تاريخ حركة الحرية الكردية
تاريخ حركة الحرية الكردية
جميل بايك
كما هو معلوم حُضّر لعقد المؤتمر الخامس في عام 1995 ، وبعد ذلك المؤتمر قامت الدولة التركية بمداخلة الجنوب والتي كانت الأوسع والأشمل من نوعها. وفي تلك الفترة كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يسيّر علاقات سرية مع الدولة التركية ويقوم بمساعدتها، في العلن كان يظهر عكس ذلك حيث كان يدلي بتصريحات تظهره وكأنه يأخذ موقفاً مضاداً للدولة التركية، إلا أنه في الخفاء كان يسيّر علاقات مع الدولة التركية وبشكل خطير جداً. لهذا السبب اتخذ الرفاق قراراً بأن يتم بعد تلك الحرب البدء بحملة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني في الخامس عشر من آب عام 1995 . استدعي شمدين صاكك بعد تلك الحملة إلى ساحة القيادة بطلب من القائد وكان قد قام ببعض الأعمال هناك أيضاً ضد الحركة والرفاق.
في عام 1995 عُقد المؤتمر الخامس في منطقة حفتانين، في تلك الفترة كان كل من الرفيق عباس والرفيق قره صو قد خرجا من السجن، وانضما إلى هذا المؤتمر. بالطبع عندما تم الاجتماع من أجل ذلك المؤتمر قام القائد آبو بتحضيرات قوية وعلى إثرها تم الاجتماع، حتى أنه أعد كلاً من الرفيق عباس والرفيق قره صو بشكل خاص من أجل المؤتمر. أراد القائد آبو أن يحدث بعض التغيير أو يخلق بعض التغييرات ضمن الحركة، ربما كان قد قام بتهيئة الأيديولوجية الجديدة في المؤتمر الرابع ولكنه في الأساس كان يريد خلق التغييرات ضمن إطار تلك الأيديولوجية في المؤتمر الخامس. أي أنه كان يريد إيصال التغيير الذي بدأه بوقف إطلاق النار الذي أعلنه في عام 1993 إلى مرحلة متقدمة في المؤتمر الرابع، حيث كانت كل التحليلات التي طورها وطرحها من الناحية الأيديولوجية والفلسفية والسياسية والتنظيمية والعسكرية مستندة إلى تلك الأسس. وعلى هذا الأساس كان القائد يريد إجراء بعض التغييرات ضمن البرنامج و النظام الداخلي للحزب أيضاً، لأنه تم الوصول إلى بعض الأمور ضمن نظامنا الداخلي للحركة وذلك من خلال النضال الذي تم خوضه في كردستان. وكان هذا أحد الأسباب التي دفعتنا لإجراء بعض التغييرات ضمن البرنامج والنظام الداخلي للحزب. والسبب الآخر كان متعلقاً بالوضع العالمي؛ حيث طرأت بعض التغييرات على الوضع العالمي أيضاً، فعندما عُقد المؤتمر الرابع في نهاية عام 1990 كانت هناك تغييرات ضمن الوضع العالمي ولكن ملامحها لم تكن قد توضحت بعد، فالاتحاد السوفييتي كان ما يزال صامدا،ً أي أنه في تلك الفترة لم يكن المسار الذي سيؤول إليه الوضع الجديد قد توضح.
وفي المؤتمر الخامس اتضح الوضع بشكل تام، انهار الاتحاد السوفييتي وأفلس نموذج بولشفيك، كما أفلست الاشتراكية المشيدة، أي تحطم القطب الذي شكلته الاشتراكية المشيدة في العالم، وأفلست جميع الاستراتيجيات والتكتيكات والتنظيمات والممارسات العملية التي تم تطويرها بالاستناد إليها وتشكّل عالم آخر. وهذا كان السبب الآخر الذي دفعنا لإجراء تعديل أو تغيير ضمن البرنامج. ولهذا السبب أراد القائد إجراء بعض التغييرات ضمن نظام وبرنامج الحزب، وكان يسعى إلى تطبيق مفهومه الخاص بالتنظيم ضمن حزب العمال الكردستاني بشكل واضح، كما كان يسعى إلى تطهير الحركة من مفاهيم الاشتراكية المشيدة بخصوص الحركة والتنظيم، وخطا خطوات ضمن هذا الإطار. مثلا وضع تعريفاً جديدا لعضوية الحزب «هذا التعريف موجود ضمن تقارير المؤتمر الخامس » حيث لم يكن لتعريف عضوية الحزب الذي طوره القائد أية علاقة بالتعريف الذي طرحه لينين، لإفلاس مفاهيم بولشفيك الخاصة بالتنظيم، لهذا السبب كان القائد يسعى إلى تطوير مفهوم خاص بالتنظيم ولذلك طور عضوية وهيكلية العلاقات التنظيمية ضمن الحزب بشكل يتوافق مع المفهوم الذي كان يريد تطويره لأنه كان قد قام بتحليلات ايديولوجية وتنظيمية جديدة، ولهذا السبب كان من الواجب أن تنعكس التحليلات الايديولوجية والتنظيمية والسياسية على البرنامج والنظام الداخلي للحزب أيضاً. هذه كانت الأمور التي ينبغي تغييرها ضمن المؤتمر الخامس.
في تلك الفترة كان يتم تسيير حملة جديدة ولذلك كان من الواجب إجراء بعض التغييرات ضمن التكتيكات العسكرية أيضاً، أي كان من الواجب إجراء التغيير من الناحية التنظيمية والناحية التكتيكية كي نتمكن من الاستمرار في الحرب التي نخوضها، والقائد آبو كان قد وكّل المؤتمر للقيام بإجراء هذه التغييرات. بالإضافة إلى هذا كان هناك الممارسات العملية التي تمت في منطقتي زاغروس وبوطان. شملت تحليلات القائد الممارسة العملية التي تمت في تلك المناطق أيضاً، أي كان من الواجب تصحيح تلك الممارسات، لهذا السبب كان من الواجب تسيير آلية النقد والنقد الذاتي بشكل فعال ضمن المؤتمر الخامس. منطقة بوطان تشكل ايالة أساسية ضمن تنظيمنا وتجيشنا، وكانت تعتبر الايالة المركزية بهذا الخصوص، لأن نوع التنظيم والتجييش الذي كان سيتطور في تلك المنطقة سيكون نموذجاً بالنسبة للمناطق الأخرى، من هذه الناحية كانت تلعب دوراً مركزياً أو أساسياً.
لهذا السبب كان من الواجب مناقشة وإيجاد حل لتجاوز وتصحيح قضيتي التنظيم والتجييش في شخصية ايالة بوطان. فالوصول إلى حل لتلك القضايا في شخصية تلك المنطقة أو الايالة سيساهم في تجاوزها وحلها في المناطق الأخرى أيضاً. ايالة زاغروس كانت مختلفة تماماً، كانت قد تحولت إلى حركة وحزب قائم بذاته، تم تطوير الحزب بالشكل الذي يناسبهم، وتم تطوير الكريلا والحزب على هواهم، فهيكلية منطقة زاغروس كانت مختلفة تماماً عن الايالات والمناطق الأخرى، ربما كانت القضايا والمشاكل التي كانت المناطق تعاني منها متشابهة نوعاً ما إلا أن القضاياوالمشاكل في منطقة زاغروس كانت مختلفة تماما. أي أن كوادرنا وإدارتنا ومقاييسهم ومفاهيمهم وأسلوب حياتهم كانت مختلفة تماماً عن أسلوب ومفاهيم الحركة، تم تطوير فلسفة جديدة في تلك المناطق تستند إلى «حارب وعِش كما يحلو لك » هذه كانت الفلسفة التي تطورت في تلك المنطقة، أما بالنسبة إلى الفلسفة التي تطورت في منطقة بوطان فكانت «كن بوطانيا كي تتمكن من المحاربة »، أي ليس حزبيا أو ب ك ك ليا إنما بوطانيا. حتى أن البعض منهم كان يقول « لنكن كويين كي نتمكن من المحاربة .»
أي لنكن كويين لنكسب النصر ونحقق. فالقائد كان يقول « لنكن حزبيين لنكسب النصر » أما هم فكانوا يقولون « لنكن بوطانيين لنكسب النصر » والبعض الآخر كان يقول «لنكن كويين لنكسب النصر ». هذه المفاهيم بالطبع كانت مفاهيم التصفية. بعد أعوام 1991 / 1992 / 1993 تطور مرض السلطة المبكرة ضمن الحركة بشكل سريع، لهذا السبب تطور لدى الكثير من مسؤولي وكوادر الحركة مفهوم السلطة ومفاهيم أخرى سيئة.
تطور نهجين جديدين ضمن الحركة بالإضافة إلى مفاهيم التصفية كان يشكل خطرا يهدد كلاً من الحزب والجيش. بالإضافة إلى هذا كان العدو يستهدف الحركة بحملة جديدة. ومن دون إنقاذ أو تطهير الحركة من هذه المفاهيم السلبية سيتمكن العدو من إحراز النتيجة التي يسعى إلى تحقيقها، لهذا السبب قام القائد آبو في تلك الفترة بتقوية وتوسيع النضال أكثر للحد من التصفية ومرض السلطة المبكرة كي لا يتمكن العدو من تحقيق النتيجة التي يسعى إليها.
في المؤتمر الخامس كان من الواجب القضاء على هذه المفاهيم لدى طليعيي الكريلا وطليعيي الحركة ضمن الحزب والكريلا، وتجسيد نهج الحركة والقيادة ضمن الحزب، كانت هذه مهمة المؤتمر، أي كان عليه خلق التغيير من ناحية ومن ناحية أخرى القضاء على تلك المفاهيم لدى الكريلا والحزب. جرت نقاشات موسعة على هذا الأساس، وتم الوصول إلى قرارات هامة، ففي المؤتمر تم الحد من تطور مفهوم القوموية البدائية في شخصية فرهاد، وتمت محاكمته بنهج أيديولوجي وتم اتخاذ قرار الإعدام بحقه في تلك الفترة من قبل المحكمة التي كلفت بالتحقيق معه، إلا أن القائد آبو لم يقبل بحكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة بحق فرهاد مع أن محاكمة فرهاد واتخاذ قرار الإعدام بحقه كان بعد أن تم طرده من الحزب ولكن القائد آبو لم يقبل هذا القرار، كما أنه لم يوكل إليه أية مسؤولية أو مهمة جديدة حتى عام 1997 . أي أن فرهاد لم يكن له أية صلاحيات أو مسؤوليات أو مهمات حتى عام 1997 .
عندما أتيت في عام 1997 من ساحة القيادة إلى منطقة زاب عقدنا اجتماعاً مركزياً موسعاً، حينها قدم فرهاد تقريرا كان قد قدم فيه نقده الذاتي، قرأ تقرير النقد الذاتي في ذاك الاجتماع، وتم قبول النقد الذاتي الذي قدمه، وعلى هذا الأساس تم قبوله كعضو ضمن الحركة من جديد. تم إرسال هذا القرار الذي تم اتخاذه في الاجتماع إلى القائد، لم يبدِ القائد أي اعتراض بل أعطى أهمية للنقد الذاتي الذي قدمه فرهاد ولإدارة الاجتماع التي قبلت نقده الذاتي وقبلت انضمامه إلى الحركة من جديد. وعلى إثر ذلك اقترح بأن يتم إرسال فرهاد لمنطقة سوران للقيام بالفعاليات السياسية ضمن الشعب في الجنوب. كما تم طرد بوطان أيضاً من الحزب في المؤتمر الخامس، وفُتح ضده تحقيق وحوكم وتوصلت المحكمة إلى قرار الإعدام بحقه أيضاً، لأنه قام بالتلاعب بنهج الكريلا، بالنهج العسكري. إلا أن القائد لم يقبل بقرار الإعدام الذي اتخذ ضده أيضاً، كنا قد سحبنا منه الصلاحيات والمهمات التي كانت موكلة إليه، وتم توكيله مهمات أقل ضمن الممارسة العملية. كان بوطان قد وعد ولمرات عدة بأن يتخلى عن النهج الليبرالي الذي يخدم التصفية ويخلق الانحلال ضمن الجيش والحركة ويساهم في تدمير الإدارة والمقاتلين والجيش، إلا أنه لم يفِ بوعده بل على العكس تماماً استمر بهذا العمل رغم الوعود التي كان يعطيها في التخلي عن النهج. ففي عام 1997 استدعاه القائد إلى ساحة القيادة للسبب نفسه ، حينها ركز القائد عليه فوعد بأنه سيتخلى عن هذا النهج، كما أنه في عام 1989 توجه إلى منطقة بوطان للانضمام إلى الكونفرانس، إلا أنه قام بإفشال هذا الكونفرانس واتخذ نهجه أساساً وطبق هذا النهج ضمن الممارسة العملية ولهذا السبب فُتح ضده تحقيق في عام 1994 . وتم تجميد كل الصلاحيات التي كان يتمتع بها، وتم توكيله مهمات أدنى وأعطيت له فرصة أخرى، إلا أنه هذه المرة أيضاً قام بتطبيق نهجه ولهذا السبب تمت محاكمته في المؤتمر الخامس لتلاعبه بالنهج العسكري. لم يقبل القائد بحكم الإعدام الذي اتخذ ضده واقترح بأن يتم توكيله مهمات أدنى لأنه كان قد وعد بأن يتخلى عن فرض نهجه وأن يتم إعطاؤه فرصة أخرى من قبل الحركة. في عام 1996 استدعى القائد آبو بوطان مرة اخرى إلى ساحة القيادة وتوقف القائد عليه بشكل صارم هذه المرة وقال له بأن هذه هي فرصتك الأخيرة، حينها قام بوطان ولمرة أخرى بتقديم نقد ذاتي ووعد بأن يتخلى عن هذا النهج وأن لا يطبقه ضمن الحركة، حينها قام القائد بإعطائه هذه الفرصة مرة أخرى، وأرسله إلى منطقة زاغروس في عام 1996 ، إلا أن بوطان عند وصوله إلى منطقة زاغروس قام بتطبيق نهجه الخاص مرة أخرى ولهذا قام القائد آبو بسحب كل المهمات والصلاحيات التي كان يمتلكها بوطان في خريف عام 1996 ، وقال بأن من الواجب ألا يقترب هذا الشخص من الكريلا، وأنه لم يبقَ أي عمل لهذا الشخص ضمن الكريلا، وأن كل ما قمنا به من أجل هذا الشخص ذهب سدى، حيث أنه وعد لمرات عدة بأن يتخلى عن فرض نهجه الخاص ونحن بدورنا أعطيناه فرصاً كثيرة لهذا السبب لا يمكن إعطاء فرصة أخرى لهذا الشخص ضمن الكريلا. لذلك قام بسحب كل المهمات منه وأرسله إلى منطقة سوران للقيام بالفعاليات السياسية في تلك الساحة. بسبب محاكمة فرهاد وبوطان في المؤتمر الخامس بهذا الشكل واتخاذ المحكمة قرار الإعدام بحقهما اتفقا معاً ضد الحركة والقائد، أي أن اتفاق بوطان وفرهاد بدأ في تلك الفترة، حيث أنهما لم يتوحدا ولم يتفقا أبداً ولكنهما في تلك المرحلة اتفقا معاً واستمر اتفاقهما ضد القائد والحركة حتى وصل بهما الأمر إلى الانفصال عن الحركة. بالطبع في البداية لم يظهرا ردة فعل ضد القائد، إلا أنهما كانا يظهران ردة فعل ضد الرفيقين عباس وقره صو، لأنهما اللذان كانا قد أتيا من ساحة القيادة في تلك الفترة وهما من قاما بتسيير التحقيق الذي فتح ضدهما وأشرفا على سير محاكمتهما. كانا يحرضان كوادر الحركة ضد الرفيق عباس والرفيق قره صو، لأنهما لم يكونا يستطيعان أن يحرضا الرفاق ضد القائد آبو.
وكل من الرفيقين عباس وقره صو لم يكونا يستطيعان القيام بما قاموا به من دون علم القائد. ولإدراكهما بأن ما يقوم به الرفيق عباس والرفيق قره صو هو الشيء الذي يريده القائد قاما باتباع سياسية أو تكتيك سمير، أي كما كان سمير يستهدف القائد في شخصية فاطمة هما أيضاً كانا يستهدفان القائد آبو في شخصية كل من الرفيق عباس والرفيق قره صو. فاستهدافهما للرفيق عباس والرفيق قره صو كان في الأساس استهدافاً للقائد. بالطبع رد فعلهم هذا وصل إلى مرحلة العداء في المؤتمر الخامس وكانا يقومان بتطويره كلما سنحت لهما الفرصة، وبعد المؤامرة سعيا إلى تصفية حساباتهما مع الحركة والقائد، لهذا السبب دخلا في هذا الموقف بعد المؤامرة.
جرت نقاشات أيديولوجية سياسية وعسكرية وبعض المناقشات ضمن إطار التغييرات التي كان القائد يسعى إلى إجرائها ضمن المؤتمر الخامس، إلا أن التغييرات كان قليلة أي يمكن القول بأنه لم يتم تحقيق تغييرات كبيرة. التغييرات التي حدثت في تلك المرحلة كانت قليلة جداً وكانت شكلية بعض الشيء، فحتى في النظام الداخلي وبرنامج الحركة حيث تم تغيير علم الحزب وتم إجراء بعض التغييرات في العضوية وتم إخراج بعض الأمور التي أصبحت قديمة من نظام وبرنامج الحزب إلا أنه لم يتم إجراء تغييرات تتوافق مع تحليلات وأهداف القائد. لم يتم فهم التغيير الذي كان يريده القائد من قبل المؤتمر من ناحية ومن ناحية أخرى لم يكن الوسط الذي كان موجوداً في تلك المرحلة مناسباً لتفهم هذا التغيير والقيام بالإجراءات اللازمة بالاستناد إليه، لأنه لم يتم تجاوز هيكلية الإدارة والكوادر التي كانت موجودة وفق الاستراتيجية، كما أن الوسط الذي انعقد فيه المؤتمر لم يسمح بإجراء هذا التغيير، أي لو كان الوسط مناسباً بعض الشيء ربما كان بالإمكان إحراز بعض التغييرات أو ربما كانت التغييرات التي تم القيام بها أفضل بعض الشيء. ففي تلك الفترة كانت تتم معايشة تناقضات ايالتي زاغروس وبوطان، التي افتعلها فرهاد، فهو من خلق هذه الثقافة ضمن الكوادر في منطقة خاكوركى. في البداية عندما كانت منطقتا خاكوركى وجقورجا منفصلتين عن بعضهما قام فرهاد بخلق تناقض بين هاتين المنطقتين، وعندما أصبحت منطقتا خاكوركى وجقورجا منطقة واحدة وأصبحتا ايالة حينها نقل هذه الثقافة أو التناقض بين ايالتي زاغروس وبوطان. تطورت هيكلية ضد الحركة في تلك الايالة، فرهاد خلق هذه الثقافة في البداية وفيما بعد طورها ناصر. فكما أن النهج التصفوي كان بوطان وأبو بكر قد طوراه وكان التصفويون الأربعة يطبقونه ضمن الممارسة العملية، فإن الثقافة نفسها والمفهوم نفسه والشخصية نفسها طورها ناصر ضمن الممارسة العملية حتى أوصلها لمرحلة متقدمة. فكوادر منطقة زاغروس لم يكونوا يملكون خاصية أو مفهوم الحركة، لم يتوحدوا مع الحركة ولا مع التنظيم ولا مع المقاييس، لم ينضموا إلى أي شيء إن لم يكن يتوافق مع أهوائهم، حتى أنهم لم يكونوا يقبلون المقاتلين الجدد إذا لم يكونوا يتوافقون مع أهوائهم، كانوا يتحركون كعائلة ولا يقبلون انضمام أي غريب إليهم. ولكنهم حتى ضمن تلك العائلة لم يكونوا يقبلون بعضهم البعض. مشكلة منطقة زاغروس تطورت على هذا الأساس. فالمفهوم الذي تطور في تلك المنطقة والذي كان يستند إلى «اعمل واعمل ما يحلو لك » حولته بيمان وثورة فيما بعد إلى نهج، كانوا يقولون لسنا مسؤولين عن الإنسان إنما نحن مسؤولون عن العمل أي ليس لنا علاقة بالإنسان فالإنسان يستطيع القيام بما يحلو له، هذا هو المفهوم الذي طوّره ناصر. إن إدارة هذه الحركة بقدر اعتبارها إدارة للعمل هي بنفس الوقت إدارة للإنسان أيضاً، فجميع الأعمال تتم عن طريق الإنسان، أي أنه عن طريق إدارة وتوعية الإنسان يمكنك إنجاز الأعمال التي يتوجب القيام بها، فمن دون تنشئة الإنسان وفق مقاييس هذه الحركة لا يمكنك القول بأنك تقوم بتأدية مهمات وأعمال هذه الحركة.
كما أنه لا يمكنك القول بأنك تقوم بأعمال الحركة من دون التوقف على الإنسان وتنشئته وفق مقاييس الحركة، فمن سيصدق هذا الكلام؟ فعند إعداد وتنشئة الإنسان وفق مقاييس هذه الحركة حينها يصبح هذا الإنسان إنسان هذه الحركة وأعماله تكون أعمال هذه الحركة. يقول القائد:
من لا يكون فكره عائداً لنا لا يمكن لممارسته العملية أن تكون لنا. لم يكن القائد يقول هذا انطلاقاً من الفراغ، فهذا المفهوم قد طوّره وخلقه كل من فرهاد وناصر ضمن الحركة ، وكان نهجهم الخاص، أي أن هذا النهج لم يتطور في مرحلة بيمان وثورة. فهم كانوا تلاميذ هذا المفهوم واكتسبوه منهم ومن ثم قاموا بتطبيقه ضمن حركة المرأة أيضاً، أي مفهوم «نحن لسنا مسؤولين عن الإنسان إنما نحن مسؤولون عن العمل أي أننا نتخذ العمل أساسا .» فقبل كل شيء مسؤولو هذه الحركة هم مسؤولو الإنسان، أي أن إدارة العمل تأتي بعد إدارة الإنسان وهذا هو الشيء الصحيح، لهذا السبب تطورت شاكلة الكوادر في منقطة زاغروس خارج الحركة كان أسلوب حياتهم مختلفاً عن أسلوب حياة هذه الحركة ورغم هذا كانوا يدّعون بأنهم كوادر هذه الحركة، لم يكونوا يقبلون النقد ولا المقاييس ولا التنظيم إنما كانوا يتحركون كما يحلو لهم، حتى أنهم لم يكونوا يقبلون الرفاق الذين لا يتجاوبون معهم كما أنهم كانوا يُخرجون هؤلاء الرفاق الذين لا يتجاوبون معهم من مناطقهم. وحتى الآن مازال الرفاق الذين تشكلوا في بينية تلك المنطقة ووفق تلك المفاهيم مستمرين في متابعة هذا المفهوم.
كانت منطقة بوطان تعتبر المنطقة المركزية ضمن تنظيمنا وحزبنا وجيشنا، وكان يتم نقل وتطبيق كل التطورات التي تحصل في تلك المنطقة إلى المناطق الأخرى، وكانت تلعب دوراً طليعياً من ناحية تكتيك المحاربة، وهي أيضاً كانت ترى نفسها بهذا الشكل. وفي المقابل كانت منطقة زاغروس ترى نفسها بأنها تمثل الطليعة ولا تقبل بطليعة أي أحد آخر، وبوطان كانت تقول أنا أعتبر المركز من قبل الحركة أي أن الحركة هي التي أوكلت هذا الدور لي. وهذا كان السبب الأساسي للتناقض الحاصل بين هاتين المنطقتين، وكان تناقضاً أساسياً، وقد فرض هذا التناقض نفسه في المؤتمر الخامس بشكل واضح. تم توجيه الانتقادات بهذا الخصوص إلا أنها لم تكن تلقى أي صدى لا لدى مسؤولي منطقة زاغروس ولا لدى مسؤولي منطقة بوطان، كما كنا نود في المؤتمر مناقشة جميع قضايا الحرب والجيش والحزب في شخصية ايالة بوطان وانتقادها وإيجاد الحلول لها إلا أن ذلك قوبل بردّ فعلٍ قوي من قبل رفاق منطقة بوطان الذين كان موقفهم يستند إلى أنه كيف لا يتم رؤية هذا القدر من الكدح والنضال والحرب التي نخوضها ويتم رؤية أخطائنا ونواقصنا فقط.
كما ذكرت لم يسمح وسط المؤتمر باتخاذ تحليلات القائد التي أجراها بخصوص التغيير أساساً وخطو الخطوات بالاستناد إلى تلك التحليلات. رأينا بأن الأوضاع خطرة للغاية وإذا تم التصدي لهم بشكل أقوى سوف يسفر ذلك عن ردود أفعال قوية أخرى، وكانت ستشكل خطرا على المؤتمر أيضاً، لهذا لم نتوقف عليها بالشكل المطلوب، فلم تتم مناقشة المشاكل المتعلقة بالحرب والتحزب في ايالة بوطان بالشكل التام ولم يتم التعمق فيها. من هذه الناحية لم يقم المؤتمر بلعب دوره الأساسي، والخطوات التي قام بخطوها كانت سطحية ولم تكن خطوات سديدة، بالطبع خطا بعض الخطوات إلا أنها لم تكن كما كان القائد يهدف لها، أي أن المؤتمر لم يقم بتحقيق التغيير الذي قدمه القائد للمؤتمر ولم يناقش مشكلة الحزب والجيش بالشكل التام ولم يتعمق ويقم بالتصحيح في هذا الموضوع، لهذا السبب لم يقم بلعب دوره بالشكل المطلوب. ربما يكون قد قام بلعب دوره في بعض المواضيع إلا أنه لم يقم بدوره في العديد من الأمور الأخرى، لو تم تحقيق التغييرات التي أرادها القائد من الناحية الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية والعسكرية في المؤتمر الخامس وعلى هذا الأساس تمت مناقشة وتجاوز نواقصنا ومشاكلنا من الناحية التنظيمية والعسكرية في شخصية ايالة بوطان ربما كان ذلك ساهم في تغيير وضع الحركة، ومنع تطور المؤامرة الدولية التي تحققت فيما بعد بهذا الشكل. فإذا كان القائد يريد إحداث التغيير في المؤتمر الخامس فذلك لتلك الأسباب التي قمت بذكرها آنفاً، ومن ناحية أخرى كان القائد يرى بأنه إن لم نقم بتلك التغييرات وتجاوز تلك النواقص لا يمكن للحركة أن تنقذ نفسها من وضع تكرار الذات، ولا يمكنها التطور ولا يمكنها الحد من المخاطر التي تحدق بها وتصادفها. فالقائد أراد إجراء تلك التغييرات من أجل الحد من تلك المخاطر وإنقاذ الحركة أو إخراجها من حالة التكرار لتتمكن من خطو خطوات نحو الهدف الذي تسعى إليه. وعندما لم يتحقق ذلك استمر التكرار الذي تمت معايشته واستمرت القضايا والمشاكل التي كانت موجودة.
ربما تم إيجاد حلول مؤقتة ولكن القائد لم يكن يريد أن تكون الحلول مؤقتة فالقائد كان يريد التغيير والحل الدائم. ولعدم قيام المؤتمر بدوره بالشكل المطلوب وعدم اكتمال الخطوات التي تم خطوها ولكون التغييرات التي تم إحداثها سطحية لم يتم القضاء على مفهوم التصفوية في شخصية ايالة بوطان، بل صان هذا المفهوم وجوده ضمن الحركة على الرغم من المحاولات التي تم بذلها من أجل القضاء عليه. ربما تراجع ذلك المفهوم بعض الشيء في تلك الفترة إلا أنه طور نفسه فيما بعد وتوحد مع التصفوية الخارجية وقاما بتقوية بعضهما، مما أدى إلى أن يدخل حزب العمال الكردستاني في وضع لا يحسد عليه، وتطورت ضمن حزب العمال الكردستاني مفاهيم ونهج جديد، حيث أنه مع الوصول إلى نهاية عام 1996 ضعفت حقيقة حزب العمال الكردستاني ضمن الحزب، وابتعد عن حقيقته حتى وصل هذا الابتعاد إلى ذروته مع مجيء شمدين صاكك من الشمال إلى منطقة زاب.
قام القائد آبو بمداخلة هذا الوضع واستدعى كل الإدارة التي كانت هناك إلى ساحة القيادة وكان من بينهم الرفيق فؤاد الذي كان المسؤول عن المعسكر الرئيسي بشكل رسمي في عام 1995 / 1996 إلا أن شمدين صاكك فرض حاكميته ضمن الساحة العملية، واستولى على كل شيء من الناحية العملية وفتح دورات تدريبية بالشكل الذي يتناسب مع مخططاته، وبهذا الشكل قام بخلق هيكلية خاصة تخدم مخططاته لدى الكوادر في تلك المنطقة، هؤلاء الكوادر كانوا يفتقدون إلى مفاهيم حزب العمال الكردستاني. لهذا السبب مثّل حزب العمال الكردستاني الأقلية ضمن الحزب.
وبسبب القيام بتخريبات كبيرة في تلك المنطقة قام القائد بهذه المداخلة، ففتح تحقيقاً ضد هؤلاء الذين تم استدعاؤهم من ساحة القيادة إلا أن التحقيقات التي فتحت ضد شمدين صاكك كان أحدها في ساحة الأكاديمية والآخر بين الشعب في غرب كردستان. بعد أن تمت محاسبة شمدين تم إرساله إلى منطقة أمانوس، وهناك لم يستطع القيام بأي شيء ولهذا السبب عاد إلى ساحة القيادة دون علم أحد حينها قام القائد باعتقاله، وفتح تحقيقاً ضده مرة أخرى. بهذا الشكل أنهى القائد مسألة شمدين صاكك من ناحيته، ووصلت الحرب التي كان يخوضها شمدين صاكك إلى نهايتها، وقام بمحاكمته ضمن الكوادر والشعب ولم يبقَ بذلك أي تأثير له، وبعدها قام بإرساله إلى منطقة زاب وقال لقد أنهيت كل محاولاتي تجاهه، وأنتم أحرار بما تقومون به من أجله. عقدنا اجتماعاً في منطقة زاب وعندما أتى إلى تلك المنطقة لم يقبل أي رفيق بأن يصحبه لهذا السبب اضطررت لأن أصحبه معي إلى منطقة كارى وهناك هرب إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن ثم إلى تركيا وأدلى باعترافات للدولة التركية. طبعاً ذهب بمفرده ولم يذهب معه أحد ولم يستطع أن يحدث أي تخريبات أخرى. بدأ القائد آبو منذ عام 1988 بنضال ضد شمدين صاكك حتى تلك الفترة أي أن نضال القائد ضد شمدين صاكك وصل إلى نهايته في عام 1998 ، وقد خاض حرباً ونضالاً طويلاً ضد شمدين صاكك، استند نضاله هذا إلى الصبر والإصرار.
سعت الدولة التركية عندما قامت بحملة التمشيط التي استهدفت الجنوب في عام 1995 إلى ضرب المؤتمر، إلا أننا في تلك الفترة كنا قد أنهينا المؤتمر. حددنا أسلوباً جديداً للتنظيم وفق المؤتمر الخامس وكذلك أسلوباً جديداً من الناحية العسكرية أيضاً. عندما قامت الدولة التركية بذاك التمشيط كنا في بداية الخطوات التي كان من الواجب علينا خطوها ضمن إطار ذاك الأسلوب إلا أنه اتضح لنا بعد تلك الحملة بأنه بهذا الأسلوب لا يمكن لنا التصدي للدولة التركية، لهذا السبب قمنا بتغيير ذاك الأسلوب، وتم إبداء مقاومات كبيرة في منطقة بوطان، وبعدها قام القائد بالمداخلة ونبّه بأن لا يتم تسيير حرب الجبهات، حيث أنه حتى تلك الفترة كان الرفاق يسيّرون حرب الجبهات بعض الشيء، ولكن بعد أن قام القائد بالإشارة إلى هذا الأسلوب تم التخلي عنه في المحاربة أو الحرب، أي أنه لو لم يتم التخلي عن هذا الأسلوب لكنا سنقدم خسائر كبيرة. دخلت الدولة التركية الجنوب خلال فترة قصيرة بعد إنهائنا المؤتمر، وقامت بحملة تمشيط واسعة، لم نكن قد أكملنا الفرز بعد، حيث أن بعض المجموعات دخلت ضمن الاشتباكات مع الدولة التركية قبل أن تصل إلى مناطق تمركزها. كما كنا قد اتخذنا قراراً بأن يتم عقد مؤتمر خاص بالمرأة بعد هذا المؤتمر في منطقة متينا، كنا قد هيئنا مكانه أيضاً واجتمعت بعض الرفيقات والقسم الباقي كان من المفروض أن يذهبن بعد أن ينتهي المؤتمر الخامس، وفي تلك الأثناء قامت الدولة التركية بحملة التمشيط تلك، إلا أنه وبالرغم من تلك الحملة تم عقد مؤتمر المرأة وحضرته أكثر من 500 رفيقة. أي أنه في تنظيم المرأة أيضاً كان يتم خطو خطوات جديدة، تم اتخاذ قراره في المؤتمر الثالث وتم خطو خطوات بهذا الخصوص في أوروبا وفي المؤتمر الخامس تم البدء بخطو خطوات بهذا الخصوص في الوطن أيضاً، عقد مؤتمر المرأة وتشكلت حركة خاصة بها كما أن تنظيم المرأة كان قد تطور ضمن الكريلا أيضاً ، هذه كانت تعتبر خطوة هامة بالتأكيد، وكانت خطوة مهمة ومتقدمة، أي أن yajk تشكلت في تلك الفترة، في تلك الفترة ولأول مرة تشكل المقر العسكري العام للمرأة وتم تشكيل وحدات المرأة العسكرية ضمن الوحدات العسكرية العامة، كانت هذه خطوة جديدة ضمن تنظيمنا وتحزبنا وتجيشنا وكانت تعتبر خطوة متقدمة بالطبع.
تحدثت عن الرفيقة بنفش ودورها في السرهلدانات التي تطورت وكذلك زكية ودورها في نوروز وكذلك كانت هناك الرفيقة عزيمة «عزيمة الكبيرة » هذه الرفيقة كانت ضمن الكريلا، لعبت دوراً هاماً ضمن الكريلا في أصعب الظروف، ونالت مركزا إدارياً ضمن حركتنا، ونالت وسام الشهادة. فلهذه الرفيقة دور هام في الخطوات التي تم خطوها بخصوص تجييش المرأة، ينبغي معرفة هذه الحقيقة، ربما لا يتم ذكر اسم هذه الرفيقة بكثرة حتى ضمن حركة المرأة أيضاً، يعتبر هذا نقصاً من الواجب تجاوزه، فالرفيقة عزيمة لعبت دوراً هاماً ضمن الكريلا، أي لعبت الرفيقة عزيمة الدور الأساسي في تطور تنظيم المرأة ضمن الكريلا، من الواجب عدم إنكار الكدح والنضال الذي قدمته هذه الرفيقة، ينبغي الوفاء لها وللنضال الذي خاضته وقدمته، ينبغي على كل كادر من كوادر هذه الحركة رؤية هذه الحقيقة، فهذه الرفيقة لها كدح ونضال قدمته من أجل هذه الحركة ولا سيما في أصعب الظروف، انضمت إلى الكريلا في الأيام التي كانت الكريلا تعاني فيها الكثير من المصاعب، وناضلت في أصعب المناطق كمنقطة بوطان. في الكثير من الأحيان بقيت هذه الرفيقة لوحدها إلا أن ذلك لم يهز عزمها وإرادتها أبداً كانت رفيقة شجاعة بكل ما للكملة من معنى، انضمت إلى جميع الأعمال والنضالات؛ في العمليات وفي الهجوم وفي الأعمال العملية، قامت بكل الأعمال، كانت رفيقة مضحية وصاحبة جرأة كبيرة، واستشهدت نتيجة تلك الجسارة والجرأة التي كانت تمتلكها. كما لعبت دوراً إيجابياً في القضايا التي نتجت نتيجة القانون العسكري الذي تم فرضه، أي قامت بالتوقف على العديد من المقاتلين الجدد الذين انضموا إلى الحركة بالقانون العسكري وكسبتهم من أجل الحركة، لاقت الكثير من المصاعب جراء إبداء مفاهيم خاطئة لمحاولتها كسب المقاتلين الجدد الشباب، كانت تعيش ضغط المصاعب والمفاهيم في آن واحد، أي كان لها دور فعال في انضمام المقاتلين الجدد الذين انضموا بالقانون العسكري، كان تأثيرها «كونها كانت امرأة » قوياً على هؤلاء الشباب. عانت الكثير من المصاعب في تدريب وكسب هؤلاء الشباب من كل النواحي، من الواجب فهم هذه الحقيقة أيضاً، أي أن لهذه الرفيقة دور بارز في عملية التجييش.
لم تسفر حملة التمشيط الواسعة التي قامت بها الدولة التركية والهادفة إلى إلحاق ضربات بالحركة في عام 1995 عن أية نتائج، أي لم تلحق بالحركة أي ضربات كما كانت تتصور وتعتقد، بل على العكس تماماً تلقت الدولة التركية الضربات. ولقيام الحزب الديمقراطي الكردستاني بمساعدة الدولة التركية بشكل سري في عملية التمشيط تلك اتخذ الرفاق قراراً بأن يتم البدء بحملة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالإضافة إلى هذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يخلق الكثير من العوائق أمام فعاليات الرفاق في تلك المناطق، حتى كان قد استولى على المواد التموينية العائدة للرفاق واعتقل كل من كان على علاقة مع الحزب من الوطنيين، أي اتخذ موقفاً عدائياً تجاه الحركة. نتيجة تلك المقاربات اتخذ الرفاق قراراً ببدء حملة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني في الخامس عشر من آب عام 1995 . كما أنه قبل تلك العملية تمت معايشة حالة توتر أيضاً، فبعد المؤتمر الخامس توجهت إلى إيران من أجل عقد العلاقات واللقاءات وعندما بدأت حملة التمشيط كنت في منطقة متينا حينها قمنا بإخراج الكثير من الرفاق من تلك المنطقة إلى منطقة كارى ومن ثم توجهت من هناك إلى إيران واستمرت حملة التمشيط لفترة من الوقت، بقيت في إيران وبعدها توجهت إلى منطقة السليمانية ومنها إلى هولير، عند وصولي إلى هولير عقد معي أبو بكر ارتباطاً وأعلمني بأنهم قاموا بعقد بعض اللقاءات في دهوك إلا أنهم لم يتوصلوا إلى أية نتائج ولهذا السبب اتخذوا قرارا بأن أقوم أنا بهذه اللقاءات.
حينها طلبت منهم بعض المعلومات كي أجري اللقاءات أي ما هو الوضع وما هي المستجدات؟ كي أتمكن بالاستناد إليها من إجراء اللقاءات، إلا أنه لم يعطِ أية معلومات بحجة أني أعلم الوضع. صحيح أني كنت أعلم الوضع بشكل عام ولكن لم يكن لدي علم عن نوعية التوتر الذي تمت معايشته وماهية اللقاءات التي قاموا بها ومحور
اللقاءات والمناقشات التي تمت فيما بينهم، وما الذي أنجز وما الذي لم ينجز، لم يكن لدي علم عن الوضع بتفرعاته، وتعتبر تلك التفرعات هامة في اللقاءات والمباحثات، حينها قلت لهم بأن من الواجب علينا ألا يبدر منا أي مشكلة حتى الوصول إلى نتيجة في اللقاءات. في تلك الفترة كان الرفيق عباس وأبو بكر المسؤولين عن المعسكر العام بالإضافة إلى الرفيق فؤاد، حتى أنه في تلك الفترة كان جميع أعضاء الحركة المركزيين هناك في ذاك المعسكر، عقدت اتصالاً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وذهبت إلى اللقاء في منطقة صلاح الدين والتقيت مع جميع قادات الحزب الديمقراطي الكردستاني ماعدا مسعود البرزاني، وأجرينا نقاشات موسعة استمرت لمدة يوم كامل حيث تم إزالة الغموض عن بعض المواضيع خلال المناقشات وكان من المفروض أن نستمر بالمناقشة في اليوم الآخر لإتمام اللقاء وكان سير اللقاء جيدا نوعاً ما، وكان من المحتمل الوصول إلى نتيجة إيجابية. في تلك الفترة كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يعاني من أزمة، كان في حالة حرب مع الاتحاد الوطني الكردستاني، أي أنه لم يكن بمقدورهم خوض حرب ثانية معنا في الوقت نفسه لهذا السبب لم يرد الحزب الديمقراطي الكردستاني الدخول ضمن حرب ضدنا في تلك الفترة حيث كان هذا يشكل خطراً بالنسبة له، لم يكونوا يريدون الإفصاح عن هذا الوضع في تلك اللقاءات وكانوا يظهرون أنفسهم أقوياء، وأن بإمكانهم فتح جبهتين في آن واحد، إلا أن الحقيقة لم تكن بهذا الشكل، فقد ظهرت الحقيقة بشكل واضح، فهم كانوا يقومون بالابتزاز فقط، لهذا السبب كانوا يسعون إلى الوصول إلى نتيجة ضمن هذه اللقاءات – بالطبع نتيجة تتوافق مع مصالحهم- كما أننا في تلك الفترة لم نكن نريد الدخول ضمن حرب أيضاً. حدد القائد إطارا للقاءات وأشار إلى محاولة عدم الدخول في الحرب، الحرب لم تكن لصالحنا ولا لصالحهم أيضاً، كما أن دخولنا ضمن حرب ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني كان سيظهر بأننا نخوض الحرب ضدهم إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني. صحيح أنه بعد تلك الفترة وفي عام 1996 عندما قام صدام حسين بمهاجمة هولير وهروب جلال الطلباني وأسر زوجة جلال ومعصوم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني قمنا بمداخلة الوضع وبشكل واضح أيضاً، حينها أرسلني القائد لمداخلة تلك الحرب ولتوجيه رسالة واضحة إلى الديمقراطي الكردستاني ألا وهي «إن لم يتم إطلاق سراح كل من هيرو وفاطمة سوف ندخل الحرب إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني ضدهم »، كما أن القائد صرح بهذا عبر وسائل الإعلام أيضاً، وطلب من الحزب الديمقراطي الكردستاني إطلاق سراحهم وأن حصول أي شيء لهم سوف يكون سبباً لاندلاع الحرب بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني. حينها قام الحزب الديمقراطي الكردستاني بإطلاق سراحهم. في عام 1995 لم يكن القائد يريد دخول حرب معهم للأسباب التي ذكرتها. في المساء توجهت إلى هولير وكان من المقرر أن أعود في اليوم التالي، عند ذهابي إلى اللقاء أعلمت الاتحاد الوطني الكردستاني بالأمر ليكون لهم علم بهذا، لم يبدوا رفضهم إلا أن هذا لم يكن الشيء الذي يريدونه فقد كانوا يريدون أن ندخل الحرب ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني لأن دخولنا في حرب ضده كان سيكون لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، هذه الحرب كانت ستساهم في إضعافنا نحن الاثنين وهذا سيكون لصالح الاتحاد الديمقراطي. عدت في المساء وكان من المقرر أن أذهب في الصباح مرة أخرى لإكمال اللقاء والوصول إلى اتفاق. في الصباح قلت للرفاق أن يقوموا بفتح الجهاز اللاسلكي لمعرفة الأوضاع وحسب هذه الأوضاع الذهاب إلى اللقاء، أي معرفة ما إذا كان لدى الرفاق شيء ما أو جديد يودون قوله من أجل اللقاءات. ولكن عندما قمنا بفتح الجهاز اللاسلكي تفاجأنا بأن الرفاق قاموا بعمليات في العديد من المناطق ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحدثت مع أبي بكر لأستفسر عن الأمر وما الذي يقومون به حيث كان من المفروض ألا يقوموا بشيء حتى أنهي اللقاءات أي كان من المفروض التحرك إثر نتيجة اللقاءات.
إلا أنه اعتبر الأمر طبيعياً وقال بإمكانك إكمال اللقاءات فالشيء الذي يحصل شيء طبيعي. لم أطل الحديث على الجهاز لأنه كان مراقباً من قبل العدو قلت له فقط بأن ما يقومون به هو ابتزاز لا شيء آخر. بالطبع بعد تلك العمليات التي قام بها الرفاق لم أذهب لإكمال اللقاءات لأنه لو ذهبنا لقام الديمقراطي الكردستاني باعتقالنا وقتلنا. في تلك الفترة لو كنا في وضع الديمقراطي الكردستاني كنت حلّلت الوضع على أنه « تمّ خداعنا أي تمّ اتباع سياسة التليين والضرب غدراً » وهذا يعني مؤامرة. بعد مضي فترة أي بعد أن قمنا بإعلان وقف إطلاق النار ذهبت إلى اللقاءات حينها قال لي سامي عبد الرحمن الجملة نفسها « لقد طعنتنا بخنجر في ظهرنا » لقد أتيت للقاء وقمت بتليين الأوضاع ونحن وثقنا بأننا سوف نصل إلى نتيجة في اليوم الثاني لهذا السبب لم تراودنا أي شكوك تجاهكم إلا أنه في الليلة نفسها قمتم بعمليات ضدنا، أي طعنتمونا بخنجر من الخلف، ومن قام بهذا هو أنت. الشيء الذي كان يقوله كان صحيحاً، لو كنت مكانه لقلت الشيء نفسه.
بالطبع حاولت شرح الموضوع لهم ولكن محاولاتي باءت كلها بالفشل أي لم أستطع إقناعهم، فأنا أيضاً لو كنت في موقفهم لم أكن لأقتنع. استمرت الحرب بهذا الشكل وكانت حملة الرفاق ناجحة في البداية ولكن فيما بعد لم يعرها الرفاق أية أهمية ولم يأخذوها على محمل الجد لأنهم عقدوا حسابات خاطئة كانت تستند إلى أن « الحزب الديمقراطي الكردستاني في حالة حرب مع الاتحاد الوطني الكردستاني ونحن أيضاً بدأنا بحملة ناجحة لهذا السبب لا يمكن للحزب الديمقراطي الكردستاني الدخول في حرب ضدنا، وهو مضطر للقبول بما نريده » لهذا السبب بعد تلك الحملة بقوا ساكنين. عندما قام الرفاق بتلك الحملة تنحى الاتحاد الوطني جانباً ودخل في وضعية المشاهد للحرب التي نخوضها مع الديمقراطي الكردستاني، فهم كانوا يريدون هذا الشيء، لأنه من خلال هذه الحرب سوف يلقى كل منا الضرر وهذا بدوره يخدم مصلحة الاتحاد الوطني الكردستاني ويبقيه قوياً.
رفاقنا لم يكونوا يحسبون هذا الحساب، كانوا يعتقدون بأنه عند فتحنا لجبهة أخرى ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني سيضطر لخوض الحرب من جبهة واحدة وهو على عداء تاريخي مع الاتحاد الوطني الكردستاني لهذا السبب سوف يستمر في الحرب ضده والمساومة معنا، حينها بإمكاننا فرض ما نريده عليه. بالطبع كان هذا حساباً خاطئاً، فالاتحاد الوطني الكردستاني في تلك الأثناء انسحب من الحرب وترك الحرب تدور بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني، لهذا السبب قام الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتحرك ضدنا، وبمساعدة الدولة التركية وصدام حسين له استطاع لمّ شمله والهجوم من جديد على الرفاق حيث وُجِّهت لنا ضربات قوية في تلك الفترة. تلك الحملة كانت جيدة في البداية ولكنها انقلبت في النهاية. بعد أن دخل وقف إطلاق النار جدول الأعمال تم توكيلي لإجراء المباحثات واللقاءات وقد حدد القائد آبو إطاراً لتلك اللقاءات والمباحثات، حينها أرسلت الرفيق كاظم إلى منطقة زاب لأن إدارة الحزب كلها كانت هناك وكانوا سيعقدون اجتماعاً لذلك أرسلت الرفيق كاظم لمعرفة الأمور التي سوف نتقدم بها من خلال وقف إطلاق النار، ومطالبنا العسكرية ومطالبنا السياسية، لكي نقوم بتطوير اللقاءات والمباحثات بالاستناد إليها، وفي أي النقاط يمكننا المساومة وفي أي النقاط لا يمكننا المساومة، وإلى أية درجة نستطيع المساومة، لأنه إن لم نصل إلى هذه النقاط سوف تستمر الحرب من جديد، ولا نستطيع إعطاء قرارها لأنه مسؤولية تاريخية، إلا أن الرفاق لم يعطوا أية فكرة عن الموضوع المحدد، حينها اتصلت بالقائد لتلقي التوجيهات منه وبالاستناد إلى تلك التوجيهات تم البدء باللقاءات، حينها حدد القائد إطاراً لكيفية سير اللقاءات والمباحثات. عندما أردت الذهاب إلى اللقاء قال لي مسؤولو الاتحاد الوطني الكردستاني احذر كي لا يصيبك الحزب الديمقراطي الكردستاني بأي مكروه. حينها قلت لهم إن لم تقوموا بأي شيء فهم لن يقوموا به. وعندما وصلت إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني وعند ذهابي إلى هولير قال لي مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني الشيء نفسه حينها أجبتهم إن لم تفعلوا أنتم هذا الشيء فالاتحاد الديمقراطي لا يمكنه فعل هذا. لماذا؟ لأنه كانت هناك منطقة عازلة بين هولير وصلاح الدين كانت فارغة أي لم تكن تحت سيطرة أية قوة. وكان من المفروض أن نمر من تلك المنطقة وكل من الطرفين كان بإمكانهم القيام بتلك العملية، بالطبع كنت أخاف بعض الشيء، لأنه تم إحياء وضع مشابه من قبل في عملية استشهاد الرفيق محمد قره سونغور وابراهيم بلكين، فهما استشهدا عندما قاما بمداخلة الحرب التي كانت دائرة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، أي كان بإمكانهم تكرار العملية نفسها مرة أخرى، لهذا السبب كانت خطرة جداً، عقدت الكثير من اللقاءات ونتيجة تلك اللقاءات توصلنا إلى اتفاق وعندما توصلنا إلى اتفاق اقترحوا بأن نقوم بالذهاب إلى مسعود البرزاني لكي أوقع الاتفاق معه، ذهبنا وانتظرنا أن يأتي الاتفاق كي نوقعه إلا أنهم تحججوا بأن هناك عطل تكنيكي لهذا السب قالوا سوف نرسله مع داوود باغستاني سوف يأتي معك إلى الحدود السورية.
وبعد فترة أتى داوود ومعه بنود الاتفاق وذهبنا إلى ساحة القيادة حينها قال لي مسعود البرزاني أنه وبعد فترة سوف يأتي نيجيرفان إلى ساحة القيادة حينها سيوقعها نيجيرفان مع القائد آبو. قلت بأن هذا سيكون أفضل. وبعد مضي فترة أتى نيجيرفان إلى ساحة القيادة وبعد المحادثات طلبنا من الرفاق أن يأتوا بنص الاتفاق كي يوقعه القائد آبو ونيجيرفان وعندما أتى الرفاق بنص الاتفاق قال نيجيرفان بأنه لن يوقع لأن مسعود البرزاني سوف يأتي بعد فترة ليوقعها كل من مسعود البرزاني والقائد آبو, حينها قال القائد حسناً هذا ليس مهماً. بعدما ذهب نيجيرفان قلت للقائد بأنهم لا يريدون توقيع الاتفاق لهذا السبب يقومون بالمماطلة، حينها قال القائد ليس مهماً إن لم يوقعوا الاتفاق.
فالقائد لم يرَ توقيع الاتفاق أمراً مهماً وبعد مضي فترة أخرى أتى مسعود البرزاني إلى ساحة القيادة وبعد انتهاء الحديث طلبنا من الرفاق إحضار النص حينها قال مسعود البرزاني إن هذه البنود التي اتفقنا عليها قديمة جداً ومن الواجب تحديد نص جديد وبنود أقوى من هذه البنود كي نقوم أنا والقائد آبو بالتوقيع عليها، أي أنه هو الآخر لم يوقع الاتفاق، أي أنهم قاموا بالمماطلة في توقيع الاتفاق، لم يكونوا يريدون توقيع الاتفاق ولم يوقعوه كي لا يتحول إلى وثيقة لدينا، لأن وثيقة من دون توقيع لن يكون لها أية أهمية، ولا يمكن استخدامها أيضاً، أي أنهم لم يريدوا أن يعطونا وثيقة رسمية بهذا الشكل لأنهم لم يكونوا يريدون الاعتراف بشكل رسمي بالقوة التي شكلناها في الجنوب ولو وقعوا الاتفاق فلا يمكنهم معاداتها في المستقبل.