تاريخ حركة الحرية الكردية
تاريخ حركة الحرية الكردية
جميل بايك
الحلقة 29
بعد المؤتمر السابع كان من الواجب علينا التوقف عند المحاولات والمقاربات التي ظهرت وهدفت لإفشال المؤتمر، والتعرف على الذين حبكوا وأثاروا تلك النعرات. وعلى هذا الأساس تم فتح تحقيق مع مجموعة من الرفاق والرفيقات، لكشف خفايا تلك النعرات التي سُعي إلى إثارتها في المؤتمر ومن يقف وراءها ويحرض عليها. فُتح هذا التحقيق من أجل الوصل إلى تلك الحقيقة.
مع بدء التحقيق مع تلك المجموعة واستمراره اتضح بأن العديد من الرفاق والرفيقات الذين فُتح التحقيق معهم لا علاقة لهم بالأمر وبدؤوا بالانضمام إلى الحياة العملية من جديد. من تلك المجموعة التي فتح التحقيق بحقهم بقيت مجموعة صغيرة. كان الرفيق قره صو ضمن اللجنة المكلفة بالقيام بإجراء ذاك التحقيق وفيما بعد انضممت أنا أيضاً إلى تلك اللجنة المشكلة وبهذا الشكل تابعنا ذاك التحقيق. ظهرت بعض النتائج من ذاك التحقيق، وساهمت في توضيح بعض الأمور المخبأة، لهذا السبب أخذ التحقيق مزيداً من الوقت. لماذا استمر التحقيق لفترة طويلة؟! لأن بعض الرفيقات وحتى اللواتي كن يشغلن مكاناً في المجلس الإداري للحركة كن يعقدن علاقات سرية مع المجموعة التي يتم التحقيق معها، بالإضافة إلى هذا كان البعض منهن ضمن لجنة التحقيق المشكلة وبهذا الشكل كن يحاولن إفشال ذاك التحقيق وتحريف مساره. لهذا السبب استمر التحقيق لفترة طويلة. أي لم يتم التوحد مع الحركة من أجل إنهاء ذاك التحقيق والوصول إلى النتيجة المرجوة منه. لهذا السبب تأخر واستمر لفترة طويلة. حتى أن بعضاً منهن اعترفن بشكل واضح في الاجتماع الذي عقد في كاني جنكى؛ بأنهن لم يقطعن علاقتهن مع تلك المجموعة أبداً. وكانت علاقتهن معهم مستمرة بشكل سري. والجدير بالذكر أن ذاك التحقيق كان مهماً بالنسبة للحركة أي بالنسبة لحركة PKKوبالنسبة لحركة المرأة أيضاً. لو استمر التحقيق بالشكل المطلوب ووصل إلى نتيجة كان سوف يدر بالنفع على حركة PKK وعلى حركة المرأة في الوقت نفسه، وكان سيساهم في خلق وولادة انطلاقة جديدة قوية للحركة عامة. كما كان بإمكانه أن يمنع حركة المرأة من معايشة الأزمة والمشاكل التي عايشتها فيما بعد. لهذا السبب كان ذاك التحقيق يحوز على أهمية بالغة. حيث أننا كنا قد نوهنا في تلك الفترة أيضاً إلى أنه إن لم نصل إلى أية نتيجة في هذا التحقيق فلن يكون لهذا التحقيق أية فائدة بل على العكس تماماً سوف يساهم في معايشة خسائر ومخاطر جمة قد تدفع إلى تشتت الحركة. لهذا السبب من الواجب أن يصل التحقيق إلى النتيجة. فوصوله إلى النتيجة أو إعطاء هذا التحقيق النتيجة سوف يساهم في تقوية حركة المرأة والحركة بشكل عام.
بالطبع في تلك الفترة اتضحت العديد من الأمور ولكن كان هناك أمور أخرى يجب السعي لإيضاحها والكشف عنها، حيث اتضح لنا فيما بعد بأن بوطان افندي كان يقف وراء هذا المخطط. أي أن بوطان هو من كان يشرف ويدير هذا المخطط بأكمله. وكانوا قد عقدوا العديد من الاجتماعات السرية والاتفاقات لفرض ما يهدفون إليه ونيل النتيجة في المؤتمر. بوطان هو الشخص الأساسي الذي كان يقف وراء هذا المخطط، ولكنه لم يكن يقوم بهذا الأمر بشكل مباشر إنما كان يقوم بتحريك أشخاص آخرين. وقد تم بعد ذاك المؤتمر اعتقال أشخاص آخرين أيضاً كـ»سرحد ديرسم، الذي كان ضمن المجموعة الإدارية للخونة الذين سعوا إلى تصفية الحركة. استمر التحقيق وتوسع أكثر وكان على وشك أن يصل إلى النهاية حين اضطررت للتوجه إلى سوريا، في تلك الفترة كنا قد أتينا بتلك المجموعة إلى منطقة خنيرة وكنا قد نقلنا المنسقية إلى تلك المنطقة أيضاً. قبل توجهي إلى سوريا وفي منقطة خنيرة أشرت إلى رفاق المنسقية بأنه من الواجب أن ينتهي هذا التحقيق بالبلاتفورمات، لأنها تمثل النتيجة التي وصل إليها التحقيق. حتى أنه كان من المقرر أن يتم تحويل ذاك التحقيق والبلاتفورمات إلى كتب يتم توزيعها بين الرفاق للتدريب عليها. إلا أنه لم يكن لي علم بعلاقة بوطان مع دلار، وكانت دلار ضمن المجموعة التي كان يتم التحقيق معها، وكان بوطان مسؤولاً في منطقة خنيرة، والمنسقية كانت هناك، وفي الوقت نفسه كانت المجموعة التي انضمت فيما بعد إلى مجموعة الخونة والتصفوييين في تلك المنطقة أيضاً. بعد أن غادرت تلك المنطقة عكسوا التحقيق، وأنهوه وأجروا البلاتفورمات أيضاً، من دون الوصول إلى أية نتيجة، أفشلوا ذاك التحقيق. فشل التحقيق لم يجلب أي نفع للحركة بل على العكس تماماً، لا سيما أنهم قاموا بتوزيع كل مجموعة منهم إلى منطقة بغية توسيع تنظيمهم.
لو سار التحقيق بالشكل المطلوب وتم إجراء البلاتفورمات وتم تحويل هذا التحقيق والبلاتفورمات إلى كتب ووزعت النتائج على الرفاق وتم تدريب الحركة عليها لما عايشت حركة المرأة وحركة PKK ما عايشته فيما بعد. فهذه النقطة كانت نقطة هامة لأنها كانت ستساعد على ظهور العديد من الأشياء والأمور التي كانت تهدف إلى تصفية الحركة وتحريفها عن جوهرها. أي أنهم من خلال تغيير مسار التحقيق والبلاتفورمات حاولوا سد الطريق أمام ظهور الأشياء المخبأة الأخرى، لأننا كنا من خلال ذاك التحقيق نتوجه نحو كشف مجموعة التصفية تلك، إلا أنهم بهذا الشكل أعاقوا كشف مجموعة الخونة تلك. بوطان كان وراء تحريف مسار التحقيق والبلاتفورمات. لأنه لو استمر التحقيق بالشكل المطلوب كان أمر بوطان سينكشف، لهذا السبب أعاقوا وصول التحقيق إلى النهاية والنتيجة أي تم إعاقة انكشاف أمر بوطان وأعوانه.
لقد خطت مجموعة الخونة والتصفويين خطوتها الأولى وأعدوا أساس هذا المخطط في منطقة خنيرة بعد أسر القائد آبو، حيث كانت جميع فعالياتهم ومركزهم الأساسي في تلك المنطقة. كانت تلك المجموعة تتألف من بوطان المخطط والمدبر وإلى جانبه أكرم وسرحد ومروان ترك وعلي درسوم، هؤلاء الأشخاص الخمسة كانوا يشكلون النواة الأساسية لمجموعة الخونة وكان بوطان من يقوم بتنظيمهم. كانوا على علاقة مع فرهاد على أساس اتفاق جمع بينهم ضد الحركة، أي أنهم كانوا على علاقة دائمة مع فرهاد، وكانوا قد جمعوا حولهم مجموعة تؤيد فكرتهم، وكانوا يسعون إلى فرض تأثيرهم على القوى الفدائية التي تم تشكيلها حديثاً وجرها إلى جانبهم. حيث كانوا قد زرعوا بعضاً من مفاهيمهم التصفوية ضمن تلك القوات أيضاً. بالإضافة إلى هذا كنا قد شكلنا مجموعة استخباراتية وكان أبو بكر المشرف على تلك القوات كانوا قد سيروا كل أعمالهم في مكان مجموعة الاستخبارات ومن ضمنهم أبو بكر. جعلوا القوات الفدائية الخاصة والقوات الاستخباراتية عائدة لهم من أجل التستر بها وإبعاد الشبهات عنهم حتى يتمكنوا من تنظيم أنفسهم بالشكل المناسب. وكانوا على علاقة وتنسيق مع فرهاد وفق اتفاق أبرم فيما بينهم ضد الحركة أي أن فرهاد لم يكن معهم إنما كان يعمل معهم على أساس اتفاق أبرم فيما بينهم، حيث أن علاقة فرهاد وبوطان والاتفاق فيما بينهم ظهر في المؤتمر الخامس وعلى أساسها تمت محاسبته على ذلك، ومن ثم في عام 1997 في منطقة سوران طوروا ذاك الاتفاق فيما بينهم ليشمل الاتفاق مع جلال الطلباني. وبعد المؤامرة الدولية وبعد أسر القائد آبو وجدوا الفرصة سانحة لهم من أجل تنفيذ مخططاتهم وتنظيم أنفسهم. في الاشتباكات التي اندلعت عام 2000 طلبنا القوات من منطقة خنيرة إلا أن بوطان لم يرسل القوات التي تم طلبها على الرغم من وعده بإرسالها مرات عدة، وفي النهاية أرسل مجموعة تفتقد إلى الإرادة ولا تريد الدفاع وصد الهجوم. أي أنه بهذا الشكل أفشل مقاومتنا في تلك الاشتباكات، ففي تلك الفترة لو تم إرسال القوات التي طُلبت كان بإمكاننا السيطرة على مناطق أخرى كانت خاضعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
بعد المؤتمر السابع كنت في سوريا وعدت قبل هجمات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على قواتنا. وبعد انتهاء تلك الهجمات وبعد أن تم عقد اتفاق على أن يتم إيقاف الاشتباكات توجهت إلى سوريا من جديد. عندما كنت في سوريا كان الكونفرانس السادس قد عقد في خنيرة، بالطبع لم أنضم إلى ذاك الكونفرانس وكذلك كانت مجموعة من الرفاق الذين بقوا لفترة طويلة في سجون الاحتلال التركي قد أتت وعقد لهم اجتماع شبيه بالكونفرانس ومن ثم تم إرسالهم من جديد إلى باكور كردستان. لم يكن لي علم بهذه الاجتماعات والكونفراس، فلو كان لي علم بها وخصوصاً بالاجتماع الذي عقد من أجل الرفاق الذين قضوا فترة طويلة في سجون الاحتلال التركي لما قبلت بإرسالهم من جديد إلى باكور كردستان بهذه السرعة، لأن تقرب القائد من هؤلاء الرفاق كان مختلفاً كنت سأتخذ وأصر على تطبيق موقف القائد آبو من هؤلاء الرفاق. أما فيما يخص الكونفراس السادس فقد علمت ببعض المعلومات عنه بعدما أتيت إلى منطقة خنيرة حينها نقل لي الرفاق بعضاً من أحداث هذا الكونفرانس. حيث أنه تمت بعض النقاشات في ذاك الكونفرانس، وتمحورت تلك النقاشات حول الرفيقة كولان وحول ماهير كرزان الذي هرب فيما بعد مع هيلين وتزوج بها. لأن ماهير كرزان كان المسؤول عن القوات الفدائية التي تم تشكيلها في تلك الفترة. وهو الذي زرع بعضاً من المفاهيم الخاطئة التي تخدم أهداف ومخططات بوطان وجماعته الخونة ضمن القوات الفدائية. وكانت قد ساهمت في انحراف هذه القوات عن مسارها إلا أنه بمداخلة الرفاق لهذا الوضع تم تصحيح الأمر، سحبت المهمة الموكلة للبعض منهم وفتح تحقيق بحق بعضهم الآخر، حيث أن أساس المفاهيم الخاطئة التي كان كل من فرهاد وبوطان يفرضانها بخصوص المرأة والتي كانوا يسعون من خلالها إلى إلحاق ضربة بالحركة وتصفيتها بدأت من خلال هذه المفاهيم التي فرضوها ضمن هذه القوات الفدائية. بهذا الشكل تسببوا في انحراف هذه القوات عن مضمونها وجوهرها. لاسيما أن هذه القوات كانت قواتاً تمثل القدوة لقواتنا الأخرى، حيث كانت هذه القوات متشكلة من خيرة وأفضل وأبرع الرفاق، أي من الرفاق المختارين. وكان معظمهم من الجامعيين والمثقفين وأصحاب تجارب ويمكن القول إنها كانت تمثل القوة المحركة الأساسية للحركة. بممارستهم تلك أفشلوا هذا العمل أيضاً، وأبعدوا هذه القوات عن جوهرها، فمداخلة الرفاق لتصحيح هذا الوضع تمت بعد مضي فترة، بعد أن اتضح لهم الأمر إلا أنها كانت متأخرة، لهذا السبب ظهرت مناقشات حول هذا الموضوع في الكونفرانس السادس. المناقشات في ذاك الكونفرانس وصلت لدرجة أن يتهم بعض أعضاء إدارة الحركة في تلك الفترة بعضهم بالخيانة والعمالة، كما أن بلشين اتخذت موقفاً من الرفيقة كولان في ذاك الاجتماع وقالت لن ننفذ القرار الذي سوف تتخذونه أياً كان، إنما سوف ننفذ القرار الذي اتخذناه. فهم كانوا متخذين قرار تنحية الرفيقة كولان من المهام الموكلة لها، أو تجميد مهامها. إلا أن الرفاق لم يقبلوا بهذا الأمر، لهذا صرحوا بأنهم سوف ينفذون القرار الذي اتخذوه ولا شيء سوف يثنيهم عن قرارهم هذا. الرفيقة كولان كانت ضمن إدارة القوات الفدائية التي تشكلت في تلك الفترة. وكانت إحدى الرفيقات اللواتي اتخذن من وحدة الحركة ونهجها أساساً لهن ضد المفاهيم التي كانت الرفيقات تفرضها من أجل الانفصال عن الحركة الأساسية في تلك الفترة. حيث أنه في تلك الفترة كان يتم اتهام من يتخذ من نهج الحركة وأهدافها وصون فكر الحركة أساساً له بالمتواطئين مع الرجال، أي يلصقون هذه التهمة بكل رفيقة تتخذ من نهج الحركة وصون وحدة الحركة أساساً لها. ألصقن هذه التهمة بالرفيقة كولان أيضاً أي أنها متواطئة مع الرفاق الشباب. لماذا؟ لأنها كانت تريد التحرك بما يتماشى مع نهج الحركة، والحركة والمرحلة. لم تكن تحرض على التناقض بين الرفيقات والرفاق ولم تكن تريد ربط كل شيء بهذا التناقض. الرفيقة كولان لم تكن تتحرك كما يردن. لهذا السبب كن يسعين إلى تنحية الرفيقة كولان من الإدارة في تلك المرحلة. لأنها لم تكن تخدم أهدافهم ومخططاتهم. كما أن الرفاق وإدارة الحركة لم يقبلوا بهذا أي تنحية الرفيقة كولان من الإدارة، لهذا السبب صرحت بلشين في تلك الفترة بأنهن سوف ينفذن القرار الذي اتخذنهن ولن يعترفن بالقرار الذي سوف يتخذه الرفاق. أي سوف ننحي الرفيقة كولان من الإدارة ونحاسب كولان على ذلك. الأمور التي ظهرت في الكونفرانس السادس كانت على هذا الأساس. تطرقت إلى هذه الأمور كي يتم فهم ما سأقوله لاحقاً بشكل جيد.
عندما أتيت من أجل حضور المؤتمر الثامن كان كل شيء معداً أي أني دخلت المؤتمر مباشرة. كان من الواجب على هذا المؤتمر أن يقوم بالتغيير والتحول الذي لم يقم به المؤتمر السابع، فهذه كانت المهمة الأساسية للمؤتمر الثامن. عندما بدأنا بالمؤتمر الثامن كانت مرافعة القائد «مرافعة اهيم» قد وصلتنا وكان معظم الكوادر قد تلقوا التدريب عليها وقرؤوها. على هذا الأساس دخلنا المؤتمر الثامن. الأسس النظرية لم تكن واضحة بهذا القدر عندما دخلنا المؤتمر السابع. إلا أنه في المؤتمر الثامن كانت قد وصلتنا مرافعة القائد (كلا الجزأين) وتلقى كل الكوادر التدريب عليها. لهذا السبب كان من الواجب أن يعقد المؤتمر الثامن على هذا الأساس؛ على أساس الأسس النظرية. لذلك كان من الواجب على المؤتمر الثامن أن يكمل الأعمال التي لم يقم المؤتمر السابع بإتمامها. هذه كانت مهام المؤتمر الثامن. إلا أن هذا الأمر لم يتم بالشكل المطلوب في المؤتمر الثامن. ففي المؤتمر الثامن تم طرح مقترح بأن يتم تغيير اسم حزب العمال الكردستاني إلى مؤتمر ديمقراطية كردستان KDK، وهذا الاقتراح طرحه فرهاد ومجموعته. وحثوا الجميع على تقبله أيضاً، إلا أن الرفيق عباس أصر أن تضاف كلمة الحرية أيضاً إلى الاسم. لأن أيديولوجية حركتنا تتخذ الحرية أساساً لها، ومن الضروري أن يكون للحرية مكان ضمن اسم الحركة الجديد، ونتيجة إصرار الرفيق عباس اضطر فرهاد ومجموعته إلى قبول اقتراحه. وتم تغيير اسم حزب العمال الكردستاني إلى مؤتمر حرية ديمقراطية كردستان KADK، فاسم مؤتمر ديمقراطية كردستان كان معداً له قبل المؤتمر حيث كانوا قد حضروا النظام الداخلي والتقارير وكل شيء متعلق به. في المؤتمر تم تغيير اسم حزب العمال الكردستاني إلى مؤتمر حرية ديمقراطية كردستان، كما أن القائد أيضاً كان يشير إلى أنه بإمكان الرفاق تغيير اسم الحزب، وكان لهذا الأمر دور في تغيير الاسم، فالقائد آبو أشار إلى تغيير الاسم استناداً إلى أنه إن تم تغيير الاسم يمكن أن تتوسع ساحات نضال الحركة كون حزب العمال الكردستاني كان قد تم تصنيفه في تلك الفترة ضمن الحركات الإرهابية، أي كان هدف القائد آبو من هذا التغيير فتح المجال أمام نضال الحركة. لهذا السبب تم تغيير الاسم، إلا أنه لم يكن المطلوب هو تغيير الاسم فقط في المؤتمر الثامن إنما كان عليه إتمام عملية التغيير والتحول التي هدفت إليها الحركة في المؤتمر السابع. كانت هناك مهمة ودور يستوجب على المؤتمر الثامن لعبه ولكنه لم يقم بأداء هذا الدور بالشكل المطلوب، وبقي تغيير الاسم شكلياً. فكما أن المؤتمر السادس لم يقم بدوره أو المهمة الموكلة إليه في تاريخ الحركة كذلك المؤتمر الثامن أيضاً لم يقم بمهامه بالشكل المطلوب. ربما تكون هناك نقاط تميزه عن المؤتمر السادس وربما قام بتأدية بعض المهمات الموكلة إليه، ولكن إن تم التطرق إلى المؤتمر الثامن من حيث أداء الدور الموكل إليه حينئذ يمكننا القول إن المؤتمر الثامن لم يقم بأداء دوره بالشكل المطلوب.
في المؤتمر الثامن حضَّرت تلك المجموعة نفسها بشكل جيد. كانوا يريدون خطو بعض الخطوات العملية في المؤتمر. حتى أنهم أعدوا بعضاً من الأطروحات وطرحوها في المؤتمر وتمت مناقشتها، مثل: كيف ننتقل إلى الثورية المأجورة «ثورية بالراتب»؟ كيف نترك الثورية والمناضلة ونصبح موظفين؟ وكانوا يفرضون هذا بإصرار شديد وجرت نقاشات قوية حول هذا الموضوع. تم التصدي لهذا الطرح، وبصعوبة بالغة تم رفض هذا المفهوم، ووصل الأمر لدرجة اتهام ديوان المؤتمر باستغلال مكانتهم لمنع قبول هذا المقترح والمفهوم.
بالطبع وضعنا كل ثقلنا لمنع قبول هذا المقترح، وظهر صراع قوي بيننا وبين تلك المجموعة التي كانت تسعى إلى تمرير هذا المقترح لصالحها، حيث كنا نصر على المناضلة والثورية وفي المقابل هم كانوا يصرون على فرض مفهوم الموظف ضمن هذه الحركة. صراعنا كان حول هذه النقطة؛ فحركتنا لا يمكن لها قبول مثل هذه المفاهيم والمقترحات، لأن العمل مقابل المال يعني فرض مفهوم الموظف، وضمن مناضلي هذه الحركة وثورية هذه الحركة لا يمكن تقبل هذا المفهوم أبداً، فهذه الحركة رفضت هذا المفهوم منذ ولادتها وعلى هذا الأساس طورت نهج الثورية والمناضلة في كردستان. وكان مصدر قوة وثقة هذه الحركة بالإضافة إلى أن قوة الشعب أيضاً كانت تكمن في هذا الأسلوب من الثورية والمناضلة. فعند قتل هذه الثورية والمناضلة وفرض مفهوم الموظف ضمن هذه الحركة تموت هذه الحركة ويقضى على روحها. فهي التي تبقي هذه الحركة مقاومة ومناضلة وصامدة وقوية. فإذا أردت قتل وتصفية هذه الحركة حينها عليك قتل هذه الثورية والمناضلة التي تمد هذه الحركة بالقوة. مجموعة فرهاد كانوا قد اتخذوا هذا الأمر أساساً لهم، فكل حساباتهم كانت تدور حول كيفية قتل هذه المناضلة والثورية، وكي لا يتم فهم مخططهم كانوا يتحججون بعبارات مثل؛ إن الحركة كبرت وتوسعت كثيراً وهناك بعض المشاكل وهذا المقترح سيساهم في حل هذه المشاكل، وإن هذا هو ما تقوم به العديد من الحركات في العالم، وعلينا نحن أيضاً أن نتحرك وفق هذا المفهوم لأنه السائد في العالم. نعم؛ ربما يتخذ العالم هذا المفهوم أساساً له إلا أننا لا نتخذ العالم أساساً لنا. لأن العالم الذي نسعى إليه يختلف عن العالم الموجود، فنحن لا نتطرق إلى السياسة كما يتطرق إليها العالم، وكذلك إن كان كل العالم يتخذ أسلوباً معيناً من الحياة أساساً له فنحن لا نتخذ الأسلوب الذي يتخذونه أساساً لنا. هذا هو أسلوب وحقيقة هذه الحركة، فهذه الحركة هي حركة إدانة واستنكار لهذا العالم، فهذه الحركة من كل نواحيها تعتبر إدانة واستنكاراً للعالم. خاصية هذه الحركة تكمن في هذا الموضوع. حيث أن الكثيرين ربطوا عدم تحقيقنا لنتائج كبيرة بعدم اتخاذنا العالم أساساً لنا، أي أنه من الواجب علينا أن نتخذ العالم أساساً لنا كي نحقق المكاسب والنتائج الكبيرة، ويقومون بتوجيه الانتقادات إلى الحركة حول هذا الموضوع. يربطون سبب عدم تحقيقنا لنتائج كبيرة بالصراع والنضال الذي نخوضه مع العالم بأكمله. فيقولون بأنه لا يمكن نيل النتيجة بهذا الشكل، هذه هي حقيقة هذه الحركة. فعندما تتخذ هذا العالم أساساً لك كباقي الحركات الأخرى حينها لا يكون هناك أي اختلاف بينك وبين الحركات الأخرى، وتتحول إلى شبيه لتلك الحركات ولا يمكن أن يكون هناك ميزة أو خاصية تميزك عنها. يتطرق القائد آبو في الجمل الأخيرة من مرافعة اورفا إلى هذا الموضوع ويقول: «هذه الدنيا لم تفهم مني شيئاً وكذلك الأمر بالنسبة لي كأني لن أفهم شيئاً من هذه الدنيا» فهذه الجملة توضح كل شيء عن هذه الحركة، فحتى عندما اتخذ القائد آبو من نموذج الاشتراكية المشيدة أساساً له فإنه لم يدخل ضمن نظام هذا العالم أبداً. ولم يرد أن يعيشه في أي وقت من الأوقات. كذلك كانت فاطمة تسعى وتدفع القائد آبو ليعيش هذا العالم، إلا أن القائد آبو كان يرفض ذلك دائماً، فالقائد كان يقول « لن أدخل هذا العالم ولن أتخذ مقاييسه أساساً لي» وبالفعل لم يدخله، لهذا السبب كانت فاطمة تستغرب من شخصية القائد آبو، وكان القائد يرد عليها « لن أكون كالرجل الذي تريدينه» كما أن والدته كانت تريد الشيء نفسه إلا أن القائد آبو لم يحقق طلب أمه أيضاً من ناحية التحول إلى رجل كباقي الرجال ضمن هذا العالم. الصراع الذي ولد فيما بيننا في المؤتمر الثامن كان على هذا الأساس، كان صراعاً هاماً بكل تأكيد، قد لا يعبر هذا الصراع عن شيء بالنسبة للكثير من الرفاق إلا أنه كان يحوز على أهمية بالغة بالنسبة لنا، فلو لم نبدِ أية مقاومة لهذا المفهوم في المؤتمر الثامن وتم قبوله حينها كانت مرحلة تصفية الحركة ستبدأ. أي أن مرحلة التصفية كانت ستبدأ من المؤتمر الثامن وليس من مؤتمر الشعب الأول. ولأننا تصدينا للأفكار التي سعوا لفرضها وبسبب عدم نجاحهم في فرض ما سعوا إليه في المؤتمر الثامن حاولوا فرض هذا المفهوم في مؤتمر الشعب الأول.
بعد الانتهاء من المؤتمر الثامن تم تشكيل مركز إداري وتم الاجتماع من أجل تشكيل مجلس رئاسي، حينها اقترحت اقتراحاً وهو أن نقوم بإجراء بعض التغييرات في المجلس الرئاسي، واقترحت ألا نشارك أنا وبعض الرفاق الآخرين في المجلس الرئاسي وأن يتم اختيار رفاق آخرين من المركز لم يشاركوا في المجلس الرئاسي حتى الآن، حتى أنه تم اقتراح بعض الأسماء أيضاً، ولكن لم يتم قبول ذلك. ولأنه لم يتم قبول الاقتراح بقي الرفاق السابقين في المجلس الرئاسي مرة أخرى، إلا أنه كان من الواجب علينا إجراء هذا التغيير. ذكرت سابقاً أننا أردنا إجراء تغيير في المؤتمر السادس إلا أنه وبسبب المؤامرة الدولية تراجعت عن ذلك، لأنه قد ظهر وضع مختلف مليء بالمخاطر والتهديدات الكبيرة، كانت هناك مخاطر تشتت الحركة لهذا السبب تراجعت عن إجراء ذاك التغيير. وفي المؤتمر السابع لم ندخل هذا الموضوع جدول أعمال المؤتمر، لأن المخاطر التي كانت محدقة بالحركة والتي ولدت في مرحلة المؤتمر السادس كانت مستمرة. وعند وصولنا إلى المؤتمر الثامن لم تكن المخاطر التي كانت تحدق بالحركة كالسابق، فالمخاطر الداخلية كانت ماتزال مستمرة إلا أنه تم إفشال معظم المداخلات الخارجية للحركة، لهذا السبب اقترحت هذا الاقتراح أي أن نجري تغييراً في المجلس الرئاسي للحركة كي نتمكن من خلال هذا التغيير من خطو خطوات أخرى ضمن الحركة، ولكي نتمكن من تلبية بعض من مطالب الكوادر أيضاً. لأننا أجرينا تغييراً في استراتيجية الحركة في المؤتمر السابع لهذا السبب كان من الواجب وبالتوازي مع هذا التغيير أن نقوم بإجراء بعض التغييرات في مستوى الإدارة أيضاً، اقتراحي كان لهذا السبب. الاقتراح كان في وقته المناسب ولكن لم يتم قبوله، ولعدم قبول الاقتراح بقينا نحن الرفاق السابقين في المجلس الرئاسي مرة أخرى.
تطور المجلس الرئاسي ضمن هذه الحركة في المؤتمر الخامس، حيث كان القائد قد أجرى تغييراً في مفهومها التنظيمي وتغييراً في عضوية الحركة كما أجرى بعض التغييرات الأخرى. ففي تلك الفترة كان القائد يريد مساعدين له، فتمت تسمية المساعدين بالمجلس الرئاسي، أي أن المجلس الرئاسي تطور في المؤتمر الخامس واستمر في المؤتمرات التالية؛ السادس والسابع والثامن. فأعضاء المجلس الرئاسي كانوا مساعدين للقائد آبو، وكان من مهامه مساعدة القائد. وقد كان من الواجب عليهم بعد أسر القائد آبو أن يقوموا بمهمة القيادة بشكل رسمي، حيث أنه عند أسر القائد لم يكن بمقدوره إدارة الحركة بشكل فعلي لذا كان من الواجب على المجلس الرئاسي أن يتولى هذه المهمة عن القائد من الناحية الفعلية، كان المجلس الرئاسي يسعى إلى تأدية هذه المهمة، ربما لم يكن قادراً على تنفيذ هذه المهمة على أكمل وجه كالقائد آبو وهذا كان واضحاً، حيث أن هذا المجلس لم يكن قادراً على ذلك لا من الناحية الأيديولوجية ولا على المستوى السياسي ولا على المستوى التنظيمي، ولا من الناحية العملية ولكنه كان يقوم بملء الفراغ الحاصل. لهذا السبب أردت أن نجري تغييراً في المؤتمر الثامن، إلا أن هذا التغيير لم يحصل.