ستنتصر الحياة الحرة والديمقراطية بحملة الأول من حزيران الجديدة
ستنتصر الحياة الحرة والديمقراطية بحملة الأول من حزيران الجديدة
مصطفى قره سو
في الأول من حزيران دخلت حملة حرب الشعب الثورية التي بدأتها حركة الحرية الكردستانية عامها الحادي عشر والتي بدأت في عام 2004 , ولها من الأهمية والمعنى بقدر ما لقفزة الخامس عشر من آب من أهمية . كان من المحتمل أن تواجه الحركة التحررية الكردية التصفية, و من المعلوم بأن التصفوية التي خرجت ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني أعوام ) 2003 – 2004 ( كانت تسعى إلى عرقلة هذه الحملة, وبالطبع تحققت حملة الكريلا في الأول من حزيران عام 2004 بتجاوز مفاهيم التصفية, و بهذه المناسبة نستذكر شهداءنا الذين كان لهم الدور الأبرز في البدء بالحملة و استمرارها و انتصارها, كما نوجه تحياتنا إلى الرفاق الجرحى.
هدفت المؤامرة الدولية التي بدأت بخروج القائد من الشرق الأوسط والمحاكة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي )الناتو( لأسر القائد في الخامس عشر من شباط عام 1998 وأهداف أخرى هي:
أولاً: خططت الولايات المتحدة الأمريكية لإضعاف حزب العمال الكردستاني الذي يشكل عائقاً في وجه مخططاته قبل البدء بتنفيذ حملته السياسية و العسكرية في المنطقة, فكانت الاحتمالات كلها تدفع حزب العمال الكردستاني ليصبح قوة فاعلة في الشرق الأوسط.
ثانياً: هدفت المؤامرة إلى تصفية حركة التحرر الكردستانية, وإسناد المهمة إلى القوى العميلة وإبرازهم كممثلين للشعب الكردي.
والهدف المهم الآخر, سعي المتآمرين إلى بسط سيطرتهم على الشرق الأوسط من خلال ربط الدولة التركية بشكل أقوى بالقوى الخارجية, و ذلك بزجها في حرب مستمرة مع حركة التحرر الكردستانية, و لا يخفى أن الدولة التركية كانت تطلب المساعدة من الناتو لمواجهة الحركة، والولايات المتحدة كانت تستفيد من الأزمة التي كانت تعيشها تركيا لكسب المشروعية للقيام بحملتها على الشرق الأوسط من خلال تركيا و إسكاتها للقوى و الأصوات المناهضة للتدخل الأمريكي في المنطقة.
استعدت حركة التحرر الكردستانية بعد المؤامرة الدولية لحرب فدائية، لكن القائد آبو أدرك بأن هذا أحد أهداف المتآمرين الدوليين. فوجه نداءً لانسحاب قوات الكريلا إلى خارج الحدود لإحباط هذه المؤامرة الدولية و إعطاء الفرصة لتركيا للقيام بالحل السلمي الديمقراطي، وتحضير حركة التحرر الكردية للنضال ضمن ظروف جديدة كخطوة ضرورية و هامة جداً للمرحلة النضالية الجديدة للحل الديمقراطي السلمي وإعاقتها للمؤامرة. سعت الدولة التركية والقوى الدولية في تلك المرحلة -الانسحاب- إلى القضاء وتصفية حركة التحرر الكردستانية. فالمتحدث عن الدولة العميقة آنذاك «آرطغرل أوزكوك » كان يقول : » إن فؤوس الحرب التي طمرت بالأرض لن تخرج مجددا »ً مشيرا إلى انتهاء هذه القضية. و اعتبرت الدولة التركية خطوة انسحاب قوات الكريلا ضعفاً للحركة و توجهاً لحركة التحرر الكردية نحو التصفية و الفناء.
أما « رجب طيب آردوغان » رئيس حزب العدالة و التنمية فقد أوضح سياسة الدولة التركية تجاه القضية الكردية عندما أجاب عن سؤال قائلاً: « إن لم تفكروا بها, فلا وجود لمثل هذه القضية » فلم يعر آردوغان أو حتى الحكومات التي سبقته اهتماماً إلى النداءات المتكررة التي وجهتها حركة التحرر الكردستانية بخصوص خطو خطوات جدية تجاه حل القضية الكردية, واعتبروا النداءات خدعاً وابتزازات واهية واستمروا بإصرارهم على )اللاحل(، فقد حشدوا كامل جهودهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لاتخاذ التدابير لما سموه « القضاء على جذور الإرهاب » بدل بذل الجهود لحل القضية الكردية, والأصح بأنهم من خلال الحرب النفسية هدفوا لإبعاد المجتمع عن الوعي السياسي, و تشتيت المجتمعية عن طريق الإبادة الثقافية و دمجها مع نظامهم.
من الواضح بأن أحد أهداف المؤامرة الدولية كان إبعاد القائد عن حركة التحرر الكردستانية وبدأت القوى الدولية و الأوساط الكردية العميلة إلى جانب العناصر الضعيفة في صفوف حزب العمال الكردستاني بالتحرك لتسليم الميراث والقيم التي خلقها حزب العمال الكردستاني إلى القوى الكردية العميلة, و خاصة بمحاولاتهم الساعية لعكس وتحوير مشروع إعادة البناء الذي طرحه القائد لكسر شوكة الحركة كي لا تتمكن من لعب دور فعال في المرحلة النضالية الجديدة. هدفت العناصر التصفوية التي ظهرت داخل صفوف الحركة إلى القيام بانقلاب داخل الحركة وتصفيتها و جعلها غير قادرة على النضال، وحثها على التخلي عن النضال وذلك بالتنسيق مع القوى الامبريالية والرأسمالية والأوساط الكردية العميلة وحكومة حزب العدالة والتنمية وهو ما يحقق أهداف المؤامرة الدولية، ولاستمرار هذه العناصر في حياتهم المنحطة في جنوب كردستان فعلوا ما فعله الخونة و المخبرون خلال السنوات الطويلة الماضية، كما أن بعض المجموعات أرادت من خلال تصفية حزب العمال الكردستاني إخفاء وجوههم الحقيقية المتمثلة بعقود من التبعية وخدمة الأعداء ومع ذلك قاوم حزب العمال الكردستاني هذا الواقع, وأدرك القائد آبو مدى خطورة هذه التصفوية وتدخل لمواجهتها، ولم يتمكنوا من إيقاف قرار النضال في الجمعية العامة لمؤتمر الشعب. كشفت حملة الأول من حزيران النقاب عن الوجه الحقيقي للمتآمرين والعملاء والخونة والدولة التركية وحكومة الحرب الخاصة وممثلها حزب العدالة و التنمية, لذلك بذلت هذه القوى جهداً جباراً للحد من تأثير الحملة مستخدمة العملاء الكرد بالإجمال وكل أعداء القائد آبو وحزب العمال الكردستاني. ولمهاجمة حركة الحرية ومحاولة تصفيتها من خلال أطروحة فيدرالية جنوب كردستان الجديدة وحزب العدالة والتنمية بالتعاون مع الكرد العملاء، قاموا بنشر الدعايات الكاذبة والنتنة على أن الحملة تدار من قبل الأوساط التي هدمت الجيش و جنوب كردستان, لعرقلة وإعاقة الحملة.
إصرار شهدائنا الفدائيين وبطولاتهم وسيرورة الحملة أفشلت دعاياتهم و ألاعيبهم وأوضحت للعيان بأنه لما استطاعت الفيدرالية في جنوب كردستان أن تقف على قدميها و تبقى لولا الحملة, فقد قبلت تركيا الاعتراف رسمياً بجنوب كردستان في مقابل أخذ الدعم من أمريكا و بعض القوى العميلة من أجل تصفية حزب العمال الكردستاني لدرجة أن حزب الشعب الجمهوري التركي الذي يمثله » دنيز بايكال » صرح بأنه لا بد من عقد علاقات مع جنوب كردستان مقابل تصفية حزب العمال الكردستاني, أي ما يعنيه؛ إن وجود ومقاومة حزب العمال الكردستاني أصبح العامل الأساسي والسبب الرئيسي لوجود القوى العميلة الكردية المتعاونة مع الدولة التركية, فلم يكن لهم أي هدف سياسي أو وطني, بل كان همهم الوحيد أن لا يسمحوا لحزب العمال الكردستاني بأن يفضح عمالتهم و خيانتهم و حياتهم الدنيئة.
كل القوى الآنفة الذكر لم تتوقع المقاومة التي تمثلت بحملة الأول من حزيران, و استمرت بالتقدم رغم كافة الهجمات ، بذلك حافظت على القيم التي خلقها حزب العمال الكردستاني من السبعينات إلى الآن, و الأهم من ذلك أن الحزب جسد في نفسه طراز الثورة الكردستانية و حمى وجوده و أبقى عليها قوية وصامدة, و حافظ على النهج التحرري المقاوم لقائده, وبذلك ضمن وأمن الحياة الديمقراطية و الحرة للشعب الكردي.
تُعتبر حملة الأول من حزيران 2004 تاريخية لأن تصفية حزب العمال الكردستاني تعني تصفية الشعب الكردي بالأجمع, ولا يمكن التفكير بالحياة الديمقراطية والحرة للكرد في الشرق الأوسط لولا النهج المقاوم لحزب العمال الكردستاني, فما نشهده من الحالة الحيوية للحياة الديمقراطية الحرة للكرد في شمال كردستان و كافة الأجزاء الأخرى و أيضاً ما حققته الثورة في روج آفا, يعود الدور الأكبر لهذه النجاحات للحملة التي تعتبر استمرارية لقفزة 15 آب والمستمرة حتى يصل الشعب الكردي إلى الحياة الديمقراطية الحرة.
عندما أدركت الدولة بأنها لن تستطيع إيقاف مقاومة الشعب الكردي, عمدت إلى إحداث بعض التغييرات السياسية من قبيل أخذ الكرد بعين الاعتبار, بعد تصاعد وتيرة الانتفاضات في كردستان من خلال الحملة، لدرجة أن الدولة التركية ومن خلال بعض الوسطاء أجرت بعض اللقاءات مع إدارة حزب العمال الكردستاني في أوسلو ومع القائد وهي مستمرة حتى الآن، ليس من أجل حل القضية الكردية بل لكسب الوقت وتسيير الحرب النفسية وهو ما يدل على اشتداد النضال السياسي.
وصول النضال إلى المرحلة الحالية بعد أن كانت الدولة التركية تبني حساباتها على تصفية حزب العمال الكردستاني بعد عام 1999 هو نتيجة حملة الأول من حزيران. فقد تم كسر و إبطال تأثير القوى المعادية والمحاربة لحركة التحرر الكردية وهدم جاذبيتها, ولعل أهم نتائجها اعتقال العديد من الجنرالات الأتراك الذين حاربوا حزب العمال الكردستاني، ومثول الجنرالات في محاكم حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله كولان, أو حتى مواجهة حزب العدالة و التنمية للوصاية العسكرية, فالقول بأنهم هم من جعلوا الإنقلابيين يمثلون أمام المحاكم لا يمثل الحقيقة, بل كان ذلك إحدى نتائج الحملة.
بلا أدنى شك سياسة حزب العمال الكردستاني تجاه الكرد هي امتداد للسياسة القديمة؛ فقط تم تغيير الأسلوب. فالواجهة المرنة للسياسة الكردية وقوتهم في الحملة هي التي أجبرت الدولة التركية والذين أسروا و أصدروا حكم الاعدام بحق القائد يلجؤون إليه في إمرالي كلما ضاقت الأحوال بهم, فإذا استمرينا في تجسيد روح هذه الحملة ستُفتح أبواب إمرالي و سيتحرر القائد آبو و يعانق الشعب الكردي حريته وحياته الديمقراطية. حافظت حملة الأول من حزيران وحمت النهج المنتصر لحزب العمال الكردستاني، وبنت أساس نضال الحياة الحرة والديمقراطية ودعمته, فبسبب سياسات حزب العدالة والتنمية تدعو الحاجة لحملة 1 حزيران جديدة و بلا شك ستكون الحملة الجديدة متوافقة مع الباراديغما الجديدة للقائد آبو و سيكون الطابع الجديد لها بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية وحمايتها, ليس بناؤها فقط, أو حرب الدفاع المشروع فقط, بل دمج الاثنين و المضي بهما قدماً، لم تترك سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية خياراً غير ذلك, فمثلما انتصرت قفزة 15 آب المجيدة ومثلما انتصرت حملة الأول من حزيران ستنتصر حملة النضال الجديدة المستندة على الباراديغما الجديدة, لا يمكن أبداً قهر النهج المقاوم الذي وضعه القائد آبو, يكفينا الانتظام في نهج القائد والعيش على أساسه, وبناء الإدارة الذاتية الديمقراطية وحمايتها بحق الدفاع المشروع! و للكرد القدرة على ذلك. وبالتأكيد ستنتصر حملة الحرية والديمقراطية و بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية ولا يمكن عرقلتها و إعاقتها أبداً.
الروح المتجسدة في قفزة 15 آب المجيدة والأول من حزيران لها القدرة على تحقيق النصر.