مشروع سوريا ديمقراطية هو مشروع الأمة الديمقراطية

مشروع سوريا ديمقراطية هو مشروع الأمة الديمقراطية

جنار صالح

تمر منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة بمرحلة حساسة وصعبة جداً، حيث تصاعدت الأنظمة الدكتاتورية، وبهدف القضاء على هذه الأنظمة الدكتاتورية والحد من الظلم الذي تمارسه أنظمة الدولة القومية التي أحكمت قبضتها على جميع مفاصل الحياة الاجتماعية فإن جميع شعوب الشرق الأوسط تشهد حالة من الانتفاضة والثورة. وقد عمد البعض إلى تسمية هذه الثورات بالربيع العربي لأنها انطلقت بداية في البلدان العربية، إلا أن قائد الشعب الكردي كان قد قال في وقت سابق لهذه الثورات «إن الشرق الأوسط سيشهد انتفاضة كبيرة، انتفاضة ربيع الشعوب، وستكون في كردستان ». وقد ظهرت هذه الحقيقة للعيان.

هذه الثورات التي اندلعت في البلدان العربية لم تحقق حتى الآن النتائج الإيجابية المرجوة منها، لأنها لم تعمل على إنهاء الأنظمة بشكل كامل بما في ذلك بنيتها الذهنية والتنظيمية، بل إن ما تم هو تغيير بعض الأسماء والمسميات، وما حصل هو إزالة النظام الفاسد أو السيئ ووضع نظام بديل أسوأ منه. لا يمكن تسمية هذه الثورات بثورات حقيقية وأنها أسفرت عن نتائج ثورية، فالأوضاع تتجه نحو مزيد من التأزم منذ أربعة أعوام. وسورية هي أحد البلدان التي تشهد هذه الأوضاع. ففي سورية سادت سلطة اللون الواحد، الشعب الواحد، اللغة الواحدة والتاريخ الواحد واستمر هذا الوضع منذ سيطرة حزب البعث على السلطة وحتى الآن، وفي ظل هذه الشعارت تم قمع التعدد الاجتماعي في سوريا وهذا ما حصل في جميع الدول العربية. وما حدث أن تلك الدول التي سميت بالأمة العربية لم تكن دولاً حتى للشعب العربي، لأن أكثر الحروب الدموية ومعظم الدمار والخراب يحدث حالياً في هذه الدول نفسها.

وكنتيجة يمكننا القول؛ لم تنوجد أبداً دول للشعوب أو دول للمجتمعات، بل وجدت دول فئوية، وبحسب مصلحة الفئة المسيطرة تسمي الدولة نفسها عربية أو شيعية أو سنية، أي أنها تسير الأمور حسب ما تقتضيه مصلحة فئة محددة وليس مصحلة المجتمع. ورغم التاريخ الطويل لنظام الدولة إلا أنه لا يمكننا القول إن هناك دولة ظهرت ومثلت مصالح المجتمع ككل.

في سوريا، وعلى مدى أربعين عاماً من حكم النظام البعثي ساد نظام دكتاتوري قمعي، تحكم بالاقتصاد، والمجتمع، والتربية والسياسة، وسيطر على جميع المكونات التي تعيش في سوريا، وحكم الجميع حسب النظرة الشوفينية العربية حتى أن كلمة عربي كانت تعني التسلط والدكتاتورية.

في الوضع الراهن وبعد مرور خمس سنوات من الثورة لم تسفر هذه الثورة حتى الآن عن أي نتائج إيجابية، بل على العكس فقد أسفرت عن نتائج سلبية، لأنه الثورة التي بدأت كانتفاضة سلمية أطلقها المجتمع السوري انحرفت عن مسارها واتجهت نحو التسلح. وبسبب توجهها نحو التسلح والعسكرة فإن العديد من القوى، وبهدف الحفاظ على النظام، أدخلت الجماعات المتطرفة والجهادية على خط الثورة الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة وتعمقها. كما انتشرت الفوضى واختلطت لدرجة أن المرء يحتار في تسمية هذا الوضع.

لقد أسفرت الأوضاع حتى الآن عن الكثير من التضحيات، فقد الكثير من الناس حياتهم، كما نزح الآلاف من المواطنين من مناطقهم، إضافة إلى الكثير من الدمار والخراب. ولكي لا تذهب كل هذه التضحيات سدى، وبهدف تتويج كل هذه الجهود بالنجاح بما يخدم مصالح المجتمع ومصالح شعوب المنطقة ارتأينا ضرورة طرح هذا المشروع وهو «مشروع الحل الديقمراطي في سوريا .» هذا المشروع يستند على الذهنية الديمقراطية البعيدة عن ذهنية الدولة، لأن ذهنية الدولة لن تنجح في إيجاد الحل للأزمة، ولذلك فإننا نثق تماماً بأن هذا المشروع الديمقراطي هو مفتاح الخروج من الأزمة.

المشروع يستند أيضاً على نهج الأمة الديمقراطية، ونهج الأمة الديمقراطية يستند على عدة أمور هي: كيف يجب أن تكون سياسة الأمة الديمقراطية؟ ما هو نموذج الإدارة في الأمة الديمقراطية؟ ما هو وضع المجتمع في ظل الأمة الديمقراطية؟ وما هي دبلوماسية الأمة الديمقراطية؟ هذه النقاط كلها تعتبر مبادئ وعناصر الأمة الديمقراطية، وهذه العناصر كل واحدة منها تكمل الأخرى، ولا يجب أن تناقض إحداها الأخرى، فمثلاً إذا قلنا إن اقتصادها يجب أن يكون اقتصاداً عادلاً، ولكن سياستها مختلفة وتشبه سياسة الدولة وقتها لن تكون أمة ديمقراطية.

وبناء على هذه العناصر تم إعداد هذا المشروع. وهناك خاصتان مهمتان يتميز بهما المشروع هما أنه أولاً لا ينتمي إلى منطقة جغرافية معينة، وثانياً لا ينتمي إلى هوية محددة، هذه هي طبيعة الأمة الديمقراطية وتطبيقها العملي يتمثل بالإدارة الذاتية الديمقراطية.

ولكن هذا لا يعني أن هذا المشروع سيطبق في روج آفا فقط، بل يمكن تطبيقه في دير الزور، السويداء، في المناطق العلوية، فهو مشروع مرن ويمكن لأية منطقة التعامل معه وتطبيقه، وليس من الضروري وجود جغرافيا محددة لتطبيقه، وهو ليس مشروعاً قابلاً للتطبيق في المناطق المحتلة فقط، بل يمكن تطبيقه أيضاً في المناطق المحررة، هذا من جهة ومن جهة أخرى هو لا يتبع هوية معينة كما قلنا، أي أنه ليس مشروعاً للشعوب المضطهدة التي تناضل من أجل الحرية فقط، بل إن الشعوب الحرة أيضاً يمكنها تطبيق المشروع، وعليه فإن بإمكان الجميع تبني هذا المشروع وتطبيقه على أرض الواقع.

المشروع يضمن حلاً ديمقراطياً دون الحاجة إلى بناء دولة. وفي هذا الموضوع هناك بعض الآراء والتوجهات الخاطئة من قبيل؛ إن على كل أمة أن تقرر مصيرها بنفسها. خلال القرن العشرين سادت نظرية حق تقرير المصير أي يقرر الشعب مصيره بنفسه ولكن مفهوم تقرير المصير كان محصوراً في إقامة دولة، أي أن الدولة وحدها هي التي تحقق الحرية للمجتمع.

ومع انتهاء القرن العشرين تغيرت العديد من الأمور، كما تم تجاوز المفاهيم السابقة عن الديمقراطية، وعليه فقد تغير مفهوم حق تقرير المصير، أي أن هذا المفهوم لم يعد يعني مجرد إقامة دولة، بل أصبح يعني؛ كيف نريد أن نعيش؟ أي كيف يريد المجتمع أن يعيش، المجتمع هو الذي يقرر ذلك، قد يكون القرار هو إقامة إدارة ذاتية، أو إقامة نظام فيدرالي، المهم في الأمر هو أن المجمع هو الذي يقرر ذلك. وهذا ما ينطوي عليه مضمون مشروعنا، أي أن حق تقرير المصير لا يكون من خلال إقامة دولة، بل يعني تقرير المصير خارج الدولة وبعيداً عنها أيضاً، ويتضمن أيضاً حل جميع المشاكل الاجتماعية، قضايا المرأة، الاقتصاد، الإدارة وجميع مناحي الحياة، كم يتضمن حل المشاكل القومية، لأن المشروع يضمن حق اللغة، حق التنظيم، وحق المكونات القومية والشعوب في العيش على أراضيها، أي أنها تضمن حل المشاكل القومية بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية.

ما هو الفرق بين هذا المشروع والمشروع الفيدرالي؟

المشروع الفيدرالي ينطوي في مضمونه على تقسيم السلطة بين المركز والأقاليم. فمثلاً سيتم توزيع السلطة التي كانت منحصرة سابقاً في دمشق مع المناطق الأخرى، أما نظام الإدارة الذاتية فلا ينطوي على تقسيم السلطة، لأنه يناهض السلطة ويعمل من أجل عدم تطور مفهوم السلطة، لذلك فهو لا يرضى بتقسيم السلطة. إننا ندعو إلى بناء دولة لامركزية في جميع مناحي الحياة. فعلى سبيل المثال تطالب الدول بإنشاء جيش واحد يحمي حدود الدولة من الاعتداءات، ولكن التجارب أثبتت أن هذه الجيوش فشلت في حماية المجتمع أي أن الدولة فشلت في حماية المجتمع، فعلى الرغم من الجيش الكبير في العراق إلا أنها لم تتمكن من حماية شنكال، وكذلك الأمر في سوريا كما حصل في دير الزور وإدلب وغيرها من الأماكن. لقد ثبت أن جيوش القرن العشرين لا يمكنها حماية  المجتمع مهما كانت هذه الجيوش كبيرة. إلا أن المجتمع بحاجة إلى حماية، ولكنه يجب أن يدافع عن نفسه بقواته الجوهرية، أي يجب أن يكون للمجتمعات قواتها المحلية، ويجب على الدولة أن تقبل ذلك، أو يجب أن نناضل حتى نفرض على الدولة قبول هذا الواقع.

أما من الناحية السياسية فقد جرت العادة أن تمارس الدولة وأشخاص تابعون لها السياسة باسم المجتمع، فوزارة الخارجية تتبع للدولة، وكذلك وزارة الداخلية والحكومة، وهذه المؤسسات جميعها تمارس السياسة باسم المجتمع. مما يتسبب بانهيار إرادة المجتمع السياسية. فمن المعلوم أن السياسة هي فعل اجتماعي، وهي عمل خاص بالمجتمع وليس بالدولة، فيجب أن تكون الدولة مجرد وسيط، أي أن تنسق بين الإدارات الذاتية، ففي حال تشكيل عدة إدارات ذاتية فإن الدولة ستلعب دور المنسق بين هذه الإدارات، ولكن لا يحق للدولة أن تمارس السياسة باسم الإدارات ونيابة عنها، فالمجتمع هو الذي سيمارس سياسته.

ولكي يتمكن المجتمع من ممارسة سياسته يجب تنظيم المجتمع ابتداءً من الكومينات وحتى المجالس بما يضمن تمثيل الإرادة السياسية لجميع أبناء المجتمع. فالمجتمع هو الذي سيتخذ القرارات المصيرية المتعلقة بالحياة الاجتماعية، واسم الإدارة الذاتية يعبر عن مضمون الإدارة، أي أن يدير المجتمع نفسه بنفسه.

وكذلك الأمر بالنسبة للصعيد الدبلوماسي، حيث تمارس الدولة الدبلوماسية باسم المجتمع، وهي التي ترسل مندوبيها إلى الدول الأخرى، ولكن في حال ترسيخ نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية فإن الأقاليم الإدارية أيضاً بإمكانها تطوير دبلوماسيتها بما تقتضيها مصالح تلك الإدارة. ولا يعني هذا العمل ضد مصالح الدولة، بل إن الإدارات الذاتية ستتمكن من ممارسة دبلوماسيتها بالتنسيق مع الدولة.

بهذا الشكل فإن المركز المتمثل بدمشق سوف يفقد تفرده بالسلطة بينما المناطق الإدارية ستنتعش مما يؤدي إلى تغيير بنية الدولة، وحين تتغير بنية الدولة فإن ذلك سيتطلب تغيير دستور الدولة أيضاً، فدستور الدولة الحالي لا يتضمن وجود إدارات ذاتية ولتحقيق ذلك لا بد من تغيير الدستور، ويجب أن يضمن الدستور الجديد وجود إدارات ذاتية، وبناء عليه سيتم تنظيم العلاقة بين مركز الدولة والإدارات الذاتية، أي تحديد الحقوق والواجبات بين المركز والمناطق وهذا مايضمنه الدستور الديمقراطي.

القرن العشرون كان قرن الدولة القومية، والدولة القومية هي إحدى دعامات النظام الرأسمالي، وقد استغلت المجتمعات بشكل كبير من خلال الدولة القومية، حيث تصاعدت الدكتاتوريات وتعرضت المجتمعات للإنكار والإبادة.

إن أهم أسباب الأزمة العالمية الحالية هي الدولة القومية، نظام الدولة القومية وسلطتها تسببا بحدوث أزمات كبيرة في العالم وثورتنا في الأساس هي من أجل تغيير هذا النظام وإيجاد نظام بديل، والمشروع البديل لا يعادي الدولة، ولكنه يناضل ويكافح ضد الدولة من أجل ترسيخ نظام الإدارات الذاتية. بمعنى أنها لا تخوض النضال من أجل انهيار أو تخريب الدولة، وهي ليست ضد الدولة كما أنها ليست مع الدولة، ولكنها تهدف في الوقت نفسه إلى توسيع ساحتها الديمقراطية. ماذا تعني الساحة الديمقراطية، إنها الساحة الاجتماعية، أي أنها تعمل على كف يد الدولة عن المجتمع وتسعى من أجل تنظيم المجتمع وهذا ما يقال عنه )الدولة والديمقراطية(، حيث ستستمر بعض مؤسسات الدولة، ولكن ستترسخ الديمقراطية أيضاً وستتطور الميادين الديمقراطية، مما يسمح للمجتمع بإدارة نفسه بنفسه وليس أن يدار المجتمع من قبل الدولة.

وهذا المشروع سيصبح مع مرور الوقت المشروع البديل عن الدولة. وكلما توسعت هذه المناطق الديمقراطية سيلجأ إليها الناس، وسيعود المجتمع إلى حقيقته.

فعلى سبيل المثال كلما تمكنت محاكم مناطق الإدارة الذاتية من حل القضايا بسرعة فإن ذلك سيجذب المجتمع. وإذا كان التعليم في مدارس مناطق الإدارة الذاتية ناجحاً وأفضل من تعليم الدولة فإن ذلك سيجذب المجتمع أيضاً، وإذا لجأ الناس إلى مؤسسات الإدارة الذاتية فإن مؤسسات الدولة ستفقد دورها، مما يؤدي بالتالي إلى إضعاف الدولة إلى حين زوالها بشكل كامل.

الدولة ليست كياناً أبدياً ولا يتجاوز عمرها 5 آلاف سنة من مجمل عمر البشرية، وهي لم تظهر مع ظهور البشرية.

أما الأخلاق فهي من طبيعة البشر، وكذلك التحول الاجتماعي والسياسة هما من طبيعة البشر، فالبشر عاشوا على شكل مجتمعات منذ الأزل، وعاشوا معاً بناء على قواعد ونواظم سياسية، أي أنهم تشاركوا في سن القوانين واتخاذ القرارات، وهذا بحد ذاته سياسة، وهي نابعة من طبيعة المجتمعات، أما الدولة فهي كيان غريب نشأ لاحقاً ويمكن إضعافها مع مرور الزمن، وحين تضعف لن يبقى لوجودها أي جدوى وسيكون من الممكن إزالتها، وهذا ما سيحصل مستقبلاً. ربما لم يحن الوقت لتحقيق ذلك، لكننا نسعى لتطبيق هذا المشروع في مناطقنا، ونعمل على تنظيم المجتمع وتقويته.

ما هي طبيعة هذا المشروع؟

إنه مشروع متعدد الجوانب، ويمكن تشبيهه بحديقة تحوي جميع أنواع الورود، ويمكن لكل الورود أن تنبت فيه. ويسمى هذا المشروع في لغة علم الاجتماع ب «النظام المفتوح » وهو نفسه النظام الذي نسعى إلى ترسيخه أي نظام الإدارة الذاتية، أو نظام الأمة الديمقراطية. ويسمى بالنظام المفتوح لأنه نظام مرن ومفتوح أمام التطور والإبداع والتغيير والتجديد في جميع الأوقات.

أما في نظام الدولة والذي يسمى النظام المغلق، فإننا نتبع مجموعة من القوانين والدساتير المعقدة التي لا تتيح المجال للإبداع والتغيير والتجديد، أي أنه نظام صلب، على العكس من نظام الإدارة الذاتية المرن والمفتوح أمام التطور والتجديد. مشروع الحل الديمقراطي في سوريا هو مشروع أقرب ما يكون إلى جوهر المرأة، حيث أن للمرأة مكانة مهمة جداً في هذا المشروع. فالمرأة لم تجد نفسها أبداً في إطار نظام الدولة، ومنذ ظهور الدولة وحتى الآن لم تشارك المرأة بفعالية في أي من مؤسساتها، وحتى اللواتي شاركن في المناصب الإدارية والسياسية ذهبت جهودهن لصالح الرجل، أما في نظام الإدارة الذاتية فالأمر مختلف، الإدارة الذاتية تتمتع بالديمقراطية وقريبة من جوهر المرأة، ومن خلال الممارسة اليومية نجد تزايد وتصاعد رغبة النساء في المشاركة والعمل في مختلف المؤسسات، مما يعني أن المرأة لا تجد نفسها غريبة عن هذا النظام ولكنها كانت تعتبر نفسها غريبة في نظام الدولة، لأن قوالت الدولة، وتسلطها وروتينها لم يكن يناسب جوهر المرأة.

هناك بعض القرارات والقوانين المتعلقة بحقوق المرأة نسعى من أجل إدراجها في الدستور السوري، بعض هذه القرارات سيدرج في الدستور وبعضها الآخر سيدرج ضمن قوانين الأحوال الشخصية، فمثلاً نحن ندعو إلى تحديد نسبة 50 % للنساء في الانتخابات، كما ندعو إلى تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في جميع المؤسسات والإدارات المدنية، أي أننا ندعو إلى حياة تشاركية ومتساوية بين الرجل والمرأة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لأنهما جاءا إلى الحياة سوية ويجب أن يعيشاها بشكل متساو، بالمشاركة والمساواة فقط يمكن أن تستمر الحياة وتصبح أجمل. فنصف المجتمع المكون من الرجال سعى حتى الآن إلى إنكار النصف الآخر أي النساء، ويستمر في الحياة على حساب المرأة. لقد تحكم الرجل بالاقتصاد لذلك فإن هناك أزمة كبيرة على الصعيد الاقتصادي، كما تتفاقم مشاكل الطبيعة نتيجة الاستغلال المفرط، ويتزايد الحديث عن تمدد التصحر، لأن الرجل يتعامل مع الطبيعة وفق عقله التحليلي وبما ينسجم مع مصالحه مما أدى إلى الاستغلال المفرط لموارد الطبيعة وأضر كثيراً بالمجتمع وبالحياة. أما المرأة فهي تمثل النهج المضاد لهذا الواقع، فحين تترسخ مشاركة المرأة يتحقق التوازن بين الرجل والمرأة، وحين يترسخ مبدأ التشارك يجب أن يتغلغل إلى داخل العائلة أيضاً، ويجب أن تتغير مفاهيم الرجل والمرأة داخل المجتمع أيضاً حتى نتمكن من تحقيق حياة حقيقية.

إن نموذج العائلة الموجودة حالياً يمثل حجر الأساس في نظام الدولة، لذلك يجب إخراج العائلة من هذا الوضع وتغييرها، فبدون تغيير العائلة لا يمكن تحقيق السياسة الصحيحة، كما لا يمكن تطوير الاقتصاد بشكل صحيح ولا حتى أي مجال اجتماعي آخر. يجب أن تتغلغل ذهنية الأمة الديمقراطية إلى داخل العائلة وبالتالي إحداث تغيير ديمقراطي فيها.

فالعائلة هي نتيجة اتفاق بين إرادتين حرتين تقبل إحداهما الأخرى، ويجب أن تكون الحياة تشاركية بينهما، فإذا ظل الرجل هو المسؤول عن العائلة سيستمر في فرض شروطه، أي أن كل شيء سيكون ملكاً له فقط، وستبقى المرأة في الدرجة الثانية. بهذا الشكل لا يمكن تغيير المجتمع، ومن أجل ترسيخ إدارة ذاتية حقيقية يجب أولاً تغيير هذه الذهنية لأن العائلة لا تبنى على مبدأ التملك. المرأة ليست ملكاً للرجل، والرجل ليس ملكاً للمرأة. وبدون تحقيق تغيير ديمقراطي في العائلة لا يمكن تحقيق أي تطور.

في الفترة الأخيرة صدرت بعض القرارات، وهذه القرارات تهدف إلى حماية حقوق المرأة، لأن القوانين الموجودة حتى الآن ابتداءً من القوانين الشرعية وحتى القوانين المدنية صدرت بما يتناسب مع مصالح الرجل.

ومن منطلق أن مشكلة المرأة هي مصدر جميع المشاكل الطبيعية، الاقتصادية والمجتمعية والسياسية فإن حل مشكلة المرأة، لأن قضية المرأة هي قضية المجتمع، سيؤدي إلى حل جميع المشاكل الحياتية، لذلك يمكننا القول إن هذا المشروع هو مشروع المرأة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى