يحثنا عام 2015 على تطوير النضال بالأسلوب الثوري

يحثنا عام 2015 على تطوير النضال بالأسلوب الثوري

مصطفى قره سو

تعيش منطقة الشرق الأوسط أكثر المراحل صراعاً وتناقضاً على مر التاريخ. فما يتم معايشته الآن في المنطقة يعبر عن حالة من الفوضى في كل النواحي. هذه الفوضى خلقها التنظيم السياسي الجديد وأبحاث سلطة الدولة الاستعمارية لإحلال تنظيم وتوازن جديد في المنطقة في القرن العشرين بعد انهيار الاشتراكية المشيدة. لأنه بعد انهيار الاشتراكية المشيدة تشتت التوازنات القديمة التي كانت موجودة ولم يتم تشكيل توازنات ونظم جديدة عوضاً عنها.

لو كانت القضية متعلقة فقط بموضوع الإطاحة بالنظم القديمة وإنشاء نظم جديدة عوضاً عنها كان سيتم إنشاء توازنات جديدة بعد كل هذا القدر من الصراع ونزف الدماء وكان سيتم إحلال نظم أخرى في المنطقة حتى ولو كانت نسبية. إلا أنه لم يتم إنشاء وخلق توازنات جديدة بأي شكل من الأشكال، ولم يتم وضع مخطط أو خريطة جديدة للمنطقة. لهذا ينبغي التطرق إلى أسباب هذه الفوضى بشكل أشمل، وينبغي أن تتطور طرق الحل بشكل يتناسب أو يتوافق معها.

تعتبر منطقة الشرق الأوسط أولى الجغرافيات التي ولدت فيها القضية السياسية والاجتماعية. وأولى القضايا الاجتماعية كانت تلك الحاكمية التي تم فرضها على المرأة، كما أن أولى أنواع الاستغلال والطبقة الهرمية، والمدن، والدول ظهرت في هذه الجغرافيا. حيث تعتبر منطقة الشرق الأوسط الحجرة الأساسية أو الخلية والجغرافيا الأساسية للقضايا.

الجغرافيا الأساسية للقضايا التي تمثلها منطقة الشرق الأوسط من خلال تراكم القضايا ساهمت في تعقديها أكثر. فكما أن هذه الجغرافيا كانت مهد الإنسانية، وكانت الجغرافيا التي ولدت فيها أولى الثقافات والقيم فقد كانت الجغرافيا التي برزت فيها القضايا وعبرت فيها عن ذاتها أيضاً. انطلاقاً من هذا فإن تعقد القضايا أو تأزمها والبحث عن حلول لها في هذه المنطقة أو الجغرافيا لا يعتبر مصادفة، كما أن ولادة الأديان التوحيدية في هذه الجغرافيا وتوسعها لم تكن مصادفة! فمع انهيار الاشتراكية المشيدة انكشفت كل قضايا وعيوب نظام الدولة السلطوية ونظام الحداثة الرأسمالية الممثل الأخير لها، كصندوق باندورا الذي يتضمن كل شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب وحسد، ووهن. لأن الاشتراكية المشيدة كانت تعيق وتمنع ظهور جميع عيوب ومساوئ نظام الدولة وممثليها وكأنها تلعب دور مانعة الصواعق وخاصة أن ظهور الاشتراكية المشيدة كان في فترة تأزم وتراكم أخطائهم بعد الحرب العالمية الثانية. وكأن ظهورها وظهور الحركات التحررية الوطنية كان من أجل التستر على عيوب وأخطاء ونواقص النظام الرأسمالي في المناطق التي تعقدت فيها تلك القضايا والمشاكل.

أظهرت الحرب العالمية الثانية والمشاكل والقضايا التي نتجت عنها إفلاس نظام الدولة وآخر ممثل للرأسمالية. في الأساس انهار نظام الدولة السلطوية في الحرب العالمية الثانية إلا أن الآمال المزيفة التي خلقها الشكل الأخير للحداثة والاشتراكية المشيدة تسترت على هذا الانهيار لفترة أخرى. وبانهيار الاشتراكية المشيدة انتقلت كل القضايا والمشاكل إلى ضمن النظام، ونتيجة هذا دخل نظام الدولة السلطوية الاستعمارية في مستنقع لا يمكن الخروج منه.

إن معايشة نظام الدولة السلطوية لأكبر الأزمات والفوضى في منطقة الشرق الأوسط هو وضع يتم إدراكه ضمن هذا الإطار. إن كان نظام الدولة ذا طابع يقوم بخلق الأزمات وإن كان قد فقد معناه واعتباره ضمن الحرب العالمية الثانية فبالطبع سيقوم نظام الدولة التي ظهرت لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وأزمت القضايا بجر المنطقة إلى هذه الفوضى أيضاً.

هيأ نظام الحداثة الرأسمالية ظروف حرب إيران- العراق للضغط على إيران التي كانت تشكل عائقاً أمامه. ومن ثم هيأ الظروف من أجل المداخلة الجذرية لمنطقة الشرق الأوسط من خلال إفساح المجال أمام صدام حسين الذي سانده في حربه مع إيران لغزو الكويت في عام 1991 . غيرت الولايات المتحدة الأمريكية سعيها لصون وجودها بشكل ملموس عن طريق قوة المطرقة وإفقاد العراق تأثيره في حرب الخليج الأولى إلى نوع من المداخلة في حرب الخليج الثانية في عام 2003 وقامت بمداخلة وضع العراق وأطاحت بصدام. كانت كل هذه المداخلات مخططات وحسابات لضمان حركة رأس المال بشكل آمن وفرض النظام حاكميته بشكل تام على المنطقة. إلا أن التقرب السطحي لإدراك وفهم القضايا في منطقة الشرق الأوسط تحول إلى حسابات خاطئة في المنطقة. فالولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني من هذه القضايا منذ قرنين وأوروبا التي تطرقت إلى قضاياها منذ أربعة قرون صُدِمتا بالقضايا التي تعانيها منقطة الشرق الأوسط منذ خمسة آلاف عام.

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تترأس النظام والتي تصدت لأوروبا في سعيها للمداخلة أوضحت عدم فهمها للقضايا التي تعايشها أو عايشتها منطقة الشرق الأوسط. وهكذا بعد مضي فترة، وكما أنها كانت قد قامت بضم بعض الدول الأوروبية للمداخلة قامت بالتطرق إلى سياسة التحرك مع بعض القوى والأنظمة المتواطئة معها في المنطقة. أي أن مخطط بيكر المتعلق بحرب الخليج استند إلى اتفاقيات سياسية وسياسة استراتيجية جديدة.

ففي فترة بحث النظام الرأسمالي عن متواطئين جدد عوضاً عن المتواطئين السابقين معها، وانتفاضة الشعب العربي ليس بطابعه السياسي إنما الاجتماعي والثقافي، سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنشاء شرق أوسط جديد من خلال الاستناد إلى الإسلام المتواطئ لهذا السبب قامت بتقديم المساعدة والمساندة للقوى الإسلامية القريبة منها وهيأت الظروف لوصول تلك القوى إلى السلطة. فما تم معايشته بعد حرب الخليج الأولى، والنتائج التي تمخضت عن عدم النجاح في مداخلة كل من أفغانستان والعراق، وقلب انتفاضة الشعب العربي والتي سميت بالربيع العربي التوازنات الموجودة في المنطقة رأساً على عقب وإضفاء الطابع الإقليمي والدولي على الصراع الداخلي الذي يتم معايشته في سوريا قضى على مخطط منطقة الشرق الأوسط المتشكل بموجب اتفاقية سايكس بيكو في 1916 .

حيث بات من غير الممكن الاستمرار بالتوازنات القديمة ولا حتى ترميمها. في حين ينتفض الشعب من أجل نيل حريته وتحقيق الديمقراطية تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالتطرق إلى أساليب جديدة لخلق متواطئين جدد لصون مصالحها أي مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. فالتطرق إلى إحلال توازن جديد بالاستناد إلى الإسلام المتواطئ بعد انتفاضة الشعب والمسمى بالربيع العربي هو نتيجة لهذه الأساليب.

فامتلاك الإسلاميين لقوة سياسية في تونس، ووصول الإخوان المسلمين للسطلة في مصر، ونهاية القذافي التراجيدية في ليبيا من خلال الاستناد إلى بعض المجموعات المتقنعة بالإسلام كل ذلك خلق الأرضية المناسبة لتطبيق سياساتها. هذه الرياح خلال فترة قصيرة استهدفت سوريا المتناقضة والمناهضة للنظام العالمي. حيث سعى نظام الحداثة الرأسمالية إلى خلق أو تشكيل نظام مستند إلى الإسلام المتواطئ في سوريا أيضاً وبالاستناد إليه إنشاء مخطط جديد لمنطقة الشرق الأوسط. لأن النظام الذي سيتم تشكيله في سوريا سوف يؤثر على شكل النظام في الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وسيكون له طابع بهذا الشكل كما حصل في التاريخ. فكما هو معلوم إن أبواب منطقة الشرق الأوسط انفتحت أمام تركيا في عام 1517 بعد أن سيطرت على سوريا، أي فرضت حاكميتها على منطقة الشرق الأوسط بكاملها عن طريق سوريا.

عندما رأت الدولة التركية إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على مداخلة ليبيا غيرت من سياساتها بخصوص المنطقة والقضاء على حركة الحرية الكردستانية بالاستناد إلى الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من ناحية، ومع كل من إيران والعراق وسوريا والحزب الديمقراطي الكردستاني من ناحية أخرى، وخططت لتحقيق أهدافها من خلال امتطاء حصان الولايات المتحدة الأمريكية أي الاستفادة من إمكانياتها. فرجب تيب أردوغان قال «ماذا يفعل حلف الناتو في ليبيا » ولكن بعد مضي أسبوع على ذلك تحولت قاعدة حلف الشمال الأطلسي في أزمير إلى إحدى القواعد الأساسية لمداخلة ليبيا.

فعندما رأت الدولة التركية سقوط ليبيا خلال فترة قصيرة سعت لأن تكون القوة الأكثر فعالية في مداخلة سوريا وإنشاء سوريا الجديدة وعلى أساسها تتحول إلى أكثر القوى تأثيرا في مخطط منطقة الشرق الأوسط الجديد. لهذا السبب عقدت علاقات مع القوى المعارضة، وحولت تركيا إلى قاعدة لهم، وبدأت بتقديم كل أنواع الدعم والمساعدة لهذه القوى. فالمساعدة التي قدمتها الدولة التركية للمعارضة في سوريا واستخدامهم لأراضيها دفعها لأن تكون طرفاً مباشراً في هذه الحرب ومسيّرة لها حيث أنها سعت لتكون قوة أساسية في كامل المنطقة من خلال سعيها إلى تشكيل نظام سني في سوريا ولتكون الخيار الوحيد للولايات المتحدة الأمريكية الذي يمكن الاستناد عليه. وضمن هذا الإطار خططت من خلال الاستناد إلى قوتها ومكانتها إلى استغلال الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيق جميع أهدافها في المنطقة. إلا أن مخطط كل من الدولة التركية والولايات المتحدة الأمريكية لم ينجح في سوريا، حيث دخلت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والدولة التركية في حالة مواجهة لبعضهما البعض.

عندما سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشكيل الإسلام السياسي المتواطئ معها بدأت قوى الإسلام السياسي من خلال استمداد القوة من تطور كل القوى الإسلامية في المنطقة بالتحرك باتجاه إنشاء نظام دولة سلطوية خاصة بهم بدلاً من الاعتماد على النظام. إن الحركات الإسلامية التي قويت في فترة مداخلة الولايات المتحدة الأمريكية للعراق من ناحية ، وتطور تأثير التيارات الإسلامية المتطورة فيعموم منطقة الشرق الأوسط وتقديم الدولة التركية المساعدة لها في سوريا من ناحية أخرى ساهم خلال فترة قصيرة في ولادة أو ظهور إسلام سلطوي كقوة سياسية تضايق مسيحيي الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ولبنان. لهذا السبب اتبعوا سياسة تعيق وصول هذه القوى إلى السلطة في سوريا. حيث كانت تأمل من خلال صراع النظام السوري مع هذه القوى وإنهاكهما لبعضهما أن تصلا لحالة تكونان محتاجتين فيها إليها.

عاد هذا الوضع بالنفع على نظام الأسد وساهم في صموده أكثر في حين كان على وشك الانهيار. بلا شك حتى وإن قامت كل من إيران وروسيا وحزب الله بلعب دور إعاقة أو منع انهيار نظام البعث إلا أن العنصر الأساسي الذي منع نظام الأسد من الانهيار كان استفادة النظام من سياسة كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا المتضايقتين من هذه القوى الإسلامية. حيث أن هذا الوضع هو الذي زاد من مقاومة وصمود النظام أكثر. فعدم قيام نظام الأسد بإبداء أية مداخلة لتوسع وتقدم الدولة الإسلامية في الشام والعراق واتباعه سياسة تهدف إلى القضاء على القوى المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية والغرب دفعهم لأن يحددوا خيارهم تجاه دولة الإسلام في الشام والعراق. فمساعدة الدولة التركية لقوى كجبهة النصرة والدولة الإسلامية في الشام والعراق، ورؤية كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واسرائيل أن تلك القوى تشكل خطرا ساهم في إطالة عمر نظام الأسد إلى يومنا الراهن. ضمن هذا الإطار فإن الدولة التركية هي المسؤولة عن صمود أو إطالة عمر نظام البعث إلى يومنا الراهن والسعي إلى خلق نظام يخضع لتأثيرها ويقضي على الكرد بعيداً عن الديمقراطية. حتى أن القوة الأساسية التي تعيق تطور الديناميكيات الديمقراطية هي الدولة التركية. انطلاقاً من هذا فإن القوة المسؤولة عن قدرة كل من الدولة الإسلامية في الشام والعراق على صون وجودها ونظام البعث على صون استمرارية سلطته هي الدولة التركية.

قامت الدولة التركية بإنشاء سياستها المتعلقة بسوريا بالاستناد إلى معاداة الكرد، ومازالت مستمرة في اتباع هذه السياسة. تسعى الدولة التركية من خلال لعب دور فعال في سوريا إلى كسب دعم الولايات المتحدة الأمريكية لها وخلق سلطة قريبة تخدم مخططاتها وبهذا الشكل تهدف إلى أن تكون صاحبة قوة في منطقة الشرق الأوسط ومن ناحية أخرى إلى تقوية مكانتها من خلال تلك المساعدة والدعم لتصفية حركة الحرية الكردية. فلمنع أو إعاقة تحقيق الكرد لمكاسب في سوريا صعّدت من جهودها ضمن إطار الإطاحة بنظام البعث خلال أقصر مدة ممكنة. لهذا السبب قدمت الدعم اللامحدود للشخصيات الإسلامية ضمن المعارضة. ولكن كما أنه لم تتم الإطاحة بنظام البعث خلال فترة قصيرة فقد استمر الفراغ السياسي أو صراع السلط ين القوى. هذا الوضع قدم فرصاً وإمكانات كبيرة لتطور وتقوية ثورة روج آفا. فعند عدم تحقق أهداف سياسة الدولة التركية بخصوص سوريا حصل ما تخشاه الدولة التركية، ألا وهو كسب الكرد لقوة في سوريا.

فكما أن الدولة التركية لم تستطيع تحقيق ما هدفت إليه في سوريا تمت الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر -الذي كانت الدولة التركية تسعى إلى الاستناد عليه في منطقة الشرق الأوسط- من خلال المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش. وهذا أدى لتغير الموازين فجأة مرة أخرى. فالدولة التركية كانت المتضرر الأكبر من هذا التغيير. سعت حكومة العدالة والتنمية لكسب القوة من خلال كسب الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى جانبها بخصوص القضية الكردية ومصر بخصوص منطقة الشرق الأوسط. إلا أن هذا الهدف ذهب أدراج الرياح بخسارتها لمصر خلال فترة قصيرة.

عانت الدولة التركية بعض المصاعب بخصوص سياساتها تجاه سوريا بعد خسارتها لمصر وملاقاتها صعوبات أخرى مقابل ثورة روج آفا. عقدت الدولة التركية اتفاقاً سنياً مع الموالين السابقين لصدام وداعش والحزب الديمقراطي الكردستاني لفرض تأثير سياستها ضمن المنطقة من جديد. وبضم قطر إلى هذا الاتفاق سعت إلى التحرك مع مناهضي ومعادي النظام العراقي والنظام السوري؛ وبهذا الشكل سوف تكون جميع الأطراف بحاجة لها فإن نجحت في هذا سوف تزيد من فرص وإمكانيات تصفية حزب العمال الكردستاني.

رأت الولايات المتحدة الأمريكية المستندة إلى الإسلام المتواطئ بعد مضي فترة بأن حركات الإسلام السياسي مازالت ضعيفة للقيام بخدمة سياستها في منطقة الشرق الأوسط. فمن دون العمل أو التركيز على بعض الحركات الإسلامية، ومن دون تفعيل النظام من الصعب عليها إنشاء مخطط لمنطقة الشرق الأوسط مستند إلى الإسلام المتواطئ بوضعه الحالي أو الموجود. لهذا السبب سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاستمرار في علاقاتها مع الإسلاميين المتواطئين معها، وعملت على ضم مجموعات إسلامية أخرى لنهجها المتواطئ، وتوصلت إلى قرار هو أنه من المبكر الآن القيام بإنشاء بالاستناد إلى هذه المجموعات، لهذا السبب دخلت ضمن مقاربات سياسية جديدة وهي سياسة فرق تسد الكلاسيكية. حيث أن غض النظر عن داعش وسياسة تجزئة سوريا والعراق عن طريق داعش دخلت الحدث بهذا الشكل. استخدمت داعش كقوة ابتزاز وتخويف لبعض القوى لفرض نفسها عليها. وقول باراك أوباما «لو قمنا بمداخلة دخول داعش للموصل كنا سنقوي أو نكسب المالكي القوة » كان بمثابة اعتراف بخصوص شكل داعش والسياسة المتبعة بخصوص العراق.

بلا شك إن علاقة الدولة التركية مع المجموعات الإسلامية السنية العربية تشكل خطراً كبيراً بالنسبة لجميع شعوب المنطقة وفي بدايتها الشعب الكردي لأن تلك المجموعات ذات طابع سلطوي قوموي ومعادٍ للكرد. لأن كلاً من حكومة العدالة والتنمية في تركيا وهذه الشخصيات القوموية السنية معادية للديمقراطية والحرية. ينبغي على الشعب أن يمتلك ذهنية تتصدى وتناضل ضد المساعي الهادفة إلى القضاء على كل الديناميكيات الديمقراطية الهادفة إلى فرض حاكمية جديدة من خلال ممارسة الظلم والضغط على الشعب.

من الواضح أن هناك العديد من القوى تقوم باستخدام داعش إلا أنه اتضح بأنه في الفترة التي تسعى فيها كل القوى إلى استخدام داعش لصالحها تقوم داعش أيضاً باتباع سياسة تستند إلى استخدام الجميع لصالحها. لجأت بعض القوى الدولية والإقليمية إلى اتباع سياسات تحد من توسع داعش وتضعفها بعد أن خرجت عن السيطرة وسعيها للتوسع إثر سيطرتها على الموصل. فالدولة التركية قامت باتباع سياسة المتاجرة بداعش مع القوى الدولية مقابل تصفية حركة الحرية الكردية من خلال الاستمرار في تقديم المساعدة وتقوية داعش. فعدم انضمام الدولة التركية للتحالف الذي تم تشكيله ضد داعش كان لهذا السبب. فكانت تقول «لماذا يتم إعطاء هذه الأهمية لكوباني، فهي ليست استراتيجية، وحلب هي النقطة الاستراتيجية » وسعت إلى المتاجرة بنفسها أيضاً إلى جانب داعش أي قامت بإعطاء هذه الرسالة «إن قمتم بمعادة الكرد حينها سوف أبيعكم داعش وأكون من أفضل المتواطئين معكم ». ينبغي رؤية هذه السياسة الخطيرة المعادية للكرد التي تتبعها حكومة العدالة والتنمية بشكل واضح ولهذا السبب تصرعلى تقديم المساعدة لداعش ضد حركة الحرية الكردية.

وضعت الدولة التركية خنق ثورة روج آفا نصب أعينها لهذا السبب عملت ومنذ البداية مع كل من جبهة النصرة وداعش والحزب الديمقراطي الكردستاني لخنق هذه الثورة. استند اتفاق حزب العدالة والتنمية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى خيانة ثورة روج آفا. فالحزب الديمقراطي الكردستاني هو المسؤول الأساسي أو الأول عمّا تعانيه ثورة روج آفا من صعوبات. وذاك الاتفاق القذر يستمر بأقبح أشكاله اليوم في روج آفا. كان الطرفان يأملان أن تساهم هجمات داعش وجبهة النصرة في تشتيت ثورة روج آفا والقضاء عليها. حين ذاك كان الحزب الديمقراطي الكردستاني سيقوم بإخضاع مناطق النفط لسيطرته ويتصرف بهذا النفط لمصلحته، أما بالنسبة إلى كل من عفرين وكوباني فكان سيتم تركهما لداعش. إلا أن مقاومة ثورة روج آفا حطمت مخططات كل من حزب العدالة والتنمية والحزب الديمقراطي الكردستاني وداعش في روج آفا. تطورت علاقتهم أكثر مع عدائهم للمالكي وأصبح هدف هذا الاتفاق القضاء على معارضي هذه القوى، ومع السيطرة على الموصل تغيرت التوازنات الموجودة في المنطقة.

إلا أنه بعد أن تمت السيطرة على الموصل تدهورت العلاقات فيما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وداعش لبعض الأسباب. حيث دخلا في وضع لم يستطع فيه أي منهما تلبية ما وقع على عاتقه تجاه الآخر وعلى إثر ذلك بدأت داعش بهجمة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني لتفقده سلطته. سياسة داعش بعد سيطرتها على الموصل، وهجماتها التي استهدفت كلاً من شنكال ومخمور وهولير جوبهت بمقاومة الكريلا، فكما أفشلت هذه المقاومة مخططات داعش فقد أفقدت الحزب الديمقراطي مكانته وقوته نتيجة اتباعه لسياسة خاطئة تعادي حزب العمال الكردستاني. وساهمت في ظهور خطر إفراغ هولير ووقوع باشور كوردستان تحت سيطرة داعش.

إلا أنه بفضل مقاومة الكريلا والغارات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية تم الحد من هذه المخاطر والتهديدات. مثلما أعاقت مقاومة الكريلا في شنكال، والسيطرة على المواقع الاستراتيجية سقوط شنكال بيد داعش، فقد أعاقت في الوقت نفسه استهداف داعش لثورة روج آفا من خلال شنكال وتهديد باشور كوردستان. من هذه الناحية فإن مقاومة شنكال اكتسبت قيماً استراتيجية سياسية عسكرية كبيرة. بلا شك إن مقاومة شنكال، والموقف الأيديولوجي، والإصرار الذي تم إبداؤه في حماية الكرد الايزيديين، ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية لشنكال أثرت بشكل كبير على الإنسانية كافة حيث لعبت دوراً تاريخياً في التعريف بحزب العمال الكردستاني ونهج القائد آبو. من هذه الناحية لم تكن مقاومة شنكال ذات أبعاد سياسية وعسكرية فقط إنما كان لها أبعاد أيديولوجية وفلسفية وبراديغمائية أيضاً. إن التدابير التي اقترحها القائد آبو بخصوص شنكال والنتائج التي تمخضت عن تطبيقها في آخر لحظة أظهرت للعيان حقيقة القائد آبو وإمكانية تطبيق مشروع الحياة الذي يسعى إلى إحلاله واعتباره الحل الوحيد من أجل الشعوب.

مقاومة شنكال لم تلعب الدور في الحماية والدفاع عن شنكال فقط ، إنما ساهمت في استمرار مقاومة كوباني فيما بعد أيضاً، وكان لها دور مؤثر في إكساب حركة الحرية المتمثلة في شخصية مقاومة كوباني القوة ضمن الأوساط العالمية والإقليمية. وكان لها دور هام في التعريف بنهج القائد وحقيقته في شخص ثورة روج آفا وكوباني. فمن دون المقاومة التي أبديت في شنكال لما اكتسبت ثورة روج آفا وكوباني هذا التأثير في العالم والمنطقة. كما ينبغي رؤية أن مقاومتنا في مخمور أيضاً استمدت قوتها من تأثير مقاومة شنكال. فمقاومة شنكال أكسبت مشروعية حركتنا بعداً جديداً ليس في جنوب كردستان ومنطقة الشرق الأوسط فقط إنما على المستوى العالمي أيضاً، فمقابل هذه المشروعية والقوة التي اكتسبتها حركتنا دخل الحزب الديمقراطي الكردستاني حالة تعارض وجود الكريلا في باشور كوردستان.

تحولت كوباني إلى ساحة حرب عالمية وإقليمية من الناحية السياسية. فتكرار الدولة التركية لماذا كوباني؟ نابع من إدراكها للنتائج والتأثيرات الإقليمية للمقاومة التي يتم إبداؤها هناك. بدأت الدولة التركية الهجوم على كوباني كي تزيد من تأثيرها الإقليمي، ولتكون الموجه الأساسي ضمن سياسة المنطقة إلى جانب داعش. فكما كانت الدولة التركية خلف الهجمات على كوباني هي الآن أيضاً وراء الإصرار على الهجوم على كوباني. وكما أرادت الدولة التركية التستر أو إخفاء دورها في الهجوم على الموصل وشنكال من خلال قولها «لقد تم أسر سفرائنا العاملين في قنصليتنا في الموصل » تسعى الآن من خلال قولها «إن مرقد الشاه سليمان معرض للخطر والتهديد » إلى التستر وإخفاء هجماتها المشتركة مع داعش على كوباني. وكما أن الوحدات الخاصة استخدمت الموصل والقنصلية كقاعدة لها، تريد الآن استخدام مرقد الشاه سليمان كقاعدة في الهجوم على كوباني أيضاً.

تستمر الدولة التركية في المشاركة في الهجوم على كوباني لعقدها شراكة مصير مع داعش. فإصرارها على عدم الانضمام إلى التحالف الذي تم تشكيله ضد داعش بالرغم من كل ضغوطات القوى الدولية هو نتيجة هذه المشاركة. وقد سعت إلى التستر على علاقتها مع داعش من خلال السماح لمجموعة من الحزب الديمقراطي الكردستاني بالعبور إلى كوباني. وبهذا الشكل أي بعد عملية المرور تلك خفت الضغوطات المفروضة على الدولة التركية بعض الشيء.

عقدت الدولة التركية حساباتها على أنه سيتم كسر مقاومة كوباني خلال فترة قصيرة، وبهذا الشكل سوف تسقط عفرين أيضاً، وستسيطر داعش على الحدود مع الدولة التركية لمسافة طويلة، وبهذا الشكل يتم محاصرة ثورة روج آفا أي يتم القضاء على تأثيرها السياسي ضمن سوريا بشكل عام. في حال حدوث هذا الأمر سوف تستعيد الدولة التركية تأثيرها ضمن السياسة الخاصة بسوريا ومنطقة الشرق الأوسط من جديد عن طريق داعش. إلا أن كوباني حدّت من حصول هذا وقامت بكشف علاقة الدولة التركية مع داعش مما زاد من غضب الدولة التركية التي سوف ستستمر في تواطئها مع داعش ما لم تغير سياساتها بخصوص الكرد أو إن لم تصل إلى اتفاق مع القوى الدولية بخصوص تصفية حركة الحركة الكردية مقابل داعش.

فهي تريد فرض وجودها ضمن منطقة الشرق الأوسط من خلال استخدام داعش وأمثالها ونتيجة هذه السياسة دخلت في مأزق بخصوص السياسة الخارجية لقيامها بإسناد سياساتها الخارجية على معاداة الكرد فهي ستستخدم داعش في كردستان ضد الثورة الكردستانية أيضاً. فهي لا تريد أن تفرض تأثيرها عن طريق داعش على السياسة الإقليمية فقط إنما تريد من خلال إنهاك حركة الحرية الكردية على يد داعش تأمين بعض من الراحة الداخلية أيضاً. من هذه الناحية ينبغي التطرق إلى أن النضال ضد داعش هو نضال طويل الأمد.

من ناحية أخرى فإن الحرب بين حركة الحرية الكردية وداعش أصبح أمرا لا يمكن الفرار منه وينبغي أن لا يُتوقع انتهاؤها خلال فترة قصيرة. فكما أن حالة الفوضى في منطقة الشرق الأوسط ولدّت قوة كداعش، فتعمق هذه الفوضى ساهم في خلق وسط ثوري بالكامل أيضاً حيث أن التطورات السياسية والفوضى في المنطقة أظهرا أن إمكانية حل القضايا يكمن فقط في اتباع الأسلوب الثوري حيث أن جميع قضايا المنطقة بالإضافة إلى داعش لا يمكن إيجاد حل لها بعيداً عن الأسلوب الثوري.

من الخطأ عند النظر إلى حقيقة داعش التطرق إلى السياسة اليومية فقط فلا شك أن لها علاقة وارتباط بالسياسات الدولية أيضاً كما أن استخدامها من قبل عدة قوى ساهم في اكتساب هذا التأثير خلال فترة قصيرة. إلا أنه إن تم التفكير بأن قوى الإسلام السياسي السلطوي امتلكت القوة في جميع المناطق ضمن الشرق الأوسط، وأن هذه القوة تشكل تهديدا بالنسبة للقوى الدولية أيضاً حينها ينبغي أن يتم التطرق إلى داعش وكل الحركات الإسلامية وإلى أبعادها التاريخية بشكل أشمل.

يُلاحظ أن كل هذه الحركات رأت إمكانية تقوية ذاتها بعد انهيار الاشتراكية المشيدة. كانت الاشتراكية تشكل الأمل بالنسبة للشعوب بنسبة معينة. فالشعوب كانت تسعى إلى إيجاد حل لأبحاثها عن الحرية والديمقراطية ضمن الاشتراكية مقابل نظام الدولة السلطوية. إلا أن الفراغ الأيديولوجي الذي خلقه انهيار الاشتراكية المشيدة كان بالنسبة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. إن تم التطرق إلى منطقة الشرق الأوسط على أنها مركز الحضارة المعنوية وليس المادية حينها سيتم رؤية نتائج الفراغ الأيديولوجي وبشكل واضح بنسبة أكبر في منطقة الشرق الأوسط.

فعدم قيام أي حركة بتعبئة هذا الفراغ الأيديولوجي من بعد الاشتراكية المشيدة جعل هذه الحركات الإسلامية ترى من خلال مخاطبة القيم والثقافة التاريخية للإسلام إمكانية تقوية نفسها ضمن هذا الوسط. بدون شك فإن براديغما القائد آبو ونهجه السياسي والأيديولوجي ذو طابع وعمق قادر على حل جميع قضايا الشعوب. إلا أننا كحركة ولعدم تطوير تنظيمنا وقوتنا لتكون البديل لشعوب المنطقة جعل هذه القوى من خلال مخاطبة تلك القيم تقوي ذاتها. من ناحية أخرى فإن منطقة الشرق الأوسط التي كانت مهد الإنسانية والتي خلقت أعظم الحضارات وكانت الجغرافيا التي ولدت فيها الأديان التوحيدية تحولت إلى جغرافية التشريد مع تطور الحداثة الرأسمالية والحضارة المادية. وعلى وجه الخصوص فإن تجزئة العرب إلى دول، وتحقير القيم والثقافة الإسلامية وفق النظرة الاستشراقية والتشريد أدى إلى تراكم الكثير من الغضب ضمن المجتمع العربي. ومن هنا فإن الفراغ الأيديولوجي الناتج إثر انهيار الاشتراكية المشيدة وانهيار التوازنات القديمة من الناحية السياسية ساهم في انفجار هذا الغضب. لهذا السبب عند القيام بالنضال ضد الحركات السلطوية الفاشية كداعش يحوز التعرف على هذه الحركات وتطوير وسائل وآليات النضال بالشكل الصحيح والفعال على أهمية بالغة وخاصة أن التقرب من الإسلام بالشكل الصحيح، وتحويل القيم الثقافية والديمقراطية للإسلام إلى مصدر ومنبع للاشتراكية الديمقراطية، وفي المقابل عدم الوقوع في وضعية تعكس معادة العرب يعتبر أمراً في غاية الأهمية.

يتم إنشاء توازنات ونظم جديدة في منطقة الشرق الأوسط كما حصل في بداية القرن العشرين، وهي تخص وتشمل جميع بلدان المنطقة وشعوبها. وعلى وجه الخصوص الشعب الكردي الذي تم تهميشه في القرن العشرين. فكل التطورات التي تتم معايشتها تشير إلى أن الكرد لهم فرص كبيرة في تحديد مصيرهم. ولكن في مقابل هذا هناك احتمال معايشة خطر التهميش مرة أخرى في حال بقاء الكرد في وضعهم السابق. فمن يقوم بامتلاك المبادرة بالاستناد إلى السياسة الصحيحة في يومنا الراهن الذي تتسارع وتتكاثف فيه التطورات سيحقق النجاح، ومن لا يمتلك المبادرة المستندة إلى السياسة الصحيحة سيلقى الهزيمة. وحركتنا من خلال إعطائها الأهمية لهذه الحقائق والتي قامت بإظهار حقيقة الشعب من خلال نضاله الممتد لأربعين عاماً، وصاحبة نهج أيديولوجي لها القدرة على توجيه التطوراتالسياسية والعسكرية التي زادت تأثيرها ضمن الأوساط الإقليمية والعالمية ينبغي عليها من خلال الاستفادة من كل هذه الإمكانيات توجيه التطورات من خلال امتلاك المبادرة والقيام بالحملة. فلا توجد في منطقة الشرق الأوسط أية قوة تكون الجواب الشافي لجميع القضايا الاجتماعية والسياسية سوى نهجنا الأيديولوجي والبراديغما التي نستند عليها، فامتلاك المبادرة والقيام بحملة ثورية سوف يحققان مكاسب أكبر. فكل حملة من حملاتنا وكل نضال من نضالاتنا سوف يسفر عن مكاسب أخرى كالتربة الخصبة. عند رؤية القائد آبو هذه الوقائع أشار ونبّه إلى امتلاكنا فرصة للقيام بثورة هامة كالثورة الروسية والثورة الفرنسية.

في الفترات التي عايشنا فيها التردد فاتتنا أو فقدنا فرصاً كبيرة إلا أنه في الفترات التي أبدينا فيها الجسارة في خطو الخطوات حققنا مكاسب كبيرة. فامتلاك الجرأة في القيام بثورة روج آفا والنتائج الإيجابية التي تمخضت عن التصدي لهجمات داعش في شنكال خير مثال في هذا الموضوع. إن كان تأثير حركتنا قد زاد في يومنا الراهن ضمن منطقة الشرق الأوسط والعالم فهذا نابع من القيم التي خلقناها بنضالنا الذي تم تسييره لمدة أربعين عاماً والخطوات التي تم خطوها في ثورة روج آفا ومداخلة الوضع في شنكال. هذه الحقائق مفيدة جداً لمعرفة كيف ينبغي أن يكون نهج نضالنا وأسلوبنا السياسي حيث أن فرصة النجاح الوحيدة لحركة كحركتنا هي النضال والقيام بالحملات بالاستناد إلى أيديولوجيا وسياسة صحيحة. فالنضال بوجود براديغما القائد آبو، وطليعة محللة له تحليلاً أيديولوجياً ونهج سياسي يعتبر إمكانية لتحقيق أكبر الانتصارات والنجاحات. نحن مقبلون على فرص ومهمات تاريخية كبيرة بهذا القدر. ينبغي علينا عند تحليل التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وكردستان أن نعلم كيفية قيامنا بدورنا ضمن هذا الوضع واتخاذ مواقف تساهم في تأدية مهماتنا. إن كنا لا نريد الفشل كما في القرن العشرين ونريد النصر والنجاح ينبغي علينا أن نكون أصحاب أسلوب ثوري بهذا الشكل.

تعززت مواقف حركتنا التحررية الآن في منطقة الشرق الأوسط. فالقوة التي وصلت لسوية تكون قادرة فيها على التأثير على مستقبل سوريا في الفترة التي تعاني فيها كل الجهات الفاعلة في سوريا حالة انسداد هي حركة الحرية الكردية. فمن دون ثورة روج آفا وحركة الحرية الكردية صاحبة القوة والتأثير في سوريا لا يمكن خلق سوريا الجديدة، حيث أنه ضمن إطار قيم ثورة روج آفا يمكن خلق سوريا الجديدة. لأن النهج السياسي الوحيد الذي يملك القدرة على أن يكون الجواب لمطالب جميع الشخصيات الاجتماعية وتوحيدها مع بعضها هو النهج العائد لقوى روج آفا الثورية. عند توسع هذا النهج السياسي على أساس الإدارة الذاتية لروج آفا سيتم تجاوز حالة الانسداد السياسي الموجود والوصول إلى سوريا ديمقراطية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف ينبغي عوضاً عن المقاربات السياسية الضيقة المحددة بروج آفا الوصول إلى المستوى الطليعي والفعال لتطبيق نهج السياسة الهادفة لضم سوريا وجميع الشخصيات الاجتماعية. ثورة روج آفا حققت هذا الموقف بالمقاومة ضد داعش ومنع تقدمها ودفعها إلى التراجع على الرغم من عدم الجاهزية التي ظهرت في كوباني، والعديد من النواقص والتي كلفت خسائر كبيرة. دخلت تركيا وضع أضعف القوى تأثيرا في سوريا، كما أن النظام الموجود أيضاً لا يمكنه الاستمرار كالسابق، كما أن تأثير الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الديناميكيين في وضعية ضعيفة أيضاً.

فحتى إن استطاع أي واحد منهم الاستمرار بإثبات وجوده إلا أنه لا يمكنه أن يصل لوضعية الموجه أو المحدد. من هذه الناحية وفي هذا الوضع المتشكل سيكون الجميع بحاجة إلى ثورة روج آفا وسيرضون بسوريا التي ستتشكل من قبل ثورة روج آفا. ينبغي أن يتم تحليل هذا بشكل جيد من قبل حركة الحرية الكردية.

بالاستفادة من هذه الفرص التاريخية التي ظهرت أمام ثورة روج آفا ينبغي عليها وعلى وجه الخصوص تنظيم وتقوية نفسها من جديد بالاستناد إلى النواقص والأخطاء التي ظهرت في كوباني. في بداية كل شيء فإن الوصول إلى حقيقة الشعب المحارب يحوز على أهمية بالغة في هذه النقطة. الفشل في تشكيل الثورة وفق تنظيم وذهنية الوصول إلى حقيقة الشعب المحارب يعتبر من أهم المواضيع التي يتوجب تقديم النقد الذاتي بخصوصها. كما أن وجود الضعف في مصاحبة المجتمع والشبيبة للثورة حتى الآن يعتبر هو الآخر موضوعاً يستوجب تقديم النقد الذاتي بخصوصه.

فعدم تنظيم الشعب على هذا الأساس على الرغم من امتلاك كوباني وثورة روج آفا حقيقة أكثر الشعوب المقاومة يعبر عن غفلة تاريخية. بلا شك أنه بالرغم من هذا القدر الكبير من الكدح والجهود وخلق القيم من خلال تقديم الآلاف من الشهداء البواسل يظهر بأنه يتم التقرب بشكل سطحي ومفتقد إلى المسؤولية بشكل جدي في غرب كردستان، حيث يظهر بأنه عوضاً عن التمسك وتطبيق البراديغما والنهج الأيديولوجي-السياسي لقيادتنا يتم الغوص في بنية وذهنية مختلطة بين الحداثة الرأسمالية والاشتراكية. وحتى إن أبدت إدارتنا والكوادر جهودا من أجل تجاوز هذه النواقص ينبغي التوقف على البنية الأساسية لهذه الأخطاء والنواقص.

باختصار إن ثورة روج آفا التي تمثل أمل الشعوب والتي ستكون النموذج من أجل الشرق الأوسط عليها أن تعيد النظر بجدية وتتقرب بشكل يتوافق مع الدور الموكل إليها، وينبغي تطبيق براديغما وأيديولوجية والنهج السياسي للقائد آبو من دون التحجج بأية حجة كانت.

الوضع السياسي في العراق وبسبب التنافس السني والشيعي وأزمة الكرد مع حكومة العراق المركزية بات يخص ليس العراق فحسب إنما كل المنطقة. قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمداخلة كبيرة، ولكنها لم تصل إلى النتيجة التي كانت ترجوها منها، حتى أنها دفعت بالعراق لتتحول إلى منطقة مصدرة لمشاكلها إلى جميع بلدان الشرق الأوسط. وهذه المرة وبسبب العقلية الاستبدادية والأحادية في الشرق الأوسط بدأ السنيون في العراق بالشعور بأنه تم تهميشهم أو إخصاؤهم، وأصبح هذا الشعور مصدر اللااستقرار الموجود. وبانضمام جميع العرب السنة والدولة التركية إلى هذا الموضوع، والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الجبهة السنية في العراق تحولت العراق إلى منطقة خالقة ومصدرة للأزمات. تحركت الجبهة التي تشكلت من العرب السنة والقوى البعثية العراقية وداعش والدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني ضمن اتفاق بخصوص سلطة أو حكم المالكي. هذه الجبهة قامت بلعب الدور المسبب لتقوية داعش في المنطقة.

وهكذا ونتيجة هذا الاتفاق تم تسليم الموصل من دون مقاومة لداعش حيث كان للحزب الديمقراطي الكردستاني دور في تسليم الموصل لداعش، وعدم دخول البيشمركة المتواجدين في أطراف الموصل ضمن نهج دفاعي يقوم بحماية الكرد أجبر الكرد المتواجدين في الموصل على الهجرة والنزوح منها.

فمقاربة الحزب الديمقراطي الكردستاني بخصوص سيطرة داعش على الموصل وانسحابه من شنكال توضح وجود اتفاق ضمني وعلاقة واضحة مع داعش. إلا أنه نتيجة إحساس داعش بقوتها واستهدافها لهولير بشكل مباشر طلب الحزب الديمقراطي الكردستاني المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية. القوة الوحيدة التي كانت لها القدرة على المقاومة في جنوب كردستان كانت قوات الكريلا وتحطمت إرادة جميع القوات العسكرية الأخرى. فمداخلة قوات الكريلا للوضع وإبداؤها للمقاومة حدّ من قضية تحطم الإرادة في جنوب كردستان، فهي لم تنقذ هولير فحسب إنما أنقذت جنوب كردستان بالكامل. المصالح الضيقة للحزب الديمقراطي الكردستاني ومعادته لحركة الحرية ساهم في ولادة خطر خسارة جنوب كردستان. إن التقرب بسياسة ضيقة الأفق وبسيطة بهذا القدر في مرحلة إنشاء توازنات في عالم كمنطقة الشرق الأوسط وفي مرحلة يتم فيها خوض النضال من أجل تحديد شكل المنطقة، سوف يساهم في ولادة خطر التهميش والإخصاء كما ظهر في بداية القرن العشرين. لهذا السبب فإن النظر إلى التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط بنظرة واسعة الأفق، وإدراك أن كل التطورات السياسية وكل التوازنات التي ستتشكل ستخص الكرد، وتسيير سياسة وخوض نضال يؤثر على منطقة الشرق الأوسط كاملة يحوز على أهمية بالغة جداً.

لإدراك القائد آبو للتطورات في العراق ومنطقة الشرق الأوسط ومنذ فترة سابقة طلب أن يتم القيام بمداخلة المنطقة الوسطى وفي بدايتها منطقة شنكال فهذه المنطقة الفاصلة بين العرب والكرد تضم جماعات وإثنيات دينية مختلفة كالتركمان والشيعة والسريان. إن براديغما حركتنا سيكون لها تأثير في هذه المنطقة فهي تعتبر من إحدى المناطق التي تستهدفها الشوفينية العربية أيضاً. ومطالبة القائد آبو منا القيام بالمداخلة كانت لرؤيته هذه الحقائق. عانينا الضعف في مداخلة هذه المنطقة في الوقت المناسب لعدم إدراكنا التام للوسط السياسي لمنطقة الشرق الأوسط وتحركنا بالاستناد إلى مقاربات ضيقة. وهذا بدوره أعطى فرصة لكل من الدولة التركية والشوفينية العربية لتطبيق سياساتهما الهادفة إلى تضييق المناطق الكردية وتحطيم تأثيرها السياسي بسهولة.

مداخلة شنكال في آخر لحظة على الرغم من كل هذه النواقص والتأثير الذي خلقته في المناطق الأخرى من العراق ساهم في ولادة وضع سياسي جديد في جنوب كردستان. وصلت حركة الحرية في جنوب كردستان والنضال والأعمال التي تم تسييرها خلال عشرات الأعوام في كردستان إلى أعلى سويات التأثير.

هجمات داعش على شنكال والمقاومة التي أبديت ضدها ساهمت في ولادة أو خلق أرضية لتطوير نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في جنوب كردستان وخاصة في شنكال والمنطقة التي تتواجد فيها الجماعات والإثنيات المختلفة. حتى وإن أصر الحزب الديمقراطي الكردستاني على مفهوم الدولة القومية الفردية والمركزية فإن إمكانية تطبيق مشروع القائد آبو النظام الديمقراطي المستند إلى الأمة الديمقراطية، الكونفدرالية الديمقراطية الذاتية الديمقراطية من خلال تجاوز تلك المفاهيم في جنوب كردستان باتت أكثر وأوفر وأقوى من أي وقت مضى.

بدأت التطورات في منطقة الشرق الأوسط تفرض ذاتها على إيران، الصراع السني الشيعي كان يدخل إيران ضمن صراعات سياسية مستمرة. فإيران التي كانت تعمل على إحياء ذاتها من خلال أزمات وحروب الشرق الأوسط تعتبر اليوم من أكثر المناطق المعرضة للخطر ضمن صراعات منطقة الشرق الأوسط.

انطلاقاً من هذا في المرحلة التي تم الوصول إليها يتضح بأنه من غير الممكن لها مواجهة الهجمات الخارجية من دون إحلال الاستقرار الداخلي. فإما أن تقوم بحل جميع قضاياها وفي بدايتها القضية الكردية بالديمقراطية أو أن تواجه أزمات سياسية. قويت إمكانيات حركة الحرية الكردية في إيران وهي على دراية بهذا، إلا أنها لم تقم بخلق سياسة بصددها. إن استطاع نضالنا من أجل الحرية صون هذا الزخم المعزز بشكل عام فسيقوم بتقوية أرضية حل القضية الكردية في إيران أيضاً. إن قام الكرد باتباع سياسة ومقاربة سياسية صحيحة سيتحولون إلى القوة الأساسية لإحلال الديمقراطية في إيران أيضاً.

لا شك أن تأثير شمال كردستان كان الأكبر على نضالنا في عام 2014 أيضاً. فالدمقرطة التي صرح بها القائد في نوروز عام 2013 أمام الملايين وعلى أساسها مشروع حل القضايا الذي طرحه وقيام القائد بالبدء بمرحلة الحل الديمقراطي حدد مسار التطورات السياسية.

أراد القائد آبو نتيجة الضغوطات التي فرضت على حزب العدالة والتنمية في حرب 2012 وتطور تأثير حركتنا في المنطقة والوضع السياسي الذي خلقته ثورة روج آفا الوصول إلى نتيجة من خلال مشروع حل هادف إلى دمقرطة تركيا. لا شك أن الاستناد إلى هذه الأمور سوف يزيد من تأثيرنا ومكاسبنا في كردستان ومنطقة الشرق الأوسط. إن نداء القائد آبو بخصوص تجميد العمليات العسكرية والانسحاب أتى في الأساس نتيجة رؤية القائد للوضع في المنطقة والضغط الذي يعانيه حزب العدالة والتنمية ولحثه على خطو خطوات جادة. فقيام القائد آبو بحملة الانسحاب في الفترة التي كان فيها حزب العدالة والتنمية يأمل تجميد العمليات العسكرية كان لإجبار حكومة العدالة والتنمية على خطو الخطوات. إلا أن حزب العدالة والتنمية وبالرغم من الضغوطات التي كان يعاني منها سعى إلى استخدام حملة القائد بهدف المماطلة وكسب الوقت من خلال استخدام جميع إمكانياته في الحرب الخاصة ومهاراته في التمويه حتى أنه لم يقم بخطو أية خطوة مقابل حملة الانسحاب. وحركتنا مقابل الموقف الذي اتخذه حزب العدالة والتنمية وهو عدم خطو الخطوات والبقاء في وضيعة مشاهدة ومتابعة فقط مقابل مشروع الحل الذي طرحه القائد آبو في نوروز وعملية الانسحاب أفادت بأنه لم يبقَ أي معنى من عملية انسحاب الكريلا مقابل هذا الموقف وانتقده.

لا شك أن القائد آبو قام من خلال رؤيته ظروف المرحلة بخطو خطوات سياسية وتطبيق تكتيكات لها القدرة على تحقيق نتائج صحيحة، إلا أن عدم تقوية هذه السياسات والتكتيكات الصحيحة من قبل حركتنا بأساليب نضال وآليات صحيحة، والتقرب وكأن السياسة الصحيحة سوف تسفر عن النتائج من تلقاء نفسها ودخول الشعب والكتلة التي تتشكل منها حركتنا في حالة تأمل جعل حزب العدالة والتنمية يحول هذه المرحلة إلى حالة للمماطلة وكسب الوقت. لم ينجح النضال السياسي الذي تم تطويره في إكساب الحملة التي بدأها القائد آبو التأثير اللازم، حيث أنه تم اتباع موقف سياسي محصور بإفشال الهجمات التي تستهدف ثورة روج آفا والتأثير الذي خلقته هذه الثورة. فموقف حركتنا والقوى الديمقراطية في تركيا وشعبنا مقابل حملة القائد آبو لم يستند إلى نضال يساهم في تحقيق النجاح والتوحد مع تلك المرحلة إنما استند إلى أسلوب خاطئ ألا وهو الدخول في وضعية التأمل فقط. ففي هذا الوضع لم تقم حكومة العدالة والتنمية بأي شيء بخصوص المرحلة الثانية من مشروع حل القضية الكردية والمتمثلة بالدستور والقوانين. حتى وإن قامت هذه المرحلة بتحقيق متمثل بقبول القائد آبو وحركتنا كعامل أساسي ضمن المجتمع التركي إلا أنه لم يتم تحقيق النتائج التي كان يهدف لها.

لتغيير هذا الوضع في عام 2014 تم إبداء موقف وقرار تنظيمي يتخذ من تطوير أعمال إعادة الإنشاء من خلال رفع سوية النضال واتخاذ موقف سياسي في الوقت المناسب من جهود الحل الديمقراطي للقائد آبو أساسا له، حيث تم اتخاذ قرارات وطرح مشاريع تحقق النضال مع قوى الحل الديمقراطي التي لا تقبل بسياسات حكومة العدالة والتنمية وتكشف عدم امتلاك الحكومة لأية مشاريع حل. وتم إبداء إرادة تحقيق حرية القائد آبو وتحقيق الحل في عام 2014 بنضال يضم جميع القوى الديمقراطية عوضاً عن تأمل الحل والدمقرطة من حكومة العدالة والتنمية. وبهذا الشكل تم السعي للتحول إلى جواب لانتقادات القائد آبو.

تنظيم شعبنا في شمال كردستان تطور على أساس إكساب القوة لثورة روج آفا ومقاومة كل من كوباني وشنكال. لقد لعب شعبنا وتنظيمنا في شمال كردستان دوراً هاماً في استمرارية مقاومة كوباني حيث أن التوحد مع ثورة روج آفا ومقاومة كوباني، وتوحد الثورتين مع بعضهما وصل إلى سوية هامة في هذه المرحلة وأظهرت عمليات مصاحبة وتبني مقاومة كوباني حقيقة الروح الثورية وسوية النضال.

كما أن سرهلدانات مصاحبة كوباني ودعمها أظهرت حقائق هامة. ففي الأساس أظهرت مقاومة كوباني وما تم معايشته فيما بعد الوضع السلبي والإيجابي ضمن الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تركيا وكردستان بكل وضوح. انطلاقاً من هذا فإن تحليل سرهلدانات 9- 6 اكتوبر، واستنباط نتائجها، وتقوية جوانبها الإيجابية وتجاوز جوانبها السلبية تحوز على أهمية بالغة لإيصال نضال المرحلة المقبلة إلى النصر والنجاح.

عمليات مصاحبة مقاومة كوباني والانتفاض ضد معاداة العدالة والتنمية لثورة روج آفا دخلت التاريخ على أنها أكبر السرهلدانات الثورية ضمن تاريخ نضالنا. فانتفاضة شعبنا هذه تحولت إلى جواب ورد لحكومة العدالة والتنمية المماطلة وغير الساعية إلى حل القضية الكردية، والساعية إلى تصفية نضال الشعب بالحرب الخاصة وسياساتها التصفوية. هذه السرهلدانات الحاشدة أظهرت عدم ضعف شوق شعبنا إلى الحرية وإصراره في النضال. من الواضح أنه لو كان هناك طليعة ثورية وإصرار في النضال والسعي إلى الهدف مهما كلف الثمن كانت هذه السرهلدانات ستحقق الحرية والحياة الديمقراطية في كردستان، وعلى هذا الأساس كانت ستحقق دمقرطة تركيا من خلال حل القضية الكردية.

في شمال كردستان وبعد هذه العمليات عوضاً عن كسب الهيجان والمعنويات تم البحث على الدوام عن النواقص ضمن هذه العمليات، وتم الوقوع في محاسبة وحديث وتحرك وكأن سير الأمور الإيجابية يؤثر بشكل سلبي وتم الدخول في وضعية المدافعة. والأصح أنه تم التحليل بأسلوب الحرب الخاصة والنفسية للدولة التركية والوقوع في وضعية المدافعة. فلعدم امتلاكنا لذهنية وقوة تنظيمية وعلى وجه الخصوص في الميادين القانونية تستطيع الحد من هذا في شمال كردستان تم تحميل هذه العمليات قيماً سلبية. إن قيام الأحزاب القانونية أو الرسمية والطبقة الوسطى بالتطرق إليها بهذا الشكل يمكن أن يعطيها المعنى، ولكن عدم ظهور موقف أيديولوجي سياسي أو تنظيم يتطرق إلى أحداث 6- 9 اكتوبر بتقرب ثوري وعدم قيامنا بتوجيهها يعتبر بالنسبة لنا ضعفاً ويتطلب تقديم نقد ذاتي جدي بخصوصه.

ظهر في الفترة الأخيرة التقرب الضعيف لمؤسساتنا والتنظيم في شمال كردستان تجاه هجمات Hüda-Par وكذلك عدم التعرف على حقيقة الدولة، وعلى أساسه عدم اتخاذ التدابير وعدم إبداء الموقف والنضال الواجب إبداؤه. عندما تكون الرؤية خاطئة حينها يكون التحليل والتدابير المتخذة ومفهوم النضال خاطئاً أيضاً. إن هجمات – Hüda

Par ليست بحادثة ناتجة عن أخطاء الشبيبة أو مؤسساتنا، كما أنها ليست بعمليات قامت بها الدولة العميقة أو بعض الأطراف الاستفزازية، فهي بالكامل مرتبطة بقيام الدولة التركية وحكومة العدالة والتنمية باستخدام Hüda-Par كما في عام 1990 . فالقوى الاستخباراتية وحكومة العدالة والتنمية هي التي حثت هذه القوى على المهاجمة، وسعت إلى أن ترى « Hüda-Par حزب الله » حزب العمال الكردستاني كعدو وتقضي عليه حيث أن الدولة تملك هي أيضاً وجهة النظر ذاتها. لهذا السبب ومن أجل إضعاف حركة الحرية تسعى إلى استخدم Hüda-Par وحثها على المهاجمة. فالتفكير بأن هذا يحدث نتيجة أخطاء الشبيبة أو أخطاء تلك المؤسسة، إن تم التقرب بشكل معقول وعقلانية يمكن الحد من حصول مثل هذه العمليات، نابع من الرؤية والتحليل الخاطئين. مثل هذه التقربات لا تكفي لإيقاف الهجمات بل على العكس تماماً فمن خلال التستر على حقيقة العدالة والتنمية والقوى المهاجمة يتم تهيئة الأرضية لظهور هجمات جديدة.

تعاني حكومة العدالة والتنمية ضغوطات من الداخل والخارج مقابل نضال الحرية للشعب الكردي لهذا السبب تحث داعش في المناطق الأخرى و Hüda-Par في شمال كردستان على الهجوم. لعدم امتلاك الدولة والحكومة التركية لسياسة الحل تسعى من خلال حث هذه القوى على الهجوم إلى القضاء على حركتنا وتصفيتها، وبهذا الشكل تتخلص من قوة فرضنا للحل. والشيء الوحيد الذي يمكنه إفشال لعبة الدولة وحكومة العدالة والتنمية هو تنظيم الشعب وتقوية الدفاع المشروع الذي يعني ردع وكسر مثل هذه الهجمات والتصدي لها، وكل التقربات الأخرى تعتبر انجراراً للعبة العدالة والتنمية. سعت حركتنا إلى إخراجهم من وضعية المستغلين، ولكنهم يرون حزب العمال الكردستاني كعدو واتحدوا مع بعضهم لتصفية حركتنا. انطلاقاً من هذا فإن مقاربات مؤسسات السياسة الديمقراطية خاطئة وعلى وجه الخصوص تجاه Hüda-Par . لأننا قمنا بإبداء مقاربة تصون وجودهم ضمن تطبيق الأمة الديمقراطية ولكنهم لعدم امتلاكهم أوتحليهم بمثل هذه الذهنية والطابع والنية يقومون بالاستمرار بسياساتهم. تقوم حكومة العدالة والتنمية الآن باستخدام Hüda-Par كقوة شبه عسكرية مقابل حركة الحرية.

لرؤية القائد آبو الضغط الذي تعاني منه حكومة العدالة التنمية قام بحملة جديدة. حيث سعى القائد آبو من خلال طرحه مسودة المذكرة إلى خلق وسط سياسي يجبر الحكومة على الحل. أي أنه بهذا الشكل أراد من حكومة العدالة والتنمية موقفاً واضحاً. لهذا السبب حدد آخر مدة لإتمام المذكرة فترة ما بين 1- 15 شباط. لأن القائد رأى بأنه إن لم تقم حكومة العدالة والتنمية بالحل قبل فترة الانتخابات فإنها ستقوم بحملة تصفية. نحن كحركة قمنا بنفس التحليل ونوهنا إلى أنه إما أن تقوم حكومة العدالة والتنمية بخطو الخطوات قبل الانتخابات أو سيتم الدخول في الانتخابات بدون مرحلة تجميد العمليات العسكرية.

بالطبع نحن نقدم الدعم لجهود القائد آبو، وسنستمر في تقديمه. كما أننا بموقفنا ونضالنا لن نعطي فرصة كي تقوم حكومة العدالة والتنمية بتجاوز الفترة المحددة أو تقوم بالمماطلة حتى فترة الانتخابات. إن سمحنا بمرور سياسة الإلهاء المتبعة من قبل العدالة والتنمية نكون قد أعطيناها فرصة للقيام بهجمات قوية بعد الانتخابات. هذا ليس مجرد تكهن، إنما هو مخطط حكومة العدالة والتنمية بعد الانتخابات حيث أنه في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي انعقد في 30 اكتوبر اتخذ قرار الهجوم على حركتنا في جميع الميادين و الساحات بشكل علني.

لكن تطبيق هذا المخطط بالكامل سوف يضع حكومة العدالة والتنمية في مواقف صعبة فالقسم الأساسي من المخطط تم تركه أو تأجيله إلى ما بعد الانتخابات، والآن تم إدخال قسم المخطط المتعلق بإضعاف حركة الحرية حيز التنفيذ. من هنا ينبغي مساندة مسودة المذكرة التي طرحها القائد آبو والضغط على حكومة العدالة والتنمية بخصوصها وإجبارها على التقرب بشكل يتناسب مع الفترة المحددة من ناحية ، ومن ناحية أخرى ينبغي الاستعداد للنضال من أجل مرحلة ما قبل الانتخابات ومرحلة ما بعد الانتخابات.

ينبغي الهدف إلى حل القضية الكردية وإحلال دمقرطة تركيا من خلال اتفاق ونضال القوى الديمقراطية. ففي الأساس ينبغي البحث عن حل القضية في هذا الاختيار والنضال. فحركتنا تتمسك بهذا الاختيار بشكل واضح منذ أكثر من عشرين عاماً. وأبدت جهوداً عظيمة في هذا الموضوع، وأبدت كل أنواع المواقف والتضحيات التي تقع على عاتقها.

لأول مرة تتوفر إمكانية حل القضية الكردية ودمقرطة تركيا بالقوى الديمقراطية بهذه السوية. وخاصة أنه يتم خوض مرحلة الانتخابات المقبلة باتفاق القوى الديمقراطية، فإن تم تجاوز نسبة 10 % باسم HDP حينها سيكسب النضال السياسي الديمقراطي سوية ومكانة تحقق نتائج لم يتم تحقيقها في أية مرحلة من المراحل السابقة. وسيتم تخطي وضع تمثيل جزء من ديمقراطية الحرب الخاصة للدولة والحكومة التركية ودخول الانتخابات مع المستقلين. ربما كان دخول الانتخابات مع المستقلين في الماضي قيمة سياسية، ولكن مع الوصول إلى المرحلة الراهنة لن يكون له أية قيمة سياسية.

لهذا السبب دخول الانتخابات بأوسع مجموعة من القوى الديمقراطية سوف يساهم في كسب مكاسب مهمة. فدخول الانتخابات بهذا الشكل وتجاوز الحد المحدد سوف يخلق نتائج الثورة الديمقراطية، وستفشل ألاعيب العدالة والتنمية. فبنجاحٍ بهذا الشكل فقط يمكن الحد من اندلاع الحرب فيما بعد الانتخابات، وإحلال دمقرطة تركيا من خلال تفعيل السياسة الديمقراطية وهي بدورها ستساهم في خلق فرصة وإمكانية حل القضية الكردية. حيث أن عدم دخول الانتخابات تحت راية الحزب سيعني عدم الإيمان والثقة ببراديغما القائد آبو وإفشال مشروع .HDP مع مقاومة كوباني وثورة روج آفا زادت إمكانية خلق وتشكيل قطب ديمقراطي في تركيا أكثر من أي وقت مضى، وكسبت حركتنا تعاطفاً وثقة من قبل الكثير من الشخصيات.

وتحويل هذا الوضع إلى اتفاق وحركة ديمقراطية ينبغي أن يكون من مسؤولياتنا الأساسية. إن كنا نحن من قام بخلق هذه النتائج فينبغي أن يكون الوصول إلى نتائج سياسية عن طريق المحافل من مهماتنا أيضاً. ينبغي التخلي عن المفهوم المستند إلى «لا يمكن الاستفادة من هؤلاء بأي شيء ». إن مثل هذه المقاربات والتقربات مرتبطة بالتأثر بقوى الحرب الخاصة والأطراف القوموية. إن كان مشروع HDP هو آلية تطبيق البراديغما الجديدة فالتحرك بشكل يتوافق معها هو من ضروريات نهج وبراديغما القائد. انطلاقاً من هذا فإن التوحد تحت سقف HDP ، ودخول الانتخابات كحزب، ومداخلة السياسة بالحركة الديمقراطية ينبغي أن تكون من المسؤوليات الثورية للمرحلة المقبلة. يقوم القائد آبو بفرض الحل والمذاكرة. ولكن يتضح أنه من الصعب تحقق هذا. لأنه ومن الآن يرى بأنه تم تجاوز الفترة الزمنية المحددة لخطة عملية المذاكرة. في هذا الوضع إن لم يتم هزيمة حزب العدالة والتنمية بكتلة أو قطب ديمقراطي في الانتخابات سوف يسفر ذلك عن اندلاع حرب طاحنة. حيث أن حرب الدولة التركية لن تنحصر ضمن شمال كردستان فحسب إنما ستنتقل إلى كل من روج آفا وجنوب كردستان أيضاً. وسوف تدخل الحرب إلى جانب داعش ضدنا بشكل علني وفعال أكثر. انطلاقاً من هذا ينبغي أن تكون استعداداتنا وتحضيراتنا قوية لإفشال مثل هذه الهجمات في عام 2015 وإفساح المجال أمام الحل. لأنه إن تم إفشال مخططات حكومة العدالة والتنمية في هذه الهجمات أيضاً فإن ذلك سوف يحث أو يدفع الدولة التركية إلى الدخول ضمن أبحاث من أجل الحل. لأنه عندما يتم إفشال وكسر الهجمات الأخيرة حينها إما أن تقوم بخطو الخطوات نحو حل القضية الكردية أو أن تعايش حالة انقسام كالتي عقبت الحرب العالمية الأولى. لأنه إن لم تقم المناطق التي تحوي هويات دينية واثنية مختلفة بإحلال الديمقراطية حينها لا يمكنها الفرار من معايشة تلك النتائج.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى