تاريخ حركة الحرية الكردية
تاريخ حركة الحرية الكردية
جميل بايك
أرسلنا بعض القوات إلى باكورى كردستان بعد المؤامرة الدولية التي استهدفت الشعب الكردي في شخصية القائد آبو، بعض من تلك المجموعات وصلت إلى مواقعها والبعض الآخر كانوا في الطريق لم يصلوا بعد إلى مواقعهم ومناطقهم. إلا أنه في تلك الفترة وصلتنا بعض التوجيهات من القائد آبو بخصوص إيقاف الحرب وسحب قوات الكريلا من باكورى كردستان إلى باشورى كردستان. لهذا السبب أرسلنا هذا القرار إلى تلك القوات وجميع القوات التي كانت في باكورى كردستان في السابق، وطلبنا منهم التوجه إلى باشور. لم يعرف الكثير من الرفاق لما اتخِذ هذا القرار، فهذا القرار لم يكن يشمل تلك المجموعات التي تم إرسالها في الفترة الأخيرة فقط؛ إنما شمل جميع القوى والمجموعات التي كانت متواجدة هناك. فهذه التعليمات التي تم إرسالها إلى تلك القوات كانت تختلف عن تلك التعليمات التي تم إرسالها مع المجموعات التي أرسلناها. ففي التعليمات الأولى التي تم إرسالها مع تلك المجموعات كنا قد طلبنا تصعيد العمليات العسكرية أما التعليمات الأخيرة التي أرسلناها فكانت حول إيقاف جميع العمليات العسكرية والتراجع إلى باشورى كردستان. لهذا السبب لم يفهم الكثير من الرفاق ماهو سر هذا التحول، ولأن الاتصال فيما بيننا كان يتم عبر الهواتف والأجهزة اللاسلكية لم نستطع من خلالها توضيح الأمر بشكل جيد لتلك القوات كون جميع أجهزة الاتصال التي كنا نستعملها مراقبة من قبل الدولة التركية. حتى أنه في تلك الفترة ظهر العديد من ردود الفعل بخصوص هذه التعليمات. على سبيل المثال إيالة ديرسم لم تقبل تلك التعليمات التي وجهت إليهم، لم يقبلوا تلك التعليمات ولم يريدوا أن يقبل أحد تلك التعليمات وينفذها. فمن أجل عملية سحب القوات كنا قد وضعنا مخططاً وكان من المفترض أن تتحرك جميع القوات المتواجدة هناك وفقه. إلا أن إيالة ديرسم لم تقبل به، وكانت تتصدى له وكانوا يقومون بالتنظيم والدعاية ضده. حتى أنهم بدؤوا بنشر هذا التنظيم في إيالة أرضروم بعض الشيء سعياً لتوسيع هذا التنظيم في الإيالات الأخرى أيضاً. فهذا العمل كان يشكل خطراً بالنسبة للحركة. المهمة الأساسية لعملية سحب القوات كانت تقع على عاتق إيالة آمد، لأنها كانت تشكل نقطة عبور لجميع الإيالات الأخرى وكان من الواجب عليها أن تضع مخططاً جيداً للتحرك وأخذ التدابير اللازمة. كان جلال شرناخي المسؤول عن تلك المنطقة في تلك الفترة، إلا أنه لم يقم بتلك المهمة بشكل مناسب، لهذا السبب تعرض الرفاق الذين أتوا من الإيالات الأخرى وحتى المتواجدين في تلك الإيالة للعديد من الخسائر. أي أنه لم يقم بالتنظيم اللازم لتفادي هذه الخسائر، ولم يتخذ التدابير اللازمة. عدم تحرك المجموعات وفق مخطط وتنسيق محدد كلف الحركة خسائر بليغة. ففي تلك الفترة قدمت الحركة قرابة 200 شهيداً. استفاد العدو من هذا الوضع؛ فلو تم التحرك وفق مخطط وتنظيم ما كانت الحركة ستتعرض لتلك الخسائر التي تعرضت لها. عانينا بعض الضعف في تلك النقطة، كان من الواجب علينا ألا نتسرع في هذا الموضوع، كان من الواجب أن تتم عملية سحب القوات تلك بالاستناد إلى مخطط وتنظيم مدروس. إلا أنها لم تتم بهذا الشكل، حيث أن الإيالة التي كان جلال شرناخي مسؤولاً عنها عانت من هذا الوضع إلى أبعد الحدود. فالمخطط كان أن تتحرك المجموعات عندما تصل المجموعة التي قبلها إلى المكان المقرر، إلا أنه لم يتم التقيد بهذه النقطة. فالحالة التي تمت معايشتها كانت تفتقد إلى روح المسؤولية وتستند إلى التقرب وفق ردود الفعل، والتي بدورها دفعت الحركة لتعايش وتقدم تلك الخسائر في تلك الفترة. استمرت إيالة ديرسم بموقفها هذا لفترة من الزمن حيث استمرت فيه للمرحلة التي تلت المؤتمر السابع، وعلى الرغم من كل المحاولات التي تمت من أجل إقناعهم بهذه الخطوة إلا أنهم لم يقتنعوا بها ولم يطبقوها على أرض الواقع. فهذا الموقف كان تعبيراً واضحاً عن تصديهم ووقوفهم ضد الحركة. كما أن ذاك الموقف كاد أن يساهم في ولادة أو خلق انشقاق ضمن الحركة لولا حاكمية نهج الحركة. فالعدو كان يسعى إلى خلق وسط شبيه بهذا الوسط من خلال حث بعض المجموعات على التصرف بهذا الشكل كونه كان يراقب معظم أجهزة الاتصالات التي كانت تستعمل في تلك المنطقة. واستناداً إلى هذا كان العدو يخطط للقيام بالعديد من العمليات الاستفزازية باسم الحركة. هذا الوضع دفعنا في المؤتمر السابع لاتخاذ قرار بأن أي عمل أو عملية تحدث في تلك المنطقة لسنا مسؤولين عنها وليس لنا أية علاقة بها وتم إطلاع الرأي العام عليه. فالدولة التركية كانت تسعى إلى هذا كي تصبح لديها ذريعة للضغط واستهداف الحركة. وللحد من تلك المخاطر والاحتمالات اتخذ المؤتمر السابع ذاك القرار. بعد هذا القرار تراجع الرفيق عيسى عن موقفه ذاك وتوجه إلى باشور، إلا أنه استشهد في طريقه إلى باشور، أما حاميلي فاستمر بموقفه لفترة أخرى، ومن ثم تم إقناعه بالتوجه إلى باشور بإحدى الطرق وتم تجاوز ذاك الخطر بهذا الشكل. القرار الذي اتخذه القائد آبو كان قراراً مهماً بالتأكيد. ناقش القائد آبو هذا القرار في عام 1996 إلا أنه لم يطبقه في تلك الفترة، ولكن بعد أسره قام بتطبيقه أي أن يتم إيقاف الحرب وسحب القوات من باكورى كردستان إلى باشورى كردستان، كان يسعى من خلال هذا القرار إلى إفشال المؤامرة الدولية، لأننا كنا نريد توسيع دائرة الحرب أكثر، كذلك الأمر بالنسبة للدولة التركية فهي الأخرى كانت تحضر لمخطط كهذا، فالدولة التركية، بعد أسر القائد آبو، كانت تهدف إلى الضغط على الحركة والشعب بكل ما تملك من قوة. حتى أنها وضعت نصب عينيها ارتكاب المجازر بحق الشعب. لهذا السبب اتخذ القائد آبو هذا القرار لسد الطريق أمام حصول تلك المجازر وإفشال مساعي المؤامرة وإن أمكن إفشال المؤامرة الدولية، وكي لا تحدث أية عمليات استفزازية من كلا الطرفين. لأنه كانت هناك تجربة مرت بها الحركة في عام 1993 ، فلكي لا يتم معايشة وضع شبيه بالوضع الذي تمت معايشته في عام 1993 اتخذ القائد ذاك القرار.
الأمر الآخر كان القائد يطور استراتيجية جديدة، وتم اتخاذ ذاك القرار بالاستناد إلى تلك الاستراتيجية أيضاً، أي أنه اتخذ هذا القرار من أجل تلك الاستراتيجية ومن الناحية الأخرى للحد من حصول تلك المجازر بحق الشعب والكريلا وتجاوز المخاطر المحدقة بالحركة. سخّرنا كل إمكانات الحركة المادية المعنوية من أجل تلك القوات الخاصة التي كنا نسعى إلى تشكيلها وكان ناصر مسؤولاً عن تنظيم تلك القوات الفدائية. أي من حيث تأمين الكوادر النوعية والإمكانات المادية، لأننا كنا نريد تطوير تنظيم هذه القوة، وفي الأساس كنا نسعى إلى تطوير العمليات عن طريق تلك القوات التي يتم تشكيلها. قامت تلك القوات ببعض التدريبات ومن ثم تم تخريج بعض المجموعات. توجه قسم منهم إلى كورجستان إلا أنه تم اعتقال تلك المجموعة هناك قبل أن تقوم بأية عملية، وتم تسلميها إلى الدولة التركية، ومجموعة أخرى توجهت إلى لبنان وهي الأخرى لم تقم بأي شيء ومن ثم تم سحب تلك القوات مرة أخرى، ومجموعة أخرى توجهت إلى تركيا وهي أيضاً لم تقم بالشيء الكثير هناك وتم سحب تلك المجموعة أيضاً. وقد كان هناك مخطط لإرسال بعض المجموعات إلى أوروبا وتم إرسال بعضها إلى دول البلقان إلا أن تلك المجموعات لم تقم بأي شيء في المناطق أو البلدان التي توجهت إليها. على إثر ذلك تم استدعاء ناصر إلى الاجتماع للاستفسار عن سبب عدم قيام تلك القوات بالمهمة الموكلة إليها وما هي المشكلة التي تواجهها. لماذا تم تكليف ناصر بتنظيم تلك القوات؟! لأن الكل كانوا يرون ناصر الشخصية العسكرية بامتياز وهو أيضاً كان يبرز ذاته بهذا الشكل، لهذا السبب تم تكليفه بتنظيم تلك القوات، إلا أنه في الأساس كان قد فقد كل إمكاناته في منطقة آمد وقد اتضح لنا هذا فيما بعد. أي أنه عندما انتقل ناصر من زاغروس إلى آمد وبقي هناك لفترة «قبل المؤتمر السادس » حينها كان منتهياً بالكامل، صحيح أنه كانت هناك انتقادات من الرفاق وانتقادات جدية من القائد للممارسة العملية لمنطقة كرزان آمد، إلا أننا لم نكن ندري أن وضعه قد وصل إلى هذا الحد، فهو لم يكن يظهر هذا الشيء على نفسه أبداً. إلا أنه عندما قدم مشاركة في النقاش خلال المؤتمر السادس لفتت مشاركته انتباه الجميع، والمشاركة كانت حول «حرب سيفرك » حيث كان يخيل للسامع أنه يقول لماذا حصلت اشتباكات سيفرك؟ أي أنه كان يسعى إلى إبعاد هذه الحركة عن نهجها، حتى أن بعض الرفاق وجهوا انتقاداً إلى المشاركة التي قام بها ومن بينهم الرفيق عباس، وانتقدوا المفهوم الذي كان يتحرك به. فهذه المشاركة كانت تعبر عن حقيقته إلا أننا لم ندرك هذا بالشكل التام. أي أن قيامنا بتكليفه بتنظيم تلك القوات الخاصة الفدائية كان لذاك السبب. أي أننا كنا نرى بأنه قادر على تنظيم تلك القوات الفدائية، ولم يكن هناك مهام أكثر أهمية من تنظيم تلك القوات الفدائية في تلك الفترة. كنا نريد القيام ببعض العمليات والانتقام للقائد آبو، إلا أن عدم تطور ذاك التنظيم ضمن الممارسة العملية وعدم القيام بالعمليات ضمن الممارسة العملية وتصفية بعض المجموعات حال دون ذلك، حينها أردنا أن نفهم الموضوع، وتم استدعاء ناصر لتفهم الأمر. بعد ذاك الاجتماع اتضح لنا بأن وضع ناصر منتهٍ، وليست له أية نية في القيام بأي عملية من تلك العمليات التي كنا نهدف لها، وأنه يعزف على وتر آخر. لهذا السبب تمت إقالته من منصبه وتم تكليف بعض الرفاق الآخرين بالقيام بتلك المهمة وبهذا الشكل وصل ذاك التنظيم إلى سوية القوات الخاصة المعروفة الآن. أي أن بداية تنظيم القوات الخاصة كانت بعد أسر القائد آبو مباشرة وكان الهدف منه القيام ببعض العمليات الفدائية في الخارج. عندما طلب القائد آبو سحب القوات من باكورى كردستان إلى باشورى كردستان وإيقاف الحرب حينها عقدنا اجتماعاً لتطبيق هذا القرار، وفق وجهة نظري كان من الواجب علينا ألا نقوم بتطبيق قرار القائد هذا مباشرة، تسرعنا قليلاً في هذا الموضوع، كان من الواجب علينا تطبيق هذا القرار بعض مضي فترة، أي أنه كان من الواجب علينا تصعيد الاشتباكات قليلاً وتقوية قبضة القائد أكثر ومن ثم كان بإمكاننا القيام بتطبيق ذاك القرار. فحسب اعتقادي ونظرتي تسرعنا في خطو هذه الخطوة. لا أقول هذا الآن إنما قلته في السابق أيضاً، حيث أن هذا الكلام موثق في تقريري وهو مؤرشف في أرشيف الحركة، هذه هي نظرتي ولا أعلم إن كانت خاطئة أو صحيحة. فوفق نظرتي لو اُجِّل تنفيذ تلك الخطوة قليلاً أي إلى بداية فصل الشتاء وخلال هذه الفترة لو تم تصعيد الحرب ومن ثم الدخول ضمن تنفيذ تلك الخطوة وفق تصوري كانت سوف تسفر عن نتائج إيجابية أكثر. وبهذا الشكل كنا سنساهم في تقوية قبضة القائد أكثر، وبالتالي ربما كان ذلك سيساهم في تقوية وضع الحركة أيضاً. إلا أننا في هذا المجال تسرعنا وأوقفنا تلك المجموعات التي تم تشكيلها عن تأدية المهام الموكلة إليها. في تلك الفترة لم نفرض أي نوع من الضغط على الرأي العام العالمي، فهذا الوضع كان يُرى من الخارج على أن هذه الحركة لم تكن قادرة على خطو أية خطوة بعد أسر القائد ولهذا السبب طلب القائد إيقاف العمليات العسكرية وسحب القوات وبما أن الحركة في وضع ضعيف فقد لبت نداء القائد هذا مباشرة، أي تم فهم هذا الوضع من قبل الرأي العام بأن هذه الحركة لم تعد لها القوة لدخول أي حرب ضد الدولة بعد أسر قائدها. وبما أنه قد تم فهم هذا الوضع بهذا الشكل لم يتم خطو أية خطوة أو حتى الدخول ضمن مساعٍ لفهم هذا الوضع. فلو دخلنا الحرب في تلك الفترة حتى فصل الخريف حينها كانوا سيدركون بأن هذه الحركة لها القوة وباستطاعتها تسيير الحرب أيضاً. لأنهم كانوا يعتقدون بأن القائد هو كل شيء، وإن تم إبعاد القائد عن الحركة حينها لا يمكن لهذه الحركة أن تقدم على خطو أية خطوة. وتطبيقنا لهذا القرار أي سحب القوات وإيقاف الحرب ساهم في أن يتم فهم الوضع بهذا الشكل. لهذا السبب أتصور بأن تسرعنا كان خاطئاً. أي لو لم نتسرع لما فُهم الوضع بهذا الشكل وربما كان سيساهم في تقوية قبضة القائد أكثر وربما كان سيجبرهم على خطو بعض الخطوات. لهذا السبب أقول بأننا أخطأنا في هذه النقطة. توجهت إلى سوريا بعد المؤامرة الدولية، كانت سوريا مهمة بالنسبة لنا، وكانت حصننا الأساسي، وكان لنا نضال عظيم فيها، وكان القائد يدير الفعاليات في تلك الساحة حتى أسره. بعد أسر القائد بقيت الفعاليات التي كنا نديرها في هذه الساحة من دون إدارة، حتى أنه قد تطورت بعض المفاهيم الخاطئة ضمن كوادر تلك الساحة، كما أن أطرافاً ضمن الدولة سعت لاستغلال أسر القائد آبو كفرصة لفرض حاكميتهم وسلطتهم على فعالياتنا التي كانت تتم في تلك الساحة. حتى أنهم سعوا إلى تطوير تنظيم لإخضاع قاعدتنا الشعبية وكوادرنا لخدمة مصالحهم وفرض السيطرة عليهم. لهذا السبب توجهت إلى تلك الساحة. أعد القائد أساس الكونفدرالية الديمقراطية في حلوان وفق الظروف والمفاهيم المركزية والديمقراطية في تلك المرحلة. وقام في روج افايى كردستان على تقوية هذا الأساس وأوصله إلى سوية تجبر الدولة السورية على القبول به. إلا أن المؤامرة الدولية أعاقت تحقيق هذا ولا سيما أنها وصلت لسوية هامة. حيث خطا القائد خطوات هامة من أجل تطوير هذا الأمر في تلك الساحة. كان من ضمن الأشخاص المكلفين من قبل الدولة بتنسيق العلاقة مع حزب العمال الكردستاني مروان زفكي، كان هذا الشخص يظهر نفسه كتاجر والدولة السورية أيضاً كانت تظهره بهذا الشكل، إلا أنه كان في الحقيقة ضابطاً في الأمن السوري ولم يكن تاجراً، فدولة كسوريا لا تعتمد على تاجر كمنسق للعلاقة مع حزب كحزب العمال الكردستاني، أسلوبهم في التنظيم واستخباراتهم كانت تتم باسم التجارة، كل الاستخبارات في العالم تقوم بتنظيم نفسها باسم التجارة والإعلام، لأنه بهذا الشكل يسهل عليهم التحرك والدخول إلى كل الأماكن التي يريدونها. بكل تأكيد حركة كحزب العمال الكردستاني ودولة كسوريا لا تسير علاقاتهما معاً عبر التجار. كانت الاستخبارات السياسية في سوريا مسؤولة عن العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، وكان عدنان بدر حسن مسؤولاً عنها، هذا الشخص هو الذي أفقد رفعت الأسد تأثيره، لهذا السبب كان حافظ الأسد يثق به كثيراً. كان مروان زفكي يفهم القائد آبو بشكل جيد، أي كيف يناضل القائد وإلى أين يريد أن يوصل هذا النضال في تلك الساحة، فالقائد كان يسعى إلى إضفاء طابع رسمي على هذا النضال، لهذا السبب كان يسعى إلى تطوير تنظيم رسمي، لأن الفعاليات التي كانت تتم في تلك الساحة لم تكن رسمية حتى تلك الفترة. الدولة السورية أدركت هذا الوضع، حينها طلب مروان زفكي من القائد تنظيم حركة لإكساب فعاليات حزب العمال الكردستاني في تلك الساحة طابعاً رسمياً، ولكن القائد آبو لم يقبل بهذا الاقتراح في بداية الأمر، ولكن عندما تم طرح هذا الاقتراح في المرة الثانية قبل القائد به وعلى أساس ذلك اجتمع القائد ببعض الوطنيين في إيالة حلب كي ينضموا إلى ذاك التنظيم الجديد. وقد أوضح القائد لهم بأن هذه الخطوة التي سنخطوها باسم «التجمع » ربما تكون مؤامرة من الدولة السورية ضد حركتنا والفعاليات التي نسيرها في هذه الساحة، وهناك احتمال آخر وهو أن الدولة السورية ربما تريد بهذا الشكل حل القضية الكردية ضمن حدودها لأن القائد كان يناضل على هذا الأساس أي حل القضية الكردية في هذه الساحة. كان القائد يريد أن يحول «التجمع » إلى حركة كردية تنضم إلى الجبهة السورية أو التي تسمى بالجبهة الوطنية والتي تضم كل الأحزاب السورية، أي أن ينضم الكرد إلى تلك الجبهة عن طريق تلك الحركة كي تكسب طابعاً رسمياً ضمن الدولة السورية. لهذا السبب كان القائد يضع احتمالين الأول: إن الدولة السورية تريد أي ينضم الكرد إلى تلك الجبهة وتحل القضية الكردية بهذا الشكل ضمن إطار الدولة السورية. والثاني ربما تسعى الدولة السورية من خلال هذا إلى الحد من تطور النضال في هذه الساحة وسعي القائد لإكساب تلك الفعاليات الطابع الرسمي. لهذا السبب طلب القائد من المؤيدين الانضمام إلى هذه الحركة وفي حال ظهر شيء يعيق سعي الحركة إلى تحقيق أهدافها حينها يمكنهم الانسحاب من هذا التجمع.ىوعلى العكس أيضاً أي إن رأينا أن الانضمام يساعد علىىتحقيق الحركة لأهدافها حينها سوف نعمل على إكساب هذهىالحركة الصفة الرسمية. حتى أن القائد آبو كان قد حدد أيّاًىمن الوطنيين المؤيدين لنا سوف ينضم إلى هذه الحركة. أيىالوطنيين الذين تثق بهم الحركة، كي لا السورية من الضغط عليهم والتلاعب بهم. كان من المقرر ىأن يعقد اجتماعاً لإيالة الجزيرة إلا أنه في تلك الفترة حصلت المؤامرة الدولية لهذا السبب اضطر القائد للخروج. في تلك الفترة أي بعد خروج القائد من سوريا قام كل من مروان زفكي وعمر أوسي بعقد بعض الاجتماعات في إيالة الجزيرة. وصرحوا للوطنيين بأن هذا المشروع هو مشروع القائد ومن الواجب عليهم الانضمام إلى هذا المشروع كما فعل الوطنيون في إيالة حلب. إلا أن مؤيدينا في منطقة الجزيرة لم يصدقوا ما قالاه ولم ينضموا إلا بعد أن استفسروا عن الموضوع من الرفاق الموجودين في تلك الإيالة، أي أنهم انضموا إليه على أنه شكل من أشكال تنظيم هذه الحركة. إلا أن كلاً من مروان زفكي وعمر أوسي بعد أسر القائد آبو وعقد الدولة التركية اتفاقية أضنة مع سوريا سعيا إلى استخدام حركة التجمع تلك ضد حركتنا. سعيا عبر تلك الحركة إلى إخضاع قاعدتنا الشعبية في تلك الساحة لخدمة مصالحهم وربطهم بالدولة السورية. ودخلا ضمن مساعٍ عملية على هذا الأساس. المؤيدون الذين أرادوا الانضمام إلى ذاك التحرك انسحبوا بعد رؤيتهم وإدراكهم لمساعي عمر أوسي، لأنهم أدركوا بأن هذا العمل لا يمكن أن يتم بهذا الشكل. بعد الانسحاب طلب كل من مروان وعمر اللقاء بي. التقيت بهم حينها قالوا إن لم تقدموا الدعم والمساعدة لنا أي دفع الشعب للانضمام إلى هذه الحركة حينها لا يمكننا تطوير وإنجاح هذا المشروع، والعكس صحيح أي إن دفعتم الشعب للانضمام إلى حركة التجمع هذه حينها يمكننا تطوير هذا المشروع وإنجاحه، وحينها يمكننا ضم حركة التجمع إلى الجبهة الوطنية السورية وحينها تدخل القضية الكردية ضمن جدول أعمال الجبهة الوطنية وحينها تكتسب القضية الكردية صفة رسمية وسيتم حل القضية الكردية ضمن حدود الدولة السورية. حينها كان رد الحركة بأنها ستقدم الدعم والمساعدة شرط ألا يكون هناك أي نوع من التلاعب، فإذا كان الهدف إنجاح هذا المشروع فسوف نقدم كل الدعم والمساعدة، لا سيما أننا أيضاً كنا نسعى إلى تحقيق هذا المشروع. على هذا الأساس انضم المؤيدون إلى التنظيم مرة أخرى. ولكن فيما بعد وصلنا نبأ بأن هؤلاء يخططون لشيء غير معلوم. وهذا كان أحد الأسباب التي دفعتني للتوجه إلى تلك الساحة في تلك الفترة. لأن التنظيم والنضال الذي خاضه القائد في تلك الساحة كان يتعرض للمخاطر وللحد من تلك المخاطر توجهت إلى تلك الساحة. على ماذا كانت تنص اتفاقية أضنة؟ كانت تنص على العديد من الشروط الصعبة بالنسبة للدولة السورية. والدولة السورية كانت قد قبلت بتلك الشروط الصعبة. فأحد بنود ذاك الاتفاق كان منع حزب العمال الكردستاني من النضال ليس في سوريا فحسب إنما في لبنان أيضاً. وتسليم كل من يتم اعتقاله من كوادر حزب العمال الكردستاني إلى الدولة التركية، منع عمليات انضمام المقاتلين ومنع الحركة من جمع المساعدات والتبرعات في تلك الساحة أي منع حزب العمال الكردستاني من ممارسة أي نشاط في تلك الساحة. والدولة السورية كانت قد قبلت بهذه البنود. وتم تطوير آلية فيما بينهما لفرض المراقبة. ففي الأساس كانت تلك الاتفاقية ضد الدولة السورية بقدر ما كانت ضد نضال وفعاليات حزب العمال الكردستاني. فرضت الدولة التركية من خلال ذاك الاتفاق الاستسلام على الدولة السورية. وقد تم ذلك في شخصية المؤامرة الدولية. فالدولة السورية من خلال ذاك الاتفاق أخرجت نفسها من حرب وشيكة، أي قبول هذه الاتفاقية كان نوعاً من أنواع الدفاع عن الذات بالنسبة لها. استناداً إلى هذا سعينا إلى تنظيم وتسيير جميع فعالياتنا في تلك الساحة باسم التجمع.
عند توجهي إلى سوريا في المرة الثانية التقيت بمروان زفكي، فهو الآخر كان في جولة إلى السليمانية حيث التقى هناك بمسؤولين من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وحتى الميت التركي، كان قد توجه إلى تلك المنطقة عبر إيران. عندما التقيت به في سوريا صرح لي بأنه كان في زيارة إلى السليمانية، إلا أني لم أعر الأمر أي اهتمام، أي لم أستفسر عن سبب زيارته تلك، حينها اعتقد بأني على علم بكل العلاقات واللقاءات التي أجراها هناك، لهذا السبب سألني عن عدم استفساري عن هذا الموضوع أي سبب الزيارة. قال لي: عند توجهي إلى السليمانية رأيت بأن الميت التركي له الحاكمية هناك، والتقيت بهم أيضاً حتى أن الميت التركي هددوني بحجة أني أدعم وأساند حزب العمال الكردستاني، إلا أني لم أقبل هذا التهديد. لماذا تحدث عن هذا الموضوع أمامي؟ لأنه كان يعتقد بأننا على علم بالآلية التي طوروها فيما بينهم عند زيارته لجلال الطلباني ومسعود البرزاني والميت التركي. تحدث لي بهذا الشكل كي لا يكون المسؤول عما سيحصل في المستقبل، وأراد بهذا الشكل أن يظهر نفسه بأنه لا يخفي أي شيء عن الحركة.
اتضح بأنهم كانوا قد عقدوا علاقات مع الميت التركي والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ويخططون لشيء ما. عندما كان من المقرر علي المجيء إلى المؤتمر الثامن كنت سأجلب معي جهاز بث للراديو. وكان من المفروض على مروان زفكي أن يتكفل بأمر إيصال هذا الجهاز من لبنان إلى سوريا. وقبل ذهابي التقيت به حينها قال بعض الأشياء الغامضة لفتت انتباهي كسؤاله عدة مرات هل ستصطحب الجهاز معك؟ وهل السلطات على علم بأنك خارج هذه الساحة؟ فهذه العبارات زادت شكوكي تجاهه. حينها أخبرت الرفاق بأن لا يخبروه شيئاً عن ذهابي حتى خروجي من العراق. انطلقت من سوريا إلى العراق ومنه إلى إيران في اليوم نفسه من دون التوقف في أي مكان. وبعد وصولي إلى طهران بفترة قصيرة جداً طلب الإيرانيون اللقاء بي. فهذا الوضع لم يكن أمراً طبيعياً. بعد أن أنهينا اللقاء طلبوا مني الذهاب مباشرة. فهذه الحركات والتصرفات كانت تشير إلى أن هناك أمراً غير طبيعي. عند وصولي إلى مكان الرفاق في دولا كوكى كان هناك بعض الرفاق وفرهاد أيضاً كان موجوداً. أخبرتهم عن طريقة وصولي إلى هناك وكأنه يتم خطفي سألتهم عن سبب قيامهم بهذا أي التعامل معي بهذه الطريقة وهل لهم علم بشيء. هم أيضاً استغربوا لهذا. وعندما كنت هناك نشرت العديد من الإذاعات نبأ اعتقالي في إيران وتم النشر على أنه خبر مؤكد. في تلك الفترة كنت قد وصلت إلى دولا كوكى. عندما نُشِرت تلك الأنباء حينها أعطيت المعنى لتعاملهم معي بهذا الشكل. ولكني لم أكن أعرف بعد ما هو الأمر وما الذي يحصل. في تلك الفترة كان فرهاد قد أرسل رسالة إلى جلال الطلباني باسمه كي أمرَّ عن طريقهم إلى الجبال. إلا أنهم لم يبعثوا الرد. حيث أنه قبل تلك الفترة كنا قد دخلنا في حالة اشتباك معهم. فالعلاقة فيما بيننا كانت متدهورة ولم تكن كما كانت على الرغم من وجود اتفاق فيما بيننا. والنقطة الثانية كنت قد قلت لجلال الطلباني أنه سياسي عاهر، وهو لن ينسى هذا الأمر مادام حياً. لهذا السبب عندما تسنح الفرصة له سوف يضرب ضربته بكل تأكيد. بعد استفساري عن سبب إرسال فرهاد لهذه الرسالة اتضحت لي معالم الوضع أكثر. خلال وجودنا هناك أرسل جلال رسالة إلى فرهاد يقول فيها بأن الوضع مناسب لأكون الوسيط بينكم وبين الدولة التركية لحل القضية الكردية ومن ضمنها قضية القائد آبو. حينها ناقشنا هذا الموضوع حيث لم يكن هناك وسط بهذا الشكل أي لم يقم أحد بطلب وساطة الطلباني. لماذا يقوم جلال الطلباني بإرسال رسالة بهذا الشكل إلينا؟ ما الذي ينوي فعله؟ لهذا السبب طلبنا من فرهاد إرسال رسالة أخرى باسمه كرد على هذه الرسالة على أن يؤشر فيها إلى أن العمل الذي يسعى إليه أمر جيد ومهم، لهذا السبب ينبغي علينا اللقاء في قرية بستا وحدد له التاريخ. تمت كتابة رسالة ضمن هذا الإطار وتم إرسالها إلى شيخ قرية بستا ليقوم هو بإرسالها إلى جلال الطلباني. ونحن في تلك الفترة كنا نحضر لعقد المؤتمر الثامن. ففترة عشرة أيام كانت كافية لعقد المؤتمر. لأننا كنا قد حصلنا على معلومات بأن الدولة التركية تسعى إلى استهداف المؤتمر وإفشاله وأن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني يساعدها في هذا الموضوع. فإرسال رسالة بهذا الشكل سيكسبنا فترة من الزمن وهي كافية لعقد المؤتمر. لهذا السبب أرسلنا تلك الرسالة. جلال الطلباني كان قد توجه إلى أنقرة ومن هناك توجه إلى سوريا ومن هناك توجه مرة أخرى إلى أنقرة ومن هناك توجه إلى باشور. عندما توجه من أنقرة إلى سوريا كنت في تلك الفترة قد خرجت من سوريا. أي أنه أتى وتقصى الوضع واتضح له بأني لست هناك لهذا السبب عاد إلى أنقرة مرة أخرى. حينها قاموا بتهديد سوريا لتمنع دخولي إلى أراضيها. وكذلك فرضوا ضغوطات على إيران لإغلاق هذا الطريق أيضاً. كما أن الدولة التركية كانت قد أرسلت مجموعة إلى مطار طهران للقبض علي في حال ذهابي إلى إيران بالطائرة. كانوا يعتقدون عندما بثوا نبأ اعتقالي في طهران بأني ما زلت في العراق. أي أنهم اعتقدوا بعد أن أغلقوا طريق سوريا إيران بأنه لا يمكنني التوجه من سوريا إلى إيران وسيبقى أمامي طريق واحد عبر العراق لا سيما أنه كانت هناك تلك الرسالة التي بعثها فرهاد لجلال الطلباني، وعند استخدامي هذا الطريق سوف يتم القبض علي بكل تأكيد، لهذا السبب نشروا ذاك النبأ في تلك الفترة. بالطبع لم أعلم لماذا قام فرهاد بكتابة تلك الرسالة حتى الآن. كما أنني حتى الآن لا أعلم ما الذي كانوا ينوون فعله في تلك الفترة. حتى أني لا أعلم إن كان قد قام بكتابة تلك الرسالة بشكل مقصود أم بشكل عفوي. وماذا كان هدفه. إن فشل محاولتهم في اعتقالي كان نتيجة التجربة التي استخلصتها من المؤامرة الدولية التي استهدفت القائد آبو. والنقطة الثانية كانت قول مروان زفكي بأنه قام بزيارة إلى السليمانية والتقى بالميت التركي. فكل هذه الأمور دفعتني لأكون متيقظاً وأتحرك خارج الإطار الذي يرسمونه لي أو الإطار المحدد لي. فهذا كان السبب في فشل محاولتهم اعتقالي في تلك الفترة. تمت معايشة أوضاع بهذا الشكل في تلك الفترة ربما اتضحت بعض ملامحها ولكن العديد من جوانبها الأخرى مازالت غامضة مظلمة.