ثقافة العيش المشترك هي أساس نظام الأمة الديمقراطية
ثقافة العيش المشترك هي أساس نظام الأمة الديمقراطية
هيئة التحرير
منطقة الشرق الاوسط صاحبة ثقافة تاریخیة عریقة، وھذه الثقافة كانت البذرة الاولى لولادة وتطور الاجتماعیة والسیاسة والعلم والمعرفة والمحبة في ھذه الجغرافیا. حیث خطت ھذه الثقافة التي تطورت في منطقة الھلال الذھبي خطوتھا الاولى كثقافة اجتماعیة في موزوبوتامیا مھد الحضارة الانسانیة والتي نسمیھا بمنطقة الشرق الاوسط. فحقیقة ھذه الثقافة لم تكن تستند الى السلطة ولا الظلم ولا الاعتداء، انما كانت ثقافة تستند الى اسس المجتمع الطبیعي. اي كانت ثقافة تساھم في تقویة تماسك المجتمعات والمجمع مع بعضھا وھذا بدوره كان یساھم في تقویة المجتمع. الا انھ مع ولادة المجتمع الطبقي وتحول العلم الى وسیلة للسطلة تم تحریف ھذه الثقافة وابعادھا عن حقیقتھا الى ابعد الحدود. حیث ان تم تحلیل العلوم الاوروبیة في یومنا الراھن بالشكل الجید حینھا بامكاننا ادراك ومعرفة الحقیقة الجوھریة للمجتمع الطبیعي. لماذا؟ لان حقیقة تحلیلاتھم بعیدة كل البعد عن حقیقة ھذا المجتمع. یتعتبرون بان كل شيء یبدا من أوروبا كالعلم والحضارة وغیرھا من الامور. فمثل ھذه التحلیلات والنظریات تدفع الى تجزئة المجتمع وصون السلطة. فان عدنا الى التاریخ والقینا نظرة الیھ نرى بان الانسان اي البشریة امضى ٩٨ ٪ من عمرھا ضمن المجتمع الطبیعي بالاستناد الى ثقافة ذاك المجتمع المستند الى الاخوة والمحبة والسلام والعدالة والمساواة، وامضى ٢٪ من عمرھا ضمن المجتمع السلطوي. انطلاقا من ھذا ان قمینا التاریخ بالشكل الصحیح حینھا نصل الى نتیجة الا وھي ان مثل تلك النظریات تعني انكار التاریخ. معظم تحلیلات علوم الاجتماع الاوروبیة تستند الى ان الفلسفة والعلم وتاریخ المجتمعات بدات من یونان. الا انھ ھذه النظریة تعني في حقیقة الامر انكار حقیقة التاریخ، لان جمیع فلاسفة یونان درسوا في المدارس التي كانت موجودة في مصر التي تقع في منطقة الشرق الاوسط، فالطب والریاضیات والفلسفة دُرست في المدارس المصریة في البدایة ومن ثم سعوا الى تطویرھا بتوحیدھا مع خاصیتھم في أوروبا. فالنقطة الأساسیة ھي انھا بدات من منطقة الشرق الأوسط مھد الحضارة. لھذا السبب ینبغي تحلیل التاریخ من جدید، وان نتطرق الى المجتمع كتاریخ وان نوحد التاریخ مع علم المجتمع.
اذا ینبغي علینا تصحیح نظرتنا للتاریخ من جدید، وكذلك نظرتنا الى السیاسة والطبقات والدولةواعادة تحلیل المجتممع من جدید. لان الشيء الذي تم انكاره ضمن ھو الاجتماعیة بحد ذاتھ وھو الذي یتم انكاره ضمن تاریخ الانسانیة من قبل علوم الاجتماع الاوروبي. فھو یركزعلى كیفیة قیام المواطن بتادیة واجبھ تجاه الدولة، فھو لا یتطرق ابدا الى ماھیة الخدمة التي ستقدمھا الدولة للمواطن، اي یركز على كیفیة دفع وحث المواطن لعبادة الدولة.
ما ھو المقصود من اعادة تحلیل علم المجتمع والتاریخ؟ ھو ان نقوم بتحلیل التاریخ على ان لھ منبع، ویجري كنھر للحضارة، فلا یمكن الفصل بین الازمان، فان تم الفصل بین المراحل التاریخیة حینھا یتم فصل الزمن عن بعضھا البعض وھذا غیر ممكن. فكیف للثقافات تاثیر على بعضھا البعضوكیف ان الاطروحة والاطروحة المضادة تخلق اطروحة جدیدة او تركیبة جدیدة وكیف ان تاثیر الثقافات على بعضھا ساھمت في ولادة ثقافات جدیدة؛ علینا ان ایضا تحلیل التاریخ ضمن ھذا الاطار ایضا. فجمیع الثقافات عاشت مع بعضھا البعض ولم تنكر احداھا الاخرى. اي ان لا یتم تحلیل التاریخ او التطرق الیھ او الى مرحلة معینة منھ منفصلا عن المراحل التي سبقتھ او التي تلتھ. فمعظم العلوم الاجتماعیة التي تدرس في الدول لاستناده الى السلطة تقوم بالتطرق الى التاریخ كمراحل منفصلة عن بعضھا البعض. لان وحدة المجتمع وتماسكھ وتكاملھ لا تخدم مصلحة السلطة، لھذا السبب تسعى على الدوام الى فرض التجزئة والتفرقة على كل شي على التاریخ والمجتمع والخ. استناد الى ھذا ینبغي علینا تجاوز تلك الاراء والتحلیلات والنظریات التي فرضت على المجتمع ضمن ھذا الاطار، لانھ من دون ذلك لن نستطیع الفرار من خدمة او التشبھ بالنظام الراسمالي في اي عمل او نضال او نظریة نقوم بطرحھا. فخیر مثال ضمن ھذا الاطار ھو عدم قدرة جمیع حركات التحرر الوطني والاشتراكیة المشیدة والحركات الدیمقراطیة الاجتماعیة في اوروبا على الفرار او النجاة من خدمة مصالح النظام الراسمالي، والسبب یعود الى عدم صحة تحلیلاتھم للتاریخ ولیس لعدم سعي ومطالبة الاشخاص الذین قاموا بتللك الثورات بالحریة والعدالة والمساواة والدیمقراطیة التي تعتبر من اسمى المطالب والحقوق الانسانیة واقدسھا. انما ابدوا نضالات وقدم بدائل كبیرة وعظیمة وسطروا اروع ملاحم البطولة حیث استشھد الملایین من الاشخاص وقدموا ارواحھم في الثورة البلشفیة في سیبل تلك المطالب السامیة.
فالنظرة الخاطئة للتاریخ یدفع الى تحدید والاستناد الى فكر وایدیولوجیة وتحلیلات خاطئة؛ وبالاستناد الیھ بكل تاكید سوف تكون النظریات المطروحة خاطئة والتي تؤدي لان تكون الممارسة العملیة خاطئة ایضا. لھذا السبب ینبغي تصحیح الاخطاء التي تم ارتكابھا حیث یمكن التطرق الى جمیع مرافعات قائد الشعب الكردي السید عبدلله اوجلان اي الاستناد الیھ لتصحیح تلك الاخطاء واعتباره خیر مرجع في ھذا الموضوع. الحقیقة التي كانت سائدة في السابق اي خلال المجتمع الطبیعي ووبدایات ظھور الدولة كان من الصعب فصل المجتمعات عن بعضھا وكانت الثقافات تحیا مع بعضھا بشكل متكامل ویساھمان في اغناء المجتمع واكسابھا تنوعا وجمالا. الا انھ عند النظر الى الوضع الذي یتم معایشھ الیوم نرى بان الدول تسعى الى ابراز الشعوب؛ تلك الشعوب التي كانت تعیش في حالة من التاخي والسلم الاجتماعي وتشاركوا في الحیاة معا والتي لم تكن قادرة على العیش منفصلا عن بعضھم كعدو للاخر. فمعظم دول العالم -حیث انھ من الخطاء القول بان الدولة تمارس السیاسة- تسییر سیاساتھا بھذا الشكل اي بھدف فرض سلطتھا وھیمنتھا تسعى الى خلق التفرقة والتجزئة والنعرات والصراعات والعداء فیما بین المجتمعات. فلا یمكن للنظام الراسمالي ولا لاي نظام سلطوي صون صیرورتھ وخلق نظامھ وتطویره والصمود من دون اختلاق الازمات والصراعات. لھذا السبب مع تطور الدولة بدانا نتعرف على الحروب والمجازر والابادات، حیث لم تشھد اي مرحلة من التاریخ مجازر وابادات ارتكبت بحق الانسانیة كالتي تمت في عھد النظام الراسمالي والدولة القومیة. السلطة لا تعني الادارة انما تعني تراكم راس المال فالسلطة لا تعني الادارة انما تعني تراكم راس المال. لھذا السبب ینبغي علینا ان لاندخل في ھذا الخطا في ھذا الموضوع، لماذا؟ فعندما نقول بان السلطة تعني تراكم راس المال، نقصد انھ یتم انتھاش المجتمع وتحطم قیمھ الاجتماعیة بقدر زیادة الربح وبقدر زیادة الفائدة. فالسلطة تستند الى سرقة قیم المجتمع وتستغل سیاسة المجتمع لصالحھ وتعمل على افقاد المجتمع من الاخلاق. فان تم الملاحظة ان نشوء الدولة اي ظھور مصطلح الدولة لم یكن علمیا انما ظھر كمصطلح الاھي، اي ممثل الاه على الارض. حیث یصف قائد الشعب الكردي السید عبدلله اوجلان ھذا بھذه الجملة ان كانت الدولة تمثل الالھ فالقومیة ھي » حیث یقول فان تم تحلیل ھذه الحقیقة بالشكل المناسب .« دیانتھا نرى بان الدولة القومیة كي تستطیع خضع المجتمع تحت سیطرتھ ووفرض حكمھ علیھ اختلقت الصراعات والازمات واستنادا علیھا فرضت سیاسة تجویع على المجتمع كي تكون المجمتعات في حاجة دائما الى الدولة، وابراز ذاتھا من خلال ممارسة السیاسة ومنع السیاسة على المجتمع. لان الدولة لا تستطیع فرض ھیمنھا وحاكمیتھا على المجتمع من دون القیام باحتكار السیاسة لذاتھا وتفسیخ الاخلاق الاجتماعیة الستندة الى قیم المجتمع الطبیعي الدیمقراطي ضمن المجتمع. وبرز ھذا الاستعمار باولى اشكالھا من خلال الممارسات التي فرضت على قیم المراة. فجمیع الدول التي تعتبر نفسھا الاكثر تطورا والاكثر دیمقراطیة والاكثر تحضرا تحوي على بیوت الدعارة، لماذا؟ فھي من خلال ھذه البیوت لا تعمل على استغلال جسد المراة من الناحیة البیولوجیة فحسب، انما تعمل من خلالھا على تفسیخ الاخلاق الاجتماعیة ضمن المجتمع وھذا بدوره یحطم المتانة والعلاقات الاجتماعیة ضمن المجتمع. اي یسعون الى القضاء على المجتمع في شخصیة المراة وتھییج المفھوم الذكوري ضد الانسانیة. لان ھذه الممارسة التي تتبعھا الدولة تؤدي الى تفسخ الاخلاق الاجتماعیة. فالاخلاق الاجتماعیة كما یعرفھا قائد الشعب الكردي السید عبدلله اوجلان ھو الاسمنت الذي یصون ویخلق تماسك المجتمع ویكسبتھ المتانة. فمن خلال القضاء على ھذا الاسمنت او ازالة ھذا الاسمنت من ضمن المجتمع یتم القضاء على جمیع العلاقات الاجتماعیة الموجودة ضمن المجمع ویتم ابعاد المجتمع عن حقیقتھ.
لھذا لانصادف تلك القیم الاجتماعیة المستندة الى القیم المعنویة ضمن المجتمع انما علاقات اجتماعیة تستند الى المادة والمال والربح. فبھذا تم تحطیم او القضاء على التنوع الثقافي والعلاقات الاجتماعیة المبنیة على التاخي والعدالة والمساواة فیما بین الشعوب. فالسؤال الذي یطرح نفسھ ھنا ھو لماذا تحطمت القیم الاجتماعیة وتلك العلاقات الاجتماعیة التي كانت تصون تماسك وتكسب القوة للمجمتمع مع ولادة الدولة؟ لان نموذج الدولة القومیة لیست ولیدة منطقة الشرق الاوسط، فنموذج الدولة القومیة ھي ولیدة كل من انكلترا وھولندا، فھذا النموذج بقي غریبا عن قیم الاجتماعیة للمنطقة، كأن یقوم الفرد باكساء منطقة الشرق الاوسط بكساء غربي، فلیس لھ ایة علاقة بثقافة منطقة الشرق الأوسط وبعیدة عن حقیتھا. فمنطقة الشرق الاوسط صاحبة غنى ثقافي كبیر، ففي ھذه المنطقة تطورت ثقافتین تطورتا كعرقین اساسیین، وھما العرق السامي والعرق العرق الاریان كانوا یھتمون بالزراعة اما » ، الاریاني فتوحد « العرق السامي كانوا مھتمین بالزعي والتجارة ھاتین الثقافتین مع بعضھا البعض في الاساس كان لھما دور كبیر في تطور الحضارة في المنطقة بسبب تاثیرھا على بعضھما. فھاتین الثقافتین كانت في حالة سلم اجتماعي فیما بینھم بالرغم من التناقضات التي كانت تظھر فیما بینھم، اي ان تلك التنقاضات بین تلك الثقافتین لم تصل الى حالة من العداء كما ھو الحال الان. فالدول القومیة ھي التي حطمت العلاقات الاجتماعیة التي كانت موجودة ودقع لان یقوم العرب والكرد والفلسطیین والاسرائیلیین بمحاربة بعضھم البعض، ولا سیما تسعى الى صون استمرایة ھذه الحرب بشكل مستمر لضمان اسمراریة نظامھا وھیمنتھا كما ذكرت انفا. لھذا السبب ینبغي علینا التركیز على موضوع اخوة الشعوب بالشكل الجید. التعصب الفكري ھي التي تحد من تطور ذھنیة وثقافة تستند الى اخوة الشعوب ضمن المجتمع ولادة كل الثورات الاجتماعیة كانت كانطلاقة لمقاومة قیم المجتمع الدیمقراطي ضد السلطة والدولة، حیث ظھرت عبر التاریخ على شكل میثولوجیا واشكال دینیة واشكال علمیة وفلسفیة، الا انھا حرفت عن مضمونھا بتوحدھا او وصولھا للسلطة. ففي الحقیقة یمكن اعتبار جمیع الثورات التي ظھرت على مر تاریخ الانسانیة ھي ثورات اجتماعیة اخلاقیة، لماذا؟ لماذا ظھرت ھذه الثورات؟ ماھي سبب ظھور ھذه الثورات الاجتماعیة والاخلاقیة؟ فاحدى أسباب ظھورھا ھي تفسخ الاخلاق ضمن المجتمع، لانھ تم تحطیم العلاقات الاجتماعیة التي كانت تساھم في تماسك المجتمع ومتانتھ، لانھ تم القضاء على القیم الدیمقراطیة لھذه الاسباب ظھرت تلك الثورات، حیث برزت نفسھا بشكل میثولوجي فلسفي وبرزت ذاتھا في یومنا الراھن بالشكل العلمي، وبرزت نفسھا في مرحلة الدیانات عن طریق الأنبیاء وكما برزت كمقاومة المراة والاحرار في الجبال والسھول ضد السلطة المفروضة علیھا. فھذه القیم مرتبطة ببعضھا البعض لانھا قیم كونیة، ولیست عائدة لمجتمع ما فقط. فان قمنا الان بتحلیل حركة الحریة الكردیة وقائد الشعب الكردي حینھا سوف نرى بانھا تمثل مقاومة المجتمع الدیمقراطي النیولوتي، ویمكن تحلیلھا كمقاومة سیدنا محمد ضد الجھالة وكمقاومة سیدنا عیسى ضد ظلم روما وكمقاومة موسى ضد ظلم فرعون وكمقاومة سیدنا ابراھیم ضد نمرود.
فالمقاومة التي یبدیھا الشعب الكردي ھي مقاومة ضد الفراعنة الجدد والنماردة الجدد، وھو نضال ضد السلطات التي جلعت من انفسھا الھة على الأرض. أي انھ لا یمكن فصل المقاومة التي تبدى الیوم تجاه النظام السلطوي بجمیع اشكالھ عن تلك التي كانت تبدى في بدایات التاریخ لانھ استمرار لذاك المیراث المستند الى قیم المجتمع الطبیعي الدیمقراطي.
انطلاقا من ھذا یمكن القول كیف ان النظام الذي كان یفرضذاتھ ومایزا كان نظاما كونیا فان المقاومة التي كانت وما تزال تبدى ضده كونیة ھي الاخرى. فتحلیل علم الاجتماع الاوروبي یقوم بفصل ھذه المراحل عن بعضھا البعض وكانھ تم اكتشاف شي جدید. فافدح الاكاذیب والمغالطة الذي یقوم بھ علم الاجتماع الأوربي ھو انھ یتطرق الى الدولة على انھا ظھرت في العصر الراسمالي، الا ان اول الدول تشكلت في عھد السومریین واول مدینة نشات كدولة ھي اوروك والمعروفة الیوم بالعراق. فان لم نقم بتحلیل دولة اورك بالشكل الجید لا یمكننا تحلیل الدولة الامریكیة في یومنا الراھن. فان قمنا بتحلیل ترابط التاریخ بھذا الشكل حینھا یمكننا التطرق الى التاریخ بالشكل الصحیح. ولكن ان جعلنا انفسنا بدایة ومركز كل شيء حینھا سنقوم بانكار التاریخ ونحطم الترابط التاریخي الموجود وندخل في مغالطات كبیرة. الشيء الواجب تطویره في ھذه المرحلة؛ ھو تطویر تلك الثقافة التي كانت موجودة سابقا ضمن المجتمع البعیدة وغیر المستندة الى السلطة التي تتخذ من اخوة الشعوب اساسا لھا. الا انھ من اجل ھذا ھناك بعض العوائق التي تعیق تحقق ھذا فالتعصب القومي، او التعصب الدیني او التعصب الفكري ھي التي تحد من تطور ذھنیة وثقافة تستند الى اخوة الشعوب ضمن المجتمع. لذا علینا قبل كل شيء من اجل تطویر ھذا التاخي والاخوة ضمن المجتمع تحریر انفسنا من ھذه الذھنیة، اي تلك الذھنیات التي تكونت وتشكلت ضمن اطار الدولة والسلطة والتي لیست لھا ایة علاقة بالطبیعة الحقیقة للانسان، انما تشكلت یبد السلطة والحكام الذین اظھروھا كشعارات مقدسة. والتي تتمحور ضمن اطار الوطن المقدس والعلم المقدس وعلى المواطنین على الدوام القیام بتادیة واجباتھ تجاه وطنھ من الدفاع والحمایة. فمثل ھذه المماراسات وفرض لمثل هذه السیاسات التي تخدم مصالح الفئة الحاكمة خلق تناقض دائم فیما بین الفئة الحاكمة والفئات الاخرى من المجتمع. فالدولة القومیة سعت الى ابراز ذاتھا على الدوام من خلال اطلاق شعارات تبرزھا على انھا مقدسة على المجتمع كالعلم الواحد واللغة والواحدة والثقافة الواحدة والتي بدورھا تھمش دور المكونات الاجتماعیة الأخرى التي یتشكل منھا النسیج الاجتماعیة للدولة.
فبصدد المرحلة التي نحن بصددھا ینبغي علینا تحطیم ھذا الوضع وذلك من خلال استراجاع او العودة الى علاقاتنا التاریخیة واحیائھا، اي ینبغي علینا العودة الى تلك العلاقات الاجتماعیة التي كانت موجودة قبل نشوء الدولة القومیة، وینبغي ان یكون الحل الذي سنقوم بتطویره ضمن اطار التحرر من ذھنیة الدولة القومیة، وذلك بالوصول الى ادراك ان الدولة لا تعني الحریة، والسلطة لا تعني الحریة. لان النظریة الشائعة بین الجمیع ھي ان السلطة تعني الحریة والدولة تعني الحریة وتم اجبار المجتمع على قبول ھذه الثنائیة، أي بات المجتمع مقتنعا انھ من الواجب علیھ ان یكون سلطویا او عبدا لیكون حرا او لیصل الى حریتھ. وھي التي ساھمت في ان یفقد ویھدر المجتمع لكل قدراتھ وطاقاتھ ضمن ھذا الاطار. فلیس لھذه الثانیة ایة علاقة بالمجتمع. تم طرح تلك الثنائیات من قبل السلطویین لھدر طاقات واستنزاف قدرات المجتمع كي لا یتمكن الاخیر من رؤیة حتى ولو جزءا من حقیقتھ التي تم ابعاده عنھا.
فجمیع مرافعات قائد الشعب الكردي تتمحور حول كیفیة تحظیم وتجاوز ھذه الثنائیة. فكل الھجمات التي یتعرضلھا القائد ابو في یومنا الراھن وسبب المؤامرة الدولة التي احیكت ضده كلھ نابع في قیامھ بكشف تلك الحلقة والفخ الذي كانت تقع فیھا جمیع الحركات الثوریة، اي ان الانسان لا یتحرر لا بالسلطة ولا بالعبودیة، انما الانسان یتحرر بالاستناد الى دینامیكیة المجتمع، وعندما یستطیع المجتمع من ادارة نفسھ بنفسھ.
فمثلا في روج افا بدات ثورة، فان ارادنا تطویر وخلق ھذه الاخوة بین الشعوب والثقافات ینبغي علینا تشكیل ادارة اجتماعیة تضمن حقوق جمیع الشعوب الموجودة في المنطقة، اي ینبغي على الكل احترام عقیدة وثقافة الاخر، فبھذا الشكل فقط یمكن خلق او انشاء اخوة بین الشعوب في المنطقة. فان تم التقرب وفق او على اساس العنصریة السابقة التي كانت الدول تتقرب منھا، ستساھم في ولادة الصراعات والحروب وتعمقھا اكثر، وسیتم ارتكاب المجازر والابادات. فالثورة السوریة مثلا لعدم استنادھا الى مشروع یحقق اخوة الشعوب ویحقق نظام دیمقراطي حقیقي لسوریا، ساھمت في تحریف مسار الثورة وتعمیق الازمة وخلق حرب طائفیة مذھبیة، لان الشيء الذي كانوا یریدون من تلك الثورة ھي السلطة ولیس احلال نظام دیمقراطي یحقق ویضمن حقوق جمیع مكونات المجتمع الذي یشكل النسیج الاجتماعي للمجتمع السوري. الا ان ثورة روج افا ومن خلال مشروعھا الدیمقراطي المستند الى العدالة والمساوة والتاخي فیما یین مكونات المجتمع بات یمثل الثورة السوریة الحقیقیة من اجل الحریة وباتت تمثل امل الشعب السوري الذي انتفض في المناطق السوریة الاخرى كحمص وحماة ودرعا. استناد الى ھذا علینا ان لا نقع في نفس الاخطاء التي وقعت فیھا الحركات والثورات الاخرى على مر التاریخ وعلینا استنباط الدورس والعبر من تجاربھم.
حیث ان جمیع الثورات التي قامت بعد وصولھا الى السلطة انحرفت عن مسارھا وسرقت من اصحابھا الاصلیین، حیث تم تعرف الثورة الفرنسیة التي قام بھا الكادحین والفلاحین والفقراء في عام ١٧٨٩ بالثورة البرجوازیة وتم اعدام من قاد تلك الثورة بالمقصلة بعد عدة اعوام من وصول الثورة الى ھدفھا. كما ان الدیانة المسیحیة ایضا عندما تحولت الى الدیانة الرسمیة في البلاد وكسبت شرعیتھا، شكلت محاكم التفتیش حیث قامت ھذه المحاكم بحرق الكثیر من العلماء والحكماء.
اذا عندما تتحول الفكر الى سلطة لایمكنھا النفاذ من مسنناتھا مھما كانت تحرریة ومھما كانت تنادي بالعدالة. وكذلك الامر بالنسبة الى الثورة الروسیة ھي الاخرى لم تستطیع الخلاص من مفھوم السلطة والتي دفعت الى انھیار الاتحاد السوفیتي بعد مضي أعوام قلیلة .
اذا ینبغي علینا ان نعلم ان السلطة لا تجلب الحریة، كما انھ على المجتمع ان یدرك ھذه الحقیقة بالشكل الجید، فكل من یسعى الى السلطة وتطویر السلطة مھما كان ینادي باسمى الاھداف فھو في حقیقة الامر معادي للحریة والدیمقراطیة وضدھا. فلا یمكن ان ینوجد كل من الدیمقراطیة والحریة مع السلطقة في مكان واحد. لان الدیمقراطیة والحریة تستند الى الاحترام الاجتماعي والعلاقات الاجتماعیة والاخوة والوحدة والتكامل فیما بین الثقافات والشعوب على نقیض السلطة والدولة.