رسالة قائد الشعب الكردي السيد عبدالله اوجلان
رسالة قائد الشعب الكردي السيد عبدالله اوجلان
عبدالله أوجلان
وجه قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان رسالة إلى كونفرانس الحل والوحدة في شمال كردستان الذي انعقد في فندق ليلوس بمدينة آمد وقال اوجلان «إن الأفراد وكذلك المؤسسات يعتبرون دائماً من الماضي بالنسبة للتاريخ. فالمهم بالنسبة لنا في هذه المرحلة التاريخية هو أن نضمن لشعبنا حياة حرة كريمة وعادلة. إن ضمانتنا الأساسية هو النضال الذي نخوضه في إطار الوحدة الوطنية الديمقراطية.
وفيما يلي نص رسالة قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان: «الأصدقاء الأعزاء، الأعضاء المحترمون أحييكم فرداً فرداً لدعمكم ومساندتكم لكونفرانس الحل والوحدة في شمال كردستان.
في الوقت الذي تحولت فيه جميع أصقاع الشرق الأوسط إلى ساحة حرب، فإن هذا الكونفرانس سيتيح للجميع تقرير مصيره بنفسه، وهذا هو تحديداً الهدف الأسمى لهذه المرحلة.
سيتم إعادة تعيين مصير وطننا كردستان الذي تم تجزئته من قبل القوى الاستعمارية في القرن الماضي، وكذلك مصير الأناضول وموزبوتاميا.
لقد اعتمدنا على الإرث التاريخي الغني لحضارة ميزوبوتاميا كمرجع أساسي في نضالنا من أجل تحقيق مستقبل الحياة المشتركة، وقد وصلنا الآن إلى مراحل مهمة.
إن المرحلة التي وصلنا إليها اليوم هي نتيجة لكل النضال الذي خضناه في مواجهة الظلم والاضطهاد والعبودية والإمحاء والإهانة التي مورست بحقنا في وطننا.
لم تعد هناك أية قوة تستطيع أن تنكر علينا لغتنا وثقافتنا. فتاريخنا القريب يشهد على مقاومة عظمية خاضها الشعب الكردي اعتماداً على قوته الذاتية. هذه المقاومة تركت خلفها الآلاف من الشهداء، والملايين من أبناء الشعب الذين قدموا التضحيات، وبهذه المناسبة أحيي ذكرى جميع الشهداء الأبرار، وأتقدم ايضا بالشكر والامتنان لكل أبناء الشعب الكردي المضحي.
إن نضال الوجود واللاوجود الذي خضناه إلى يومنا هذا قد وصل في وقتنا الراهن إلى إثبات الوجود والانتصار، ولكن وكما تعلمون، وفي هذه المرحلة فإن حماية هذا الوجود وضمان استمراره قضية مهمة بقدر الوجود نفسه. وفي هذه النقطة بالذات تأتي أهمية انعقاد كونفراسنا هذا. إنها فرصة تاريخية للخروج من كمين الدولة القومية الذي وضعتنا فيها الحداثة الرأسمالية، فرصة لبناء الحريات الحقيقية. فجميعنا نعلم أن فرض النمط الأحادي بدلاً من تعددية اللغات والثقافات والقوميات والمعتقدات لن يحقق السلام والاستقرار.
مما لا شك فيه أن كرامة وقيمة شعوب موزبوبوتاميا وكردستان والأناضول هي أن تعيش تلك الشعوب على هذه الأرض في إطار من المساواة والشراكة. الأنظمة التي تتجاهل الشعوب وتبقيها خارج المنظومة لن يكتب لها النجاح. فجميع شعوب هذه الأرض من الكرد و الترك والفرس والعرب والأرمن والتركمان والآشوريين، وكذلك جميع الأديان والمعتقدات من الإسلام والمسيحية، الموسوية، اليهود، العلويون، اليزيديون وجميع الشعوب الأخرى باستطاعتهم العيش بأخوة في إطار الحقوق والمساواة والشراكة.
على مدى قرون من الزمن وبسبب فرض سياسية الدولة القومية والثقافة الناتجة عنها تحولت هذه الجغرافيا إلى بحر من الدماء، والمرحلة التي نعيشها الآن تتيح لنا المجال لعقد اتفاقية جديدة بين شعوب المنطقة.
وهذه هي الحقيقة التي أظهرها الربيع العربي، فالربيع العربي يعني أن هناك ما فرض علينا بالقوة ونحن سنقوم بإزالته.
الأصدقاء الأعزاء
إننا الآن وجها لوجه أمام مهمة تفرض علينا بناء مستقبل جديد على أساس من الحقوق من خلال الاستفادة من دروس الماضي والاعتماد على قوانا الذاتية المشروعة.
إنني ورغم ظروف الاحتجاز الصعبة في إمرالي أقوم بتنفيذ المهام الملقاة على عاتقي بكل مسؤولية. لقد أنجزنا تقريباً مرحلة تحييد السلاح. والمهمة الآن أصبحت على عاتق الأشخاص الذين حضروا هذا المؤتمر.
مما لا شك فيه أن العديد من المسؤوليات تقع أيضا على عاتق الدولة، كأن تفتح المجال لجميع القنوات السياسة الديمقراطية، وايضاً هناك الضمانات الدستورية والقانونية، فلكي تسير هذه المرحلة بشكل ناجح ليس هناك طريق آخر. ولكن ومع ذلك فإن المسؤولية والمهمة الأكبر تقع على عاتق شعبنا، فإذا لم نطور حملات شعبية بالاعتماد على قوتنا المشروعة لا يمكن ضمان ديمومة هذا المشروع، والتاريخ أثبت لنا هذه الحقيقة آلاف المرات.
نظراً للظروف التي أعيشها في إمرالي فليس من الصواب ولا من الضروري أن أقوم بمفردي بإدارة هذه المرحلة. فأنا سأقوم بمسؤولياتي القيادية في فتح الطريق لبدء مرحلة المفاوضات. إلا أن الذي سيسير بالمرحلة هم أنتم. وإذا كانت الدولة جادة في تحقيق الحل والسلام فعليها أن تضمن لي أن أتواصل معكم ومع الخارج ومع الرفاق والشعب. على هذا الأساس فإن هذا الكونفرانس يجب أن يتحول إلى آلية سياسية مهمة في مرحلة التفاوض. والكثير منش المواضيع من قبيل، ما هي الأطر الحقوقية التي ستعيش تحت سقفها جميع شعوب كردستان، كيف ستحافظ هذه الشعوب على لغتها وثقافتها، ما هي القوانين التي ستحافظ على وجودها ضمن الجمهورية التركية أو الدول الأخرى، كل هذه المسائل ستكون من المهام الرئيسية لكونفرانسكم. القرارات التي ستتخذونها والنتائج التي ستتوصلون إليها ستمهد الطريق أمام مرحلة المفاوضات التي نسير بها الآن.
فبالنسبة لي أن اتخاذ القرارات بمفردي باسم الشعب ليس سلوكاً ديمقراطيا وليس صائباً أيضاً. لذلك فإن القرارات المشتركة التي ستتخذونها ستكون بمثابة توجيهات للمرحلة المستقبلية.
وأنا على ثقة أنكم سوف في هذا الكونفرانس ستتصرفون بالحساسية المطلوبة وتتخذون التدابير اللازمة لأجل تجاوز المعاناة والاضطهاد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي الذي تم إقحام شعبنا فيه. وسيكون الكونفرانس ايضاً منبراً وعلامة فارقة، لحل قضايا التعليم والصحة والثقافة والأمن والاقتصاد والدبلوماسية، وكذلك لتوضيح الواجبات ذوالحقوق بين الدولة والشعب وبين أبناء الشعب أنفسهم. في هذا الإطار فإنني على ثقة أن استمراركم في النضال اعتمادا على القرارات التي تتخذونها في نقاشاتكم ستكون مفيدة جداً لهذه المرحلة.
الرفاق الأعزاء
إن الأفراد وكذلك المؤسسات يعتبرون دائما من الماضي بالنسبة للتاريخ. فالمهم بالنسبة لنا في هذه المرحلة التاريخية هو أن نضمن لشعبنا حياة حرة كريمة وعادلة. إن ضمانتنا الأساسية هي النضال الذي نخوضه في إطار الوحدة الوطنية الديمقراطية.
أبارك جهود كل الجهات ساهمت في تحقيق هذه الوحدة، كما أدعو الجهات التي اختارت البقاء خارج إطار الوحدة إلى النضال المشترك.
وأنا لا أشك أبدا أن الشبيبة ستقدم التضحيات اللازمة في هذه المرحلة أيضا كما فعلت في المراحل الأخرى، وأنا على قناعة تامة بأن رفاقي الشباب سيكونون على أهبة الاستعداد لمواجهة جميع الهجمات.
وفي موضوع حرية المرأة أيضا والتي كانت من أهم مكاسب الثورة الديمقراطية في كردستان سيكون لكونفرانسكم مواقف مهمة وواضحة. فالحركة التي لا تحقق للمرأة مكانتها الحقيقية في المجتمع لا يمكن اعتبارها حركة تدافع عن الحرية.
وعلى أساس الأهمية الكبيرة التي أوليتها لدور المرأة في كردستان، وبقدر التزامي بالعهد الذي قطعته للنساء أقول وأؤكد مرة أخرى، إذا لم تتحرر المرأة فإن المجتمع أيضاً لن يتحرر.
بهذه المشاعر والأحاسيس أحييكم مرة أخرى، وكلي ثقة من نجاح كونفرانسكم، أحييكم جميعاً بكل احترام وتقدير.
عبد الله أوجلان
سجن إمرالي