشروعاً مستندا إلى أسس الأمة الديمقراطية لحل الأزمة السورية، حيث يمكن أن تكون أسس الأمة الديمقراطية النموذج الأمثل  لحل جميع القضايا في سوريا. كما أن الكرد أصحاب مبادرة وإرادة قوية يمكنها إنهاء الحرب بين المذاهب وتطوير حل معقول، لهذا السبب ينبغي على الكرد تقوية وحدتهم واتفاقهم مع المعارضة السورية الحقيقية، وأن يبدوا ويتبعوا سياسة خاصة بسوريا ككل وأن لا تنحصر سياساتهم بالكرد فقط.

على قوى ثورة روج آفا الطليعية أن تتقرب من الجميع وفق أسس مشروع الأمة الديمقراطية المستند إلى الأخوة والتآخي بين الشعب الكردي والعربي والآشوري والسرياني وجميع الأثنيات والأقليات الأخرى التي تعيش في سوريا كالتركمان والدروز وكل العقائد الدينية والمذهبية. هذه هي سياسة الأمة الديمقراطية. ينبغي عليها تقوية أخوة الشعوب ونظامها الديمقراطي وعلى هذا الأساس العمل من أجل ثورة سوريا ككل وليس فقط من أجل ثورة روج آفا. كما عليها أن تقوي نفسها من الناحية العسكرية أيضاً. فهذا النموذج الذي طرحه القائد آبو هو مشروع من أجل حل جميع القضايا التي تتم معايشتها في منطقة الشرق الأوسط أي أنه ليس بمشروع خاص بروج آفايى كردستان إنما هو نموذج حل لعموم المنطقة. بهذا الشكل يمكن لشعوب المنطقة أن يحرروا أو ينقذوا أنفسهم من القضايا التي تعيشها أو تعاني منها، فإن تم خطو الخطوات ضمن هذا الإطار في سوريا سوف يساهم ذلك في فتح باب جديد أمام منطقة الشرق الأوسط ألا وهو باب حل جميع قضايا المنطقة. فالقومية الواحدة والدولة الواحدة لا يمكنها أن تحل قضايا المنطقة لماذا؟ لغنى المنطقة بالمذاهب والمعتقدات الدينية والثقافات المختلفة، فالتعددية والتنوع هي التي يمكنها أن تكون الحل لجميع القضايا التي تتم معايشتها وليس اللون الأحادي وهذا ما نسميه بالأمة الديمقراطية، أي أن يتم احتضان الجميع وأن تعيش كل الثقافات مع بعضها على أساس احترام الآخر.

نريد العودة إلى موضوع الوحدة الوطنية في روج آفايى كردستان، كما ذكرتم كانت هناك عدة ميول وخطوط في بداية الثورة إلا أنه بعد مضي أربعة أعوام على هذه الثورة اتضح بأن الخط الثالث الذي استند إليه الكرد هوالخط المنتصر والذي يحرز الانتصارات في يومنا الراهن، فما هي المهمات التي تقع على عاتق القوى والتنظيمات الديمقراطية والوطنية لتحقيق الوحدة الوطنية؟

كما ذكرت آنفا هناك حاجة ماسة لتحليل سياسة روج آفا والمرحلة التي بدأت بمقاومة كوباني وتكللت بالنصر بتحرير كري سبي من جديد، إن المرحلة التي تطورت في روج آفا هي مرحلة جديدة وساهمت في ولادة إرادة قوية، وكل هذا تحقق بدماء أبناء الشعب الكردي وأصدقاء الكرد الأمميين الذين انضموا إلى هذا النضال واستشهدوا في سبيله. بالطبع تحقق هذا بفضل الكدح العظيم الذي قدمه شعبنا في روج آفايى كردستان ولا شك أن للأجزاء الأخرى من كردستان دور في هذا الكدح الذي قُدِّم، لهذا السبب ينبغي على ساسة روج آفايى كردستان رؤية هذا الوضع الجديد والتوجه إلى إجراء تحليل جديد في هذا الموضوع، وبشكل خاص الساسة الذين بقوا خارج الإدارة المتشكلة وحتى القوى السياسية التي بقيت خارج نطاق اتفاق دهوك عليها تحليل ودراسة الوضع من جديد. أي أن عدم رؤية الحقيقة وغض النظر عنها والتركيز على بعض الأمور البسيطة لا يسفر عن أية نتائج إيجابية.

إن تم التطرق إلى سياسة تتوافق مع الحقيقة الموجودة على أرض الواقع حينها يمكنك إحراز التقدم وتحقيق الانتصارات، فالمياه تجري عندما يتم فتح المجال أمامها أي إنشاء جداول وقنوات أمامها وليس العكس. السياسة أيضاً بهذا الشكل؛ ينبغي فتح المجال أمامها وإزالة العوائق التي تعيق تقدمها وتطورها. بعض الأطراف الموجودة الآن في روج آفا قد يكونون من الساسة القدامى إلا أن السياسة التي يتبعونها لا تتوافق مع متطلبات المرحلة. لذا ينبغي التحرك وفق الحقيقة الموجودة على أرض الواقع. فمن أجل تحقق الوحدة الوطنية ينبغي على الجميع رؤية الحقيقة الموجودة على أرض الواقع والتقرب منها بالشكل الذي يليق بها والانضمام إليها بشكل سليم وصحيح. وفي هذا الموضوع ينبغي على إدارة المقاطعات التقرب بشكل يضمن مشاركة الجميع ضمن هذه الإدارة، أي ينبغي عليهم عدم التقرب حسب المفهوم القائل «أنا الذي حاربت وأنا الذي قاومت فكل شيء من حقي ولي الحق في كل شيء » فهذا ليس بمفهوم صحيح وعليهم التقرب بشكل أشمل. كما ينبغي أن تكون السياسة التي يتم اتباعها ذات طابع ديمقراطي وأن يبدي الكل آرائه بشكل حر وأن لا يقوم أحد بالضغط على أحد وأن تكون هناك مساواة وعدالة. أي ينبغي العمل على خلق هذه الأسس. المرحلة التي تمر بها روج آفايى كردستان هي مرحلة تاريخية، وعلى الجميع رؤية أخطائهم ونواقصهم وتجاوزها بأقصى سرعة. هذا ما تتطلبه مصلحة شعبنا في هذه المرحلة.

في هذه المرحلة التاريخية ما هي المهام التي تقع على عاتق الشعب في روج آفايى كردستان وما هو نداؤكم إلى شعبنا في المقاطعات الثلاث في روج آفايى كردستان؟

مجتمعنا في روج آفايى كردستان هو مجتمع وطني وشعبنا فيه تبنى وطنيته وكرديته في كل المراحل والظروف، وتاريخه غني بهذه الميزات ولا سيما انضمامه إلى ثورات كردستان وإصراره على التمسك بهويته في كل الظروف والشروط، أنجب العديد من الشجعان والأبطال والقادة، ولعب أبناء هذه المنطقة أو هذا الجزء دورا فعالاً في نضال حركة الحرية الكردية، وفي يومنا الراهن أوصل ثورة روج آفايى كردستان إلى هذه المرحلة التاريخية.

تحققت انتصارات ومكاسب عظيمة جداً وذلك بفضل دماء شهدائنا العظماء ومقاومة الرفاق أمثال روبار قامشلو وكلهات وآرين وريفان، فيجب أن تتم حماية وصون هذه المكاسب المتحققة، لذا على الجميع أن يتقرب بروح المسؤولية. فإن استمرت ثورة روج آفايى كردستان بهذه الوتيرة فسوف تلعب درواً طليعياً في بناء سوريا المستقبل، ويعتبر هذا فخراً لنا ككرد بشكل عام كما يعتبر فرصة تاريخية من أجل كرد روج آفا بشكل خاص.

في هذه الظروف والشروط على الجميع العودة إلى وطنهم، أقصد شبان روج آفا الذين هجروا وطنهم، حيث تعتبر المقاومة التي بدأت بكوباني ورفعت راية النصر في كري سبي نداء إلى جميع شبان روج آفا للعودة والانضمام إلى وحدات الحماية، وتبنيها. لماذا؟ لأنه كما ذكرنا فإن الحرب الدائرة في المنقطة ستطول لذا من الواجب تقوية وحدات الحماية أكثر ولا سيما بعد أن حقق الكرد هذه المكاسب الهامة. ينبغي علينا أن لا نخدع أحداً ولا نخدع أنفسنا؛ سوف تعمل داعش جاهدة لضرب هذه المكاسب المتحققة للانتقام من الهزيمة التي تعرض لها على يد وحدات حماية الشعب. والدليل على ذلك ما قامت به في كوباني في الفترة الأخيرة والتي راح ضحيتها أكثر من مئتي شهيد مدني. فإن كنا نريد صون وحماية هذه المكاسب والحفاظ عليها علينا أن نقوم بتقوية وحدات الحماية.

الشيء المهم في هذه المرحلة هو حماية وصون وتطوير هذه المكاسب والانتصارات، وهذه المهمة تقع على عاتق الشبيبة بالنسبة الأكبر، ولكنها في الوقت نفسه مهمة كل النتظيمات الموجودة في روج آفايى كردستان. ففي الماضي ارتكبت بعض الأحزاب بعض الأخطاء بإخراج الفئة الشابة إلى خارج الوطن، وحثت الجميع على الخروج من الوطن، ولكن الشيء الذي كان ينبغي القيام به هو الإصرار على البقاء في الوطن والدفاع عنه.

في هذه الفترة نرى توافد الشبان من جميع أصقاع العالم للانضمام والمشاركة في هذا النضال المشرّف والمحق ضد ظلامية داعش وإرهابه وفي المقابل نرى بأن بعض الشباب الكرد دعك من الانضمام إلى وحدات الحماية يفرون من الوطن ويتخلون عنه. لذا ينبغي على جميع شباب روج آفا رؤية هذه الحقيقة والانضمام إلى هذه الثورة والمشاركة فيها. فهذه الجغرافيا التي عشت عليها تحولت إلى مصدر ومنبع أمل وثقة لعموم سوريا، كما أنها تعطي الأمل والثقة للعالم أجمع، فالعالم أجمع يكتسب الإلهام والهيجان من المقاومة التي أبديت في روج آفايى كردستان، انطلاقاً من هذا ينبغي على شعبنا في روج آفا تقوية آليته الدفاعية، والانضمام إليها. على الجميع االانضمام إليها فيمكن للبعض المساهمة فيها بشكل محلي والبعض الآخر على شكل دفاع جوهري والبعض يمكنهم الانضمام إليها بشكل محترف.

النقطة الثانية هي أنه ينبغي تقوية اقتصاد الحرب. فالظروف والشروط غير مستقرة في روج آفا وهي معرضة للحرب على الدوام، في هذه الحال ينبغي تطوير اقتصاد الحرب، أي ينبغي أن يكون هناك تشارك وعمل مشترك وأن يكون هناك أسلوب كومينالي في الاقتصاد، وأن يساهم الجميع فيه. أي يجب أن يقوم قسم بالحماية والقسم الآخر بتطوير الاقتصاد، عليهم أن يصلوا إلى سوية الاكتفاء الذاتي، ولا سيما أن تلك الجغرافيا غنية بالموارد الطبيعية والإمكانيات.

وهذا يؤدي إلى الحد من عمليات الخروج من الوطن، يجب العمل على تقوية هذين الميدانين لأنه إن لم يقم شعبنا في روج آفايى كردستان بتقوية آليته الدفاعية وتطوير اقتصاده بشكل يتوافق مع الحرب حينها سوف يعاني من مصاعب جمة في المستقبل، ينبغي على الجميع معرفة هذه الحقيقة. عليه أن يقوم بتقوية اقتصاده أكثر وعليه أن يقوم بالخلق والابتكار والزراعة من خلال الاعتماد على ذاته.

عليه أن يخلق نظامه الديمقراطي وعلى الجميع الانضمام لهذا النظام، أي أن يتم إنشاء نظام المجتمع الديمقراطي، والابتعاد عن الذهنية السلطوية وإحلال حياة تسودها الديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية. فحرية المرأة تحولت إلى مرآة الوطنية الكردية بالنسبة لثورة روج آفايى كردستان، والمقاومة التي أبديت في كوباني في شخصية وحدات حماية المرأة تحولت إلى مصدر فخر بالنسبة للكرد ككل، فعليه تطوير نظامه وتقويته أكثر. وتعميق الديمقراطية من الناحية الاجتماعية.

والنقطة الأخرى هي أنه ينبغي أن يكون نظام العدالة حاكماً وقوياً، أي لا يقوم أحد بالضغط على أحد أو الاعتداء عليه. على الجميع الانضمام إلى عمليات المشاركة والتعاون، وإلى مرحلة البناء، وأن يتقربوا بروح المسؤولية من هذه المرحلة. هذه هي متطلبات المرحلة الراهنة لهذا السبب ينبغي على طليعيي أو قادات ثورة روج آفا أن يتقربوا بشكل يحقق انضمام الجميع للإدارة وأن لا يتخذوا أنفسهم فقط أساساً، وأن يروا أخطاءهم في هذا الموضوع، وأن يقوموا بتقوية وتطوير نظامهم الديمقراطي والعادل أكثر.

وكما ذكرت سابقاً لا يمكن في يومنا الراهن تحقيق التقدم والنصر من خلال التمسك بالذهنية القومية والقوموية فقط. ينبغي على الشعب الكردي إعطاء الأهمية لفكر وأيديولوجية الأمة الديمقراطية، أي أن يكون قادرا على العيش مع جميع الشعوب المجاورة له، وأن يتمكن الشعب الكردي والعربي والآشوري والسرياني وجميع المذاهب الدينية الموجودة وجميع الأثنيات والمعتقدات الدينية والثقافات من التوحد مع بعضها على أساس أخوة الشعوب، وترفع راية الديمقراطية والتنوع والتعددية وتمثلها على أرض الواقع، وهذا سيجلب مكاسب هامة للشعب الكردي.

النقطة الأهم والأخيرة التي أود قولها هي أنه يجب التفكير من أجل سوريا ككل، لأن ثورة روج آفا حققت ما تستطيع تحقيقه في روج آفا أي أنها قامت بتحرير المناطق التي ينبغي عليها تحريرها، لهذا السبب ينبغي عليها التفكير والدخول ضمن أبحاث من أجل سوريا ديمقراطية تعددية. هذه هي المهمات التي تقع على عاتق شعبنا الكردي، انطلاقاً من هذا ينبغي على جميع شعوب روج آفايى كردستان وجميع الثقافات التي تحيا في روج آفايى كردستان، وليس الشعب الكردي فحسب، التقرب بروح المسؤولية من مرحلة البناء وتقوية الآلية الدفاعية واقتصاد الحرب، وتقوية النظام الديمقراطي وتطوير نظام العدالة ومفهوم أخوة الشعوب ضمن المجتمع للوصول أو خلق سوريا ديمقراطية تعددية.

المجال مفتوح أمام شعبنا في روج آفايى كردستان حيث تحقق هذا في البداية بمقاومة كل من الرفاق رستم وخبات وشيلان كوباني ومن ساروا على دربهم، الذين سطروا المئات من الملاحم البطولية. تحقق هذا بفضل نضالهم وكدهم ونضال وكدح شعبنا والسياسة الكردية، وينبغي على الجميع أن يدرك دوره في هذا المكاسب ولكن في الوقت نفسه ينبغي عليهم رؤية مسؤولياتهم تجاهها أيضاً وعلى هذا الأساس تحقيق انضمامهم لها بالشكل السليم. ونحن ككرد بشكل عام وكروج آفايى كردستان بشكل خاص نمر في يومنا الراهن بمرحلة تاريخية فإن قام كل شخص يعيش على هذه الجغرافيا بتبني المهمات التي تقع على عاتقه في هذه المرحلة وتقرّب بروح المسؤولية من تلك المهمات كلنا إيمان وثقة بأن مستقبلاً مشرقاً ومكاسب وانتصارات أعظم بانتظار روج آفايى كردستان. وكلنا ثقة وإيمان بقدرة شعبنا على تحقيق النصر والنجاح. وسوف تلعب روج آفايى كردستان دوراً مهماً ورئيسياً في حل القضية الكردية ككل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى